رمضان.. كيف نستقبله؟.. وكيف نغتنمه؟ لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التى كان قبل الموت يبنيها فإن بناها بخير طاب مسكنها وإن بناها بشر خاب بانيها لكل نفس وإن كانت على وجل من المنية آمال تقويها فالمرء يبسطها والدهر يقبضها والنفس تنشرها والموت يطويها وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك فى القيامة أن تراه شهر رمضان من الأزمان التي لها عند المسلمين مكانةٌ عظيمةٌ، هذه المكانة ليست مجرد شجون وتقدير لما لا يرتبطون به، لا بل هي مكانة ترتبط بها القلوب والأبدان لما تجده النفوس من بهجة وفرحة واطمئنان وحب للخيرات وفعل للطاعات وتهيؤ عظيم في القلوب ولين في الأبدان لفعل الخيرات وترك المنكرات، ولا شك أن هذا يشعر به كل مسلم وإن قل إيمانه لأن شهر رمضان هو زمن لين القلوب واطمئنانها ولو نسبياً، وزمن تعاون الناس على كثير من البر والطاعات، وفعل الخيرات. فأنت ترى الناس تختلف مسالكهم في رمضان عن غيره لوقوع الصيام منهم جماعة مما يجعل لهم صورة جماعية طيبة في بعض الأمور كاجتماع الناس في البيوت للإفطار حتى تخلو الطرقات في القرى والمدن من المارة إلا القليل، والتي لا تكون كذلك في مثل هذه الأوقات في غير رمضان، وغير ذلك من المظاهر الجماعية والتي تحدث في رمضان ولا يمكن أن تحدث في غيره باستقراء الواقع إلا أن يشاء الله شيئاً ...... وذلك مثلاً مثل اجتماع الناس على قيام رمضان، ومثل امتلاء المساجد فى صلاة الفجر على غير عادة الناس في غير رمضان فى أزماننا، هذا وغيره كثير يدل دلالة واضحة على تلك المكانة التي هي لهذا الشهر فى قلوب العامة والخاصة من المسلمين، وتلك المكانة التى في القلوب تتفاوت في قلوب المسلمين بما يترتب عليه تفاوتاً بيناً في مسالكهم وعاداتهم في هذا الشهر أفراداً وجماعات. وهذا التفاوت ليس هو فقط فى المقدار والأثر والقوة لا بل هو أيضاً في نوعه بمعنى أنه ليس فقط تفاوتاً فى كمه وقوته بل في كيفيته ونوعيته ... وصدق ربنا إذ يقول: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)(الليل:4) ... نعم فإن سعي الناس عموماً في أمر دينهم ودنياهم لشتى خاصة في مثل تلك الأزمان الفضيلة، فبين مقدر لقدره ومضيع، وكاسب وخاسر، وموفق ومغبون، وضال ومهتد، وتقي وفاجر عافانا الله من التضيع والخسران والغبن والضلال والفسوق والكفران وجعلنا بفضله ومنه وجوده من المؤمنين الفائزين فى الدنيا والآخرة في رمضان وغيره من شهور العام .. آمين .... آمين .