* تبرعات المساجد (معلقة) على مشارف شهر العبادة! تشهد معظم المساجد غير المكتملة عبر التراب الوطني وعددها 5 آلاف أزمة حقيقية عقب حرمانها من تبرعات المحسنين بموجب قرار منفرد لوزارة الداخلية بدعوى (جهل مصادر الأموال والتوجس من مآلاتها)، هذا القرار يلقى معارضة شديدة من قِبل فعاليات مختلفة، من بينها أحزاب سياسية وحركات جمعوية، بعدما فجّر غضب جموع المصلين الذين كانوا يُمنّون النفس بإعمار بيوت اللّه، خصوصا وأننا على مقربة من رمضان شهر العبادة والغفران. تسبب قرار وزارة الداخلية القاضي بالتجميد المؤقت لجمع التبرعات عبر مساجد الجزائر في تعطيل عديد مشاريع بناء بيوت اللّه، مما فجّر غضب جموع المصلين، خصوصا وأن هذه الأخيرة تعتمد بصفة كلية على إمدادات المحسنين، يحدث هذا في وقت تتمتع فيه جمعيات غير دينية بحرية كبيرة في جمع الأموال تحت غطاءات كثيرة دون أن تواجه أي عراقيل. وفي السياق، أجرت (أخبار اليوم) اتصالات مكثفة مع لجان مسجدية بالجزائر العاصمة وضواحيها فأكد مختلف المتدخلين أن مساجدهم التي كانت في طور الإنجاز أو التوسعة قبل (القرار الصادم) باتت في حكم (الجمود)، حيث قلّت بها الحركة واستهلكت فيها مواد البناء، فيما يبقى العمال والبنّاءون دون أجور إلى غاية كتابة هذه الأسطر، مما شكّل حرجا كبيرا بالنسبة للجان بعض المساجد غير المكتملة بكل من بوزريعة، برج الكيفان، الشرافة، خرايسية، الأربعاء بالبليدة ومناطق أخرى مجاورة. وفجّر هذا الواقع غضب المصلين الذين أجمعت آراءهم المطروحة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها على ضرورة مراجعة وزارة الداخلية للقرار، خصوصا وأنه يقضي على طموح بعضهم في إعمار المساجد في ظروف ملائمة قبيل حلول شهر العبادة، ومنهم من طالب المصالح المعنية بالتعجيل بإيجاد حلول أو صيّغ بديلة لضمان مواصلة أشغال بناء بيوت اللّه. وبالعودة إلى تبريرات الداخلية للقرار استبعد بعض النشطاء أن تكون مصالح الوزير السابق والمستشار الحالي الطيب بلعيز قد درست عواقبه الوخيمة على المئات من مشاريع المساجد والكتاتيب التي ستتوقف عن الإنجاز بحكم منع جمع الأموال لاستكمال أشغالها، وهو ما سيؤدي إلى توقفها الكلي دون مراعاة إيجاد حلول أو صيّغ بديلة لضمان مواصلة أشغالها، وهو ما جعلهم يناشدون الوزير الجديد نور الدين بدوي العدول عنه. النواب يتحركون يواجه قرار وزارة الداخلية بتجميد تبرعات المساجد معارضة شديدة داخل قبة البرلمان، خصوصا من قِبل الأحزاب الإسلامية. وفي السياق، طلب النائب عن جبهة العدالة والتنمية حسن عريبي من الوزير الأول عبر مساءلة موجهة له التدخل العاجل لإبطال قرار الداخلية بتوقيف جمع التبرعات والسماح بمواصلة عملية جمعها للمساهمة في العمل الخيري بين أبناء الشعب لبناء بيوت اللّه، متسائلا عمّن يتحمل مسؤولية غياب التنسيق بين وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف، خاصة عندما يتعلق الأمر بإصدار قرارات هامة لها علاقة مباشرة بالشعب الجزائري. من جانبه، وجه النائب ناصر حمدادوش، عن تكتل الجزائر الخضراء، سؤالا شفويا إلى وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي حول موضوع جمع التبرعات في المساجد، معتبرا أن قرار الداخلية بتجميد عملية جمع التبرعات في المساجد كان له وقع الصدمة على الشعب الجزائري، خاصة وأن العملية معمول بها منذ حوالي 30 سنة، وهي تستند إلى مرسوم وزاري مشترك يحدّد طريقة جمع التبرعات، حيث يقوم مدراء الشؤون الدينية والأوقاف في الولايات بإيداع طلبات بخصوص ذلك لدى الوالي للترخيص بها، وفق دراسة وترتيب حسب الأولويات، ويقوم الوالي بتحديد هذه المساجد المعنية واليوم المحدّد لجمع التبرعات، وذلك تحت إشراف مديريات الشؤون الدينية والأوقاف وعلم المصالح الأمنية وتقديم الحصيلة وصبّها في حسابات هذه الجمعيات المعتمدة والمطالبة بتقديم تقاريرها السنوية قبل الحصول على أيّ رخصة. ويضيف النائب أنه وبالرغم من صدور المرسوم التنفيذي رقم 13 / 377 الصادر بتاريخ 09 نوفمبر 2013، والذي يتضمن القانون الأساسي للمسجد، والذي ينص في مادته 22 على (أن الذي يتولّى بناء المساجد هي الدولة واللّجان المسجدية والأشخاص الطبيعيون والمعنويون الذين ترخّص لهم إدارة الشؤون الدينية)، والمادة 19 على (أن الإمام هو المسؤول عن عملية جمع التبرعات داخل المسجد، ويمسك سجِّلا خاصّا يقيّد فيه نتائج هذه العملية)، وبالرغم من كون بناء المساجد التي يبلغ عددها 18 ألف مسجد وأكثر من 5000 مسجد في طور الإنجاز يقتصر على جمع التبرعات من المحسنين عن طريق الجمعيات الدينية وفق التنظيم والتشريع المعمول به، إذ يبلغ ما يجمع من التبرعات سنويا حوالي 400 مليار سنتيم، وفق النائب. هذه تبريرات الوزارة فهل من مقتنع؟ وضع وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية إلى غاية يوم الخميس الماضي قبل أن يصبح مستشارا للرئيس الطيب بلعيز النقاط على الحروف فيما يخص قضية منع جمع التبرعات لبناء المساجد، حين كشف أن الوُلاّة مجبرون مستقبلا على إرسال كل طلبات التبرع إلى وزارة الداخلية قبل الإذن بجمعها بما فيها التبرعات التي تجمع من أجل بناء المساجد، وذكر في تصريح للصحافة على هامش الجلسة العلنية المخصصة للأسئلة الشفوية بالمجلس الشعبي الوطني أن (كل الوُلاّة مجبرون على إرسال طلبات التبرع بما فيها تبرعات المحسنين من أجل بناء المساجد إلى وزارة الداخلية للاذن بجمعها). وأضاف الوزير أن الأمر يتعلق بإخطار الوزارة وليس بتوقيف التبرعات ولا يخص (جمع الأموال من قِبل المحسنين لبناء المساجد فقط وإنما بكل التبرعات مهما كانت طبيعتها)، موضحا في ذات السياق أن (التعليمات لم تعطَ بصفة نهائية). وأشار الوزير إلى أن المعلومات المتوصل إليها أكدت بالأدلة والبراهين أن (هناك أموالا كبيرة تجمع من أشخاص غير مؤهلين وتذهب إلى مصادر مجهولة غير تلك التي جمعت من أجلها). وأكد بلعيز بهذا الخصوص أنه تم جمع سنة 2014 ما لا يقل عن 4 ملايير دينار من خلال تبرعات المحسنين، مضيفا أن (القانون يفرض علينا كوزارة الداخلية أن نعرف ما هي طبيعة التبرعات ومن يجمعها وكم هذه التبرعات والى أين تذهب؟). يحدث هذا في وقت نجد فيه أن كثيرا من الجمعيات غير الدينية تتمتع بحرية كبيرة في جمع الأموال تحت غطاءات كثيرة دون أن تواجه أي عراقيل، بل إن كثيرا من الجمعيات تحصل على مساعدات من الدولة ومن عطاءات وهبات متعددة من مؤسسات رسمية وغير رسمية، ما يطرح عديد علامات الاستفهام حول خلفيات قرار وزارة الداخلية.