إنَ دين الإسلام هو المنهج الأعظم الذي يحتوي على الأسس الشرعية لنجاح الفرد والأمة في شتى مناحي الحياة. ومن الأسس الشرعية تحمل المسؤولية والمشاركة في بناء المجتمع الإسلامي، فكل فرد في الإسلام له حقوق وواجبات، ومن الواجبات التي يتكفل بها المسلم العناية الكاملة لمن يقوم برعايتهم، فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُم مَسْؤُولٌ عَن رَعِيَّتِه، الإِمامُ راعٍ ومَسؤُولٌ عنْ رعِيَّتِه، والرَّجُلُ راعٍ في أهلِه وهو مَسْؤُولٌ عن رعيَّتِهِ، والمرْأةُ راعِيةٌ في بيتِ زوجِها ومَسْؤُولةٌ عن رعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سيِّدِه ومَسْؤُولٌ عن رعيَّتِه. قال: وَحَسِبْتُ أنْ قدْ قال: والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْؤُولٌ عن رعيَّتِه، وكُلُّكُم راعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِه" (رواه البخاري). وفي هذا الحديث الشريف قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتوضيح معنى المسؤولية عن الرعية بالأمثلة البليغة، فكل مسلم في موقعه راعٍ ومسؤول عن رعيته، فالحاكم مسؤول عن كل فرد في رعيته فوجب عليه تطبيق شريعة الله تعالى، ومنع الفساد والفجور ونصرة الضعفاء ورد الحقوق لأصحابها، والرجل راعٍ في أهله فيجب عليه تربية الأبناء تربية سليمة ترضي الله تعالى ومعاملة الزوجة المعاملة الحسنة التي أمر الله سبحانه بها ووصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمرأة راعية في بيت زوجها تقوم على راحته وراحة أبنائها وتعلمهم الفضيلة وتكرس في نفوسهم بغض الرذيلة، والخادم راعٍ في مال سيده فيحفظ الأمانة ويتجنب كل وسيلة تفضي إلى الخيانة، والرجل راعٍ في مال أبيه فيحفظ حقوقه ويسارع إلى البر به ومساندته والوقوف إلى جواره. وهذا النهج العظيم ينطبق على الصغير وعلى الكبير فالطالب مسؤول عن نجاحه فيتفوق ويتميز لكي يساعد الأمة على النهوض، والعامل مسؤول عن إنتاجه فيكرس وقته لإتقان العمل وحسن الأداء، والمعلم مسؤول عن تلاميذه فيعلمهم ويرشدهم ويكون سبباً في نجاحهم، وزيادة وعيهم بأمور الدين والدنيا، ورئيس العمل مسؤول عن حسن سير العمل وحفظ الحقوق وحل مشاكل المرؤوسين. أخي المسلم وأختي المسلمة كلَُ منا له دوره في المجتمع المسلم، ولا ينبغي لأحد أن يخلَ بهذا الدور حتى لا تتسع رقعة الجهل وينتشر الفساد، فإن قصر الآباء في المسؤولية تعرض الأبناء لأخطار شتى، وإن قصر المعلم في رسالته نشأ جيل منغمس في غياهب الجهل، وإن قصر العامل في الإنتاج ورفع كفاءته تعرضت مواردنا المالية للضمور، فكل فرد في الأمة الإسلامية عليه أن يقوم بتطويع الإمكانيات والمؤهلات في كل مكان كراعٍ مسؤول عن رعيته، فالمجتمع المسلم ينهض بتميز الفرد ونجاحه ومشاركته في نجاح إخوانه فعلينا أن نسعى لتعليم الغير والسعي الدؤوب لنشرالخير.