كم ضاع للمسلمين من حقوق، وكم عانوا من اضطهاد، وكم لهم في رقاب مدعو العدالة والديمقراطية والإنسانية حول العالم من مظالم، وما فلسطين والعراق والصومال والسودان واليمن وسوريا والقرم وقبرص و..... منا ببعيد. وإذا كان المسلمون قد تمكنوا من الإلمام ببعض قضاياهم، ومظلومياتهم، إلا أن كثيرا من حقوقهم ومظلومياتهم لا تزال غائبة عنهم وللأسف، فضلا عن تغييبها إعلاميا لصالح المختلفين معهم عقديا، كما هو الحال في قره باغ وأراضي أذربيجانالمحتلة من إرمينيا المسيحية. فاليوم تمر الذكرى ال23 على احتلال مدينة (لاتشين) الأذربيجانية المجاورة لإقليم قره باغ الجبلية من قبل القوات المسلحة لجمهورية إرمينيا. ففي هذا اليوم عام 1992 قامت القوات المغتصبة بتدمير 121 قرية في المنطقة، وقتلت 264 شخص واختطفت 65 كرهائن و103 آخرين أصيبوا بالعجز، وتشرد أكثر من 64 ألف أذربيجانيا نيتجة هذا الهجوم العسكري الغاشم. وأما الأطفال فقد سقط منهم 18 شهيدا و225 عاجز، وفقدَ 31 منهم، منهم والديهم. وأما عن الآثار المادية للعدوان الإرميني الغاشم فقد تم تخريب عدد كبير من الآثار التاريخية لأذربايجان، وظلت 133 مؤسسة منها ما هو طبي وثقافي فضلا عن 40 أثرا تاريخيا إضافة إلى عشرات المدارس واقعة في منطقة الاحتلال حتى اليوم. كما لا تزال في المنطقة المحتلة 8950 بناية، بينهم سبعة من المنشآت الصناعية والبناء، 471 مواقع المكاتب و154 مدرسة ومئات من المعالم الثقافية والتاريخية. بداية المأساة إن احتلال (لاتشين) كان بداية لتطبيق سياسة الاحتلال الإرمينية للمناطق الأذرية، إذ تلاها احتلال مناطق كلبجار واغدام وزنجيلان وقوبادلي وفضولي وجبرائيل، وأسفر الاحتلال عن تشريد مليون مواطنا أذربيجانيا عن ديارهم. وكما هي عادة أي احتلال بعد أن يرتكب جرائمه الإنسانية، يسعى بكل طاقته نهب الثروات المادية، فبعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1994 بدأ الأرمن في تنفيذ برنامج الاستيطان غير الشرعي في (لاتشين) واستثمار الموارد الطبيعية الأذربيجانية، وجاء في تقرير منظمة الأمن والتعاون الأوروبي خلال الفترة ما بين 2 إلى 11 أفريل أنه نزح 14.000 أرميني من إرمينيا إلى (لاتشين) بصورة غير شرعية. وللذكرى والتاريخ نعرج على سطور تاريخية حديثة تشير إلى أن نزاع (قره باغ الجبلية) يعد أحد أكبر النزاعات في التسعينيات، واندلع بين جمهوريات جنوب القوقاز آذربيجان وإرمينيا عام 1988 بسبب انتهاج الأخيرة السياسة التوسعية والتطهير العرقي في المنطقة، حيث تم احتلال 20% من الأراضي الأذربيجانية، خاصة إقليم قره باغ الجبلية و7 مناطق مجاورة له. وتوصل الطرفان إلى وقف إطلاق النار في ماي عام 1994 والذي يتم مخالفته بشكل مستمرمن قبل القوات الإرمينية، كما أن هناك محادثات سلام مستمرة منذ ذلك التاريخ، تحت رعاية مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا التي ترأسها روسيا وفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية؛ لكن دون فائدة، تذكرك بنظيرتها في فلسطين، وحقوق الفلسطينيين المهضومة، والتي مرت نكبتها ال67 قبل أيام دون تحقيق أي نتائج من المفاوضات، أو عودة شبر واحد من الأراضي التي اغتصبتها دولة الكيان. وكما أن قرارات حل الدولتين صادرة قبل عقود من الأممالمتحدة، ها هي نفس القرارات الأربعة (822،853،874،884) تصدر من قبل مجلس الأمن للأمم المتحدة، والتي تطالب بانسحاب القوات الإرمنية من الأراضي الأذربيجانيةالمحتلة فورا دون قيد وشرط، غير أنه لم ينفذ من قبل دولة الاحتلال حتى الآن. فكم هي متشابهة مظالمنا وكم هم متحدون ظالمونا!