تتعرض أغلبية المقابر بولاية الجزائر العاصمة وباقي المدن الكبرى إلى انتهاكات تمس حرمة هؤلاء الموتى بسبب الإهمال الذي طال هذه الأخيرة منذ سنوات رغم قداستها وباتت ملجأ للمنحرفين والشواذ، فهو المكان الوحيد الذي يجد فيه مثل هذا النوع من الأشخاص راحتهم لفعل ما يريدونه بعيداً عن الأنظار. فبعدما كانت المقابر تستقبل زوارها من أهالي الموتى صباحا أصبحت في الوقت الحالي تعرف نوعا آخر من الزيارات اختصت بالأشخاص الأجانب في الفترة الليلية بعيدا عن الأقارب والأهل شاء الميت أم أبى فالزيارة قائمة، حيث أصبحنا نسمع ونشاهد مثل هذه الحالات في أغلب المقابر، ولا نقول الكل تعاني من انتهاكات متواصلة لحرمة موتانا بعدما صارت هذه الأخيرة مرتعا للعشاق والمنحرفين لمزاولة طقوسهم دون رادع في غياب الرقابة الصارمة، وما يزيد الطين بلة هو الغياب شبه التام للمخططات المتعلقة بإعادة تأمين المقابر وزوارها. وفي هذا الشأن اقتربنا من بعض السكان المقيمين بالقرب من المقابر، حيث عبروا لنا عن أسفهم لما آلت إليه المقبرة الجزائرية حيث أصبحت تشكل مصدر قلق وإزعاج لسكان المناطق المجاورة بعد استيلاء المنحرفين والمشعوذين عليها وتحولها لوكر لهم ومكانا لممارسة كافة أشكال الرذيلة في هذا المكان، لا سيما في فترات الليل، حيث أكد أحد المواطنين الذي يقطن بالقرب من مقبرة (العالية) أن المقابر تحوّلت مؤخرا إلى مكان لممارسة الرذيلة واحتساء المشروبات الكحولية للأشخاص السكارى والمجانين الذين يفرون إلى المقابر هروبا من ظلم العقلاء واعتداءاتهم، إلى جانب اعتبارها المكان المفضل لتعاطي المخدرات بعيدا عن الرقابة الأمنية، مشيرا في سياق حديثه إلى أن الأموات لم يسلموا في قبورهم من الكلام البذيء والمنحرفين الذين اختاروا هذه الأماكن لإفراغ مكبوتاتهم وانتهاك بذلك حرمة المقابر والأموات لتصبح المكان المفضل للظواهر الاجتماعية الخطيرة والمنبوذة في مجتمعنا، منها السحر والشعوذة التي انتشرت بصفة كبيرة في الآونة الأخيرة وقد ساعد فصل الشتاء والظلام المبكر على ذلك. وفي نفس السياق يقول أحد المواطنين الذي أفادنا برأيه إن المقابر أصبحت المكان المفضل بالنسبة للمنحرفين لاحتساء وشرب الخمور وتعاطي المخدرات إلى غاية الصباح دون رقيب والأمر الذي زاد الوضع خطورة هو وجود فئة أخرى تنشط فقط في الليل بالمقابر، إنها فئة المشعوذين الذين يقومون بنبش القبور ووضع أمور السحر والشعوذة في التربة المقدسة لقبور الموتى لتحطيم حياة الأحياء من الناس، حيث يقول (محمد) في هذا الشأن: (ظاهرة تواجد السحرة بالمقابر ليست بالحديثة لأننا نرى في كل مرة نساء يقمن بوضع أشياء غريبة في المقابر خاصة في فترة الليل، وقد ساعد فصل الشتاء هؤلاء للقيام بأعمال السحر، كما أننا وجدنا قبورا منبوشة في الكثير من المرات والعثور على أشياء داخل حفر بالمقابر). فالمقابر في الوقت الحالي أصبحت تعرف نوعا آخر من الحياة بعدما صار الأحياء لا يخافون من الأرواح ولا خالقها، حيث يقول (مروان) لقد أمسكنا بإحدى النساء متلبسة في المقبرة خلال الأشهر القليلة الماضية وهي تقوم بدفن قطعة قماش مع أشياء أخرى من العقاقير في قبر أحد الموتى، حيث قمنا بتصويرها في مقطع فيديو حتى لا تنكر الأمر لأننا اتصلنا بالشرطة التي قامت بأخذها إلى المقر للبحث عن سبب تواجدها بالمقبرة في تلك الساعة وقيامها بتلك الأفعال.