"أخبار اليوم" تزور بعضها وتكشف المستور حرمة الموتى تنتهك في مقابر الجزائر سكر.. دعارة ونبش للقبور * مقبرة سيدي إدريس ببرج الكيفان عنوان للإهمال والتسيب مقابر العاصمة تحوّلت إلى حديث العام والخاص فمن غرائب الحياة ومفارقاتها أن تصبح المقبرة مأوى لمن لا مأوى له، مكان تحوّل اليوم عن وظيفته الأساسية في دفن الموتى وامتدت له يد الإهمال والتقصير لترتسم فيه صور أفظع بعد أن تحوّلت المقابر إلى فضاءات لممارسة الفاحشة والرذائل وتناول المخدرات دون أدنى احترام للأرواح الطاهرة للموتى، يحدث كل هذا في ظل الصمت المطبق للسلطات المكلفة هذا ما سنرصده في هذا التحقيق. تحقيق: أبو بكر الصّديق موسى كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر صباحا عندما وفدنا إلى مقبرة سيدي إدريس الواقعة ببلدية برج الكيفان بالناحية الشرقية للجزائر العاصمة، أكبر مقبرة بالبلدية يزيد تعداد موتاها عن ألف ميت ويزيد عمرها عن الثمانين سنة. قبور تجمع بين الموتى والأحياء أول مايشد انتباهك في المقبرة هو غياب اللافتة التي ترشدك إلى الدخول والتي عوّضها دهان أخضر عند المدخل، قبورها ممرات ضيقة يكسوها الوحل إلى جانب التصاق القبور ببعضها البعض مما يصعب على الزوار التنقل عبرها بكل راحة، مقابر طمست معالمها لم تعد قبورها تظهر تحت الحشائش والأشواك التي عششت في كل الجهات والتي أصبحت أنيسا للموتى في قبورهم، فبمجرد دخولك إليها كأنك في أرض مهملة تنتظر المغيث لكنها في حقيقة الأمر مقبرة يدفن فيها الموتى ويعيش فيها حتى الأحياء رغم أن المكان تنبعث منه رائحة الموت إلا أنّ الأطفال لم يجدوا مكانا للعبث إلاّ بين القبور، فصارت المكان المفضل للخارجين عن القانون ومسرحا لمعاقرة المسكرات والممنوعات. أما عن النظافة فحدث ولاحرج فقد أصبح المواطن يفضل هذا المكان المقدس ليرمي فيه أوساخه المتناثرة هنا وهناك كأنها مزبلة عمومية، كما أنه يتواجد هناك واد متسخ مياهه معكرة يفصل المقبرة عن السكان ناهيك عن الرائحة الكريهة التي تزكم الأنوف المنطلقة من ذلك الواد. انتهاك صارخ لحرمة الموتى أبدى العديد من قاطني الحي خوفهم واستياءهم من السلوكات الشاذة التي تشهدها المقبرة من معاقرة المسكرات والممنوعات إضافة أنّها أصبحت قبلة السحرة والمشعوذين لنبش القبور وعن حالة الواد الذي غمرت مياهه القبور فتسبب بتهديم بعض القبور واختفاء بعض القبور كليا، كل تلك الأمور تجسد القضاء على حرمة الموتى والمساس بديارهم بعد مماتهم وهي كلها سلوكات تتنافى والأخلاق الإسلامية التي تحث على احترا م الإنسان في حياته وبعد مماته، لكن الجاري عبر بعض المقابر لا يفسر ذلك بل يجسد انتهاك حرمة الموتى جهارا نهارا من طرف بعض العصابات المختصة في المخدرات وحتى عصابات الدعارة من دون أن ننسى نبش القبور من طرف السحرة والمشعوذين. موتى يدفنون خارج بلدياتهم بسبب الاكتظاظ مشكل الاكتظاظ هو مشكل شائع على مستوى بعض المقابر وهو ماتعاني منه ذات المقبرة خصوصا وأنها مقسمة إلى نصفين نصف لم يعد صالحا للدفن بسبب مياه الوادي ونصف آخر لم تتبق منه إلا بضعة أمتار للدفن، ضف إلى ذلك الكثافة السكانية المرتفعة وعناد المواطنين الذين يصعّبون الأمور بتمسكهم بقرار الدفن في البلدية التي يقطنون بها ورفضهم أي عروض أخرى. في حين عرض مواطنون آخرون ترحيل سكان البيوت القصديرية المقابلين للمقبرة والذين استولوا على أرض المقبرة لنصب بيوت من القصدير، غير أنّ الوضع الراهن وامتلاء المقبرة عن آخرها دفع العديد منهم للبحث في البلديات الأخرى عن قبور شاغرة لدفن موتاهم، ويرجع المواطنون إصرارهم على المقابر التي يختارونها إلى رغبتهم في دفن موتاهم في بلديات قريبة من المسكن لتتاح لهم فرصة زيارتهم دون صعوبة , وتحقيقا لرغبة الميت في دفنه إلى جوار بعض أفراد العائلة المدفونين في المقبرة ذاتها. مقابر دون حرّاس أرجع بعض المواطنين أن ضمان حرمة المقبرة هي مسؤولية الجميع بما فيها البلديات والوصاية وحتى هيئة المقابر، فمقبرة سيدي إدريس غير مسيجة هذا ما جعلها وجهة للمنحرفين لتناول الكحول وإفراغ كبتهم الجنسي وانتشار عدة محرمات التي زادت من كارثية الوضع في المقبرة، ومازاد من تأزم الوضع غياب الأسوار وأعوان الحراسة وعدم تهيئة جدار المقبرة بعد سقوطه منذ زلزال 2003 ومرور 12 سنة منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا والحال يبقى على حاله، فاقتصرت مهام المقبرة على تعاون أحد المحسنين بتقديم صفائح من حديد لتسييجها وتطوع بعض المواطنين في حرق القمامات وتنظيف المكان لكن مجهوداتهم ذهبت أدراج الرياح فوجهت أصابع الاتهام للسلطات المعنية ورغم ذلك يأمل سكان سيدي إدريس في التفاتة من السلطات لمعالجة الوضع ورفع الغبن عنهم....غادرنا مقبرة سيدي إدريس بخطوات متثاقلة وقلب يتحسر على واقع المقابر اليوم. فهي مقبرة ينتقل حالها من السيئ إلى الأسوأ، ولو نطق أمواتها لاستنجدوا بعمال النظافة لإزاحة تلك النفايات التي تمس أرواحهم الطاهرة التي تنام إلى جوار ربها .... مقبرة القطار بباب الوادي عنوان للإهمال توجهنا بعدها إلى مقبرة القطار بباب الوادي بقلب العاصمة، مقبرة يزيد تعداد موتاها عن سبعين ألف ميت ويزيد عمرها عن القرن والعشرين سنة كاملة وحتى وإن اختلفت الناحية من الشرق إلى الوسط لم تختلف الصورة كثيرا، لافتات المدخل نصفها غائب وأكوام من النفايات ترحب بالزوار عند المدخل الثاني، قبور متراصة ومسالك مغلقة وهو مايترك الانطباع بصعوبة إيصال نعش الميت إلى القبر وتستعصى الخطوة على أهل الميت، شواهد مكتوب عليها تتناثر بين القبور وأخرى مرمية وسط المزبلة، وتجدر الإشارة أنه بسبب انعدام مساحات كافية للدفن أصبح الجزائريون ينبشون قبور أقاربهم المقربين لدفن موتاهم، كما أن الاكتظاظ الذي تشهده مقبرة القطار راجع إلى كثرة الموتى الذين دفنوا بسبب المأساة التي عاشتها البلاد خلال العشرية السوداء وكذلك فيضانات باب الوادي لسنة ألفين وواحد، ضف إلى ذلك أن مقبرة القطار تتقاسمها ثلاث بلديات من العاصمة وهي باب الوادي وبوزريعة وبلدية واد قريش وهي كلها مناطق شعبية تضم عددا كبيراس من السكان. وأمام هذه الوضعية المزرية التي آلت إليها أغلب مقابر العاصمة من تدنيس لمعالمها وانتهاك لحرمتها بات الأمر يستلزم تدخل السلطات المعنية لإيجاد حل ورد الاعتبار لحرمة الموتى في قبورهم.