فقدَ مئات الآلاف من اليمنيين أعمالهم بعد إغلاق شركاتهم ومؤسساتهم، فقد تمّ تسريح معظمهم دون تعويضات، لينضمّ العاطلون الجدد إلى طابور الفقر الطويل في البلاد. وكانت اليمن قبل الأحداث الأخيرة تصنف وفقاً لتقارير دولية من أفقر بلدان العالم، حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، ويؤكّد ناشطون وخبراء أن الحرب ستضاعف أعداد الفقراء إلى أكثر من ثلاثة أرباع السكّان. أطلق الناشط والإعلامي اليمني محمد الأسعدي مصطلحا جديدا على المتضرّرين من الحرب وهو (الفقراء الجدد) لوصف حالة (اليمنيين الذين فقدوا أعمالهم ومصادر دخلهم الفترة الأخيرة. ويقول الأسعدي قبل هذه الحرب الطاحنة كان أكثر من 12 مليون مواطن يعانون من انعدام الأمن الغذائي وقرابة 60% يعيشون تحت خط الفقر. شخصيا، أعتقد أن هذه تقديرات متواضعة، شريحة واسعة من السكان كان المستور منهم يعمل بالأجر اليومي فتوقفت الأعمال والتحقوا بالفقراء الذين بدورهم باتوا أشد فقراً وحاجة. ويضيف الأسعدي (أن الحرب اِلتهمت هؤلاء جميعا، توقّفت الحركة، تعطّلت الأعمال، فُرض الحصار داخليا وخارجيا عليهم، اِلتهمت الحرب شركات ومنظّمات ومحال تجارية ومشاريع صغيرة طموحة ودمّرت أحياءً سكنية، عطّلت حياة النّاس ولا أحد يكترث، انتصرت هذه الحرب على المطرقة وبائعي المياه والسلع الشعبية في الميادين والشوارع وأصحاب المخابز، أتت بشكل مجنون على كلّ شَيْء وها هي تنتقم من اليمنيين في أعزّ ما يملكون: كرامتهم). وحسب تقارير رسمية شمل الفقراء الجدد في اليمن عمّال الكهرباء وشبكات المياه والصرف الصحّي والبلدية والنظافة الذين تمّ الاستغناء عنهم وكانوا يعملون بالأجر اليومي وحسب العمل الذي توقّف تماما في صنعاء وعشرات المدن الرئيسية والثانوية. كما شملت قائمة العاطلين عمّال المطاعم والمخابز التي توقّفت بسبب الحرب وأزمات الوقود وانقطاع الكهرباء وعمّال شركات البناء والكافتيريات ومحلاّت التصوير والطباعة والبحوث الذين توقّفت حياتهم مع توقّف المدارس والجامعات. وأوقفت الحرب جميع المصانع في العاصمة صنعاء وفي مدينتي عدن (جنوب البلاد) وتعز (وسط) وأصبح عمّالها بلا مصادر دخل، وغادرت الشركات النفطية الأجنبية البلاد وتوقّفت الشركات النفطية الخدمية المحلّية وتمّ تسريح عمّالها. ونفد الغذاء والوقود وغاز الطهي وانقطعت الكهرباء وتفاقمت المعاناة المعيشية للنّاس وزادت أعداد الفقراء والعاطلين ولم ينفد السلاح الذي يكلّف اليمن الفقير ملايير الدولارات سنويا وتمّ شراؤه وتخزينه في الجبال على حساب غذاء وكهرباء وتنمية البلد، حسب تعبير الخبير الاقتصادي عبد المجيد البطلي، الذي قال ل (العربي الجديد) إن الحرب في 18 محافظة يمنية أدت إلى توقف قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في اليمن؛ والذي يشكل ما يقارب من 85% من حجم الاقتصاد اليمني ويوفّر مئات الآلاف من فرص العمل. وفي مدينة عدن (جنوب اليمن)، والتي تشهد حرب شوارع بين الحوثيين والمقاومة الشعبية، نزح عشرات الآلاف من السكّان تاركين بيوتهم وممتلكاتهم، بعضهم نزح عبر البحر وبعضهم إلى مناطق بعيدة نسبيا عن القتال، وقد توقّفت الأعمال وأغلقت المحلاّت بشكل كامل والشركات والبنوك وكلّ شيء.