بعد 67 عاما من التهجير فلسطنيون يشاهدون بلداتهم عبر المناظير لا يصدّق المسنّ الفلسطيني عبد الفتّاح البربراوي (78 عاما) أنه تمّكن من رؤية أطراف قريته الأصلية بربرة التي هاجر منها قبل 67 عاما بواسطة مناظير عسكرية أتاحتها كتائب الشهيد (عزّ الدين القسّام). أتاحت القسّام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، للمئات من الفلسطينيين باستخدام تلك المناظير (مناظير للاستخدام العسكري تتيح لمستخدمها مشاهدة الأماكن البعيدة بصورة أوضح وأدقّ) لرؤية البلدات والقرى الفلسطينية المحتلّة عام 1948 المحاذية لشمال قطاع غزّة. وكاد العجوز البربراوي يذرف دموعه بينما كان يمسك بالمنظار المقرّب ويشاهد المستوطنات والأراضي الزراعية التي حلّت مكان قريته الأصلية بربرة، وهي تبعد عن أقصى شمالي قطاع غزة نحو 17 كيلومترا. ويقول البربراوي بعد أن انتهى من مشاهدة بلدته إن (مشاهدة أطراف قريتي جددت لدي الأمل بالعودة إليها، ورؤية تلك المستوطنات أشعرتني بمدى الظلم والقهر الذي تجرعناه على مدار 67 عاما)، ويضيف: (ما زلت أملك مفتاح منزلي ووثائق ملكية لعشرة دونمات في بلدتي بربرة، حصلت عليهم من والدي وسأعطيهم لأبنائي وأحفادي، فعودتهم لقريتهم باتت قريبة طالما أن هناك جنودا فلسطينيين يقاتلون من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال). وعلى مقربة من البربراوي، كان المسن الفلسطيني سليمان شعبان (76 عاما) يجلس على صخرة صغيرة تبعد كيلومترا واحد عن الحدود بين شمال قطاع غزة والاحتلال، منتظرا دوره لاستخدام أحد المناظير لمشاهدة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1948. ويقول شعبان وهو لاجئ فلسطيني من قرية (الجية) التي تبعد عن غزة نحو 20 كيلومترا، (جئت إلى هنا لأشاهد بلدتي التي ولدت فيها فما زلت رغم كبر سني أملك أملا قويا بالعودة إليها في وقت قريب). * استعادة المعاناة وأشار شعبان، الذي كان يرتدي الثوب الفلسطيني التقليدي، بيده إلى نقطة بعيدة في الأفق، ويقول لمجموعة شباب في العشرينيات من عمرهم تجمعوا حوله (هناك تقع بلدة الجية وعلى مقربة منها قريتي بربرة وسمسم وبرير). وبعد أن حان دور شعبان في استخدام المنظار العسكري أمعن النظر طويلا في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة المحاذية لشمال قطاع غزة، وبدأ يشير إلى قريته التي هاجر منها خلال أحداث نكبة عام 1948. وروى تفاصيل المعاناة والخوف التي عاشوها بسبب وعورة الطريق والانفجارات الشديدة التي كانت قريبة منهم، والهجمات التي كانت يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القرى والبلدات الفلسطينية. ويُحيي الفلسطينيون في 15 ماي من كل عام ذكرى احتلال أراضيهم عام 1948 وإقامة (إسرائيل) عليها. وتأتي فعالية مشاهدة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة التي نظمتها دائرة شؤون اللاجئين في حماس، بأحد المواقع العسكرية التابعة لكتائب القسام القريبة من الحدود مع شمالي القطاع و جنوب إسرائيل، ضمن فعاليات إحياء الذكرى ال67 للنكبة الفلسطينية، كما تخللها عرض عسكري شارك فيه المئات من عناصر القسّام. وقال مدير دائرة شؤون اللاجئين في حماس عبد اللّه حسونة إن (هذه الفعالية تأتي للتأكيد على الحاضنة الشعبة للمقاومة الفلسطينية وأن الشعب الفلسطيني سيبقى ملتفا حول المقاومة حتى تحرير كامل أرضنا المحتلّة). وأضاف حسونة: (تم إتاحة هذه الفرصة النادرة للمئات من أهالي قطاع غزة لمشاهدة القرى والبلدات الفلسطينيةالمحتلة عام 1948 عبر مناظير خاصة للتأكيد على التمسك بحق العودة ودحر الاحتلال من أرض فلسطين التاريخية). وشارك في الفعالية عدد من قيادات الفصائل الفلسطينية ونواب المجلس التشريعي وعدد من المسنين ولفيف من اللاجئين الفلسطينيين الكبار والصغار الذين توافدوا لمشاهدة قراهم وبلداتهم القريبة من حدود غزة.