بين مرحّب ومتحفّظ ومعارض.. أولياء تلاميذ يطالبون بإلغاء امتحاني (الباك) و(البيام)-- لم يمرّ إعلان وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط عن قرار إلغاء امتحان التعليم الابتدائي (السانكيام) بداية من الموسم الدراسي القادم دون أن يثير (ضجّة تربوية) وجدلا نقابيا في أوساط الأساتذة والنقابات والأولياء والمختصّين في علوم التربية. فبينما اعتبره البعض قرارا سياسيا لا يمتّ بصلة إلى التربية أشاد آخرون به، فيما طالبت إحدى جمعيات أولياء التلاميذ بإلغاء امتحانات شهادتي (الباك) و(البيام) أيضا. وإضافة إلى هذا القرار أثار قرار بن غبريط تجميد عملية الخصم من أجور الأساتذة المضربين بمناسبة رمضان ردود فعل غير متوقّعة بين مرحّب ومتحفّظ ومعارض، خصوصا وسط بعض النقابات التي اعتبرته محاولة للتأثير على النضال النقابي ومحاولة لضمان دخول دراسي مريح لبن غبريط. وثمّن أساتذة ومختصّون في مجال التربية القرار الذي أصدرته وزيرة التربية والقاضي بإلغاء إجراء امتحان نهاية التعليم الابتدائي (السانكيام) بداية من السنة الدراسية 2015 - 2016، كما ثمّنوا تراجع الوزارة عن الخصم من أجور الأساتذة المضربين، فيما وصفته بعض النقابات بالهروب إلى الأمام من قِبل الوزيرة. الأستاذ عبورة: (قرار بن غبريط سياسي) اعتبر الأستاذ محمد عبورة، مختصّ في علوم التربية الوطنية، القرار الذي أصدرته نورية بن غبريط والقاضي بإلغاء الامتحان الوطني لشهادة التعليم الابتدائي وتعويضه باختبار تقويمي ابتداء من الموسم المقبل قرارا سياسيا لا قرارا تربويا. وأوضح عبورة في تصريح خصّ به (أخبار اليوم) أن القرار السالف الذكر لوزيرة التربية الوطنية لا يعني التقويم الموضوعي لأن التقييم لديه استمرارية، على حد قوله، مضيفا أن التقويم الختامي يفترض أن يعطي أغلب المواد الأساسية وبالتالي الاعتماد على التقويم قد يكون (ارتجاليا لا يحقّق الغرض). وأردف المتحدّث ذاته في سياق كلامه: (عهدنا من وزارة التربية تلاعبها بأبنائنا في كل مرة، وذلك بخصوص تغيير المناهج الدراسية، التقديم والتأخير، وفي هذا الصدد قال المختصّ في علوم التربية: (إن أبناءنا لا يهمّون بن غبريط أو غيرها كون أولادهم لا يدرسون مع أولاد الطبقات الشعبية في نفس المدارس)، مشيرا إلى أن أبناء المواطنين هم وحدهم من يدفعون الثمن، حسب تصريحه. وبخصوص توقيت وقف الخصم بالنسبة للأساتذة المضربين قال عبورة إن وزارة التربية تداركت الخطأ، لكن القرار جاء جد متأخّر -حسبه- كونها كانت قادرة على التراجع عن عملية الخصم قبل هذا الوقت، مردفا أن اختيار هذا التوقيت والمصادف لأيّام قليلة قبل الامتحانات المصيرية للأطوار الثلاثة هو توقيت مقصود ويراد به استرضاء فئة الأساتذة والرأي العام والتغطية على إجراء قد لا يكون قانونيا، حسب قوله. نقابات لا تثق في قرار بن غبريط أكّدت النقابة الوطنية لعمّال التربية أن الوضع في قطاع التربية لا يحتاج حاليا إلى الحديث عنه أو تشخيصه بقدر ما يحتاج إلى نقاش عامّ مفتوح، مشيرة إلى أنها لم تعد تثق في قرارات بن غبريط بعدما تراجعت عن الكثير من القرارات التي أصدرتها مسبقا. وأضافت النقابة الوطنية لعمّال التربية في بيانها أن مسار الإصلاحات الفاشلة تتّجه نحو الخطر وقد وقع المحظور وتهاوت قلاع العلم والمعرفة بقرارات غير مدروسة الضحية الأول فيها هو التلميذ والمعلّم. وقالت (الأسنتيو) إن وزيرة التربية وفّت بوعودها عندما قالت إنها ستوقف الخصم من أجور الأساتذة المضربين خلال الموسم الدراسي، حيث أبرقت تعليمة عفوا لجميع مديريات التربية تأمرهم فيها بوقف عمليات خصم أيّام الإضراب المتبقّية للاقتطاع من رواتب المعنيين بغض النظر عن انتمائهم ورتبتهم ابتداء من راتب شهر جوان الجاري وعدم احتساب أيّام الإضراب كذلك في تقييم منحة المردودية للثلاثي الثاني. وقالت الوزيرة في التعليمة التي تحمل رقم 236 إن القرار جاء تحسّبا لشهر رمضان وعطلة الأساتذة وبعدما اطّلعت عن كثب على مجهوداتهم عقب الإضرابات التي مسّت القطاع خلال الموسم الدراسي الحالي ولمست في عمّال القطاع حسّا تربويا رفيعا وإحساسا بالمسؤولية. (الكناباست): (قرار بن غبريط جاء متأخّرا) كما وصف المكلّف بالإعلام على مستوي نقابة (الكناباست) مسعود بوديبة قرار وزيرة التربية بوقف الخصم من أجور الأساتذة المضربين في وقت سابق بالمتأخّر، مضيفا أن هذا القرار جاء بعد مفاوضات ماراطونية بين المكتب الوطني لنقابة (الكناباست) وبين وزيرة التربية الوطنية التي قرّرت أخيرا الاستجابة لمطلب التوقّف عن الخصم في الأجور، موضّحا أن القرار رغم تأخّره إلاّ أنه يبقى خطوة جيّدة من طرف الوزيرة، مبرزا أن الوزيرة كانت ذكية باختيارها عشية انطلاق الامتحانات الرسمية من أجل كسب ودّ الأستاذة وتهدئة نفوسهم بقرار التراجع عن الخصم في الإضراب، مبيّنا أن هذا القرار حتما سيكون له الأثر الإيجابي الذي سيعطي نتيجة أفضل خلال الامتحانات الرسمية. بن يطو: (عهدنا من بن غبريط التراجع عن القرارات) اعتبر بن يطو مختار، ممثّل نقابة (السناباب)، أن قرار وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط والقاضي بوقف الخصم للأساتذة المضربين وإلغاء امتحان التعليم الابتدائي للموسم الدراسي المقبل نوعا من التراجع من ضمن سلسلة المراجعات التي قامت بها وزيرة التربية في عهدتها. وأضاف المتحدث أن قرار وقف الخصم للأساتذة الذين قاموا بالإضرابات التي هزّت القطاع يهدف إلى استرضائهم واستمالتهم لضمان سير امتحانات بلا مشاكل ودخول اجتماعي عادي ومريح وبعيد كلّ البعد عن الإضطرابات التي تعوّد قطاع التربية الغوص فيها، وقال إن هذا القرار من شأنه أن يشجّع الأساتذة على العودة إلى الإضرابات بداية من الدخول المدرسي المقبل. وعن إلغاء الامتحان الوطني لشهادة التعليم الابتدائي وتعويضه باختبار تقويمي أوضح بن يطو في تصريح خصّ به (أخبار اليوم) أنه (لا يمكنك بتاتا التخلّي عن الامتحانات النهائية للابتدائي، لأن اعتماد اختبار تقويمي لا يمكنه أخذ الطابع الوطني الموحّد وبذلك يكون امتحانا جهويا أو ولائيا، وبهذا نرى أن وزارة التربية ستواصل عملية امتصاص الغضب بإجراءات قد تصنع هي أيضا الغضب). كما ثمّن المتحدّث باقي الإجراءات المتّخذة من قِبل وزيرة التربية، والتي صبّت في وعاء تحسين المنظومة التربوية في المواسم الدراسة المقبلة ومن أهمّها التوقيت الدراسي الذي تسعى الوزيرة إلى جعله رسميا عقب المفاوضات مع النقابات وأولياء التلاميذ على الساعة السابعة صباحا بدلا من الساعة الثامنة صباحا، قائلا بخصوص هذه النقطة بالذات إنه قرار صائب وفي محلّه، حيث أشار إلى أنه من ضمن الاقتراحات المقدّمة من أجل التغيير في المنظومة التربوية إلى الأحسن. وفي شقّ آخر، طالب بن يطو مختار وزارة التربية الوطنية بضرورة إيلاء الأهمية للقانون الخاص 40/12، والذي في فحواه العديد من الاختلالات، على حد تعبيره، داعيا أعضاء لجنة القانون الخاص التابعين لوزارة التربية إلى ضرورة حضورهم في الاجتماعات المبرمجة، مشيرا إلى أنه في كل اجتماع هناك غياب من أعضاء الوزارة، علما بأن اللجنة السالفة الذكر متكوّنة من أعضاء النقابات إلى جانب احتياطي واحد وأعضاء من وزارة التربية الوطنية كما ذكر آنفا. أساتذة راضون من جانبه، عقّب الأستاذ كريم عبيد حول تصريح وزيرة التربية الوطنية بخصوص تراجع وزارة التربية الوطنية عن الخصم من أجور الأساتذة المضربين بمناسبة الشهر الفضيل رمضان قائلا: (نحن الأساتذة أصحاب رسالة ولقد أدّينا واجبنا والتزمنا أخلاقيا أمام تلاميذنا بتعويض الدروس الضائعة بسبب الإضراب، بالإضافة إلى المرافقة النفسية للتلاميذ ودعمهم في تجاوز تبعات الإضراب من دون حتى مقابل، ثمّ إن تراجع الوزارة عن الخصم من رواتب الأساتذة المضربين ومن منحة المردودية هو بمثابة تصحيح لوضع تمّ خارج إطار التشريع المعمول به، وعليه لا يمكن الحديث بعين الرحمة والشفقة فيما تعلّق بحقوق مشروعة قانونا). وللتذكير، كانت وزيرة التربية الوطنية الأسبوع الماضي قد (جمّدت) عملية الخصم من الأجور ومنحة المردودية للمضربين بحجّة دنو الشهر الفضيل وبعدها الدخول المدرسي، وبهذا القرار تحاول الوزيرة امتصاص غضب النقابات والشركاء الاجتماعيين من أجل موسم دراسي أكثر استقرار. أولياء تلاميذ يطالبون بإلغاء امتحاني (الباك) و(البيام) استحسن خالد أحمد، رئيس جمعية أولياء التلاميذ، ما بدر من وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط بخصوص وقف الخصم بالنسبة للأساتذة المضربين، مشيرا إلى أنه طلب عقب الإضراب عدم الخصم من رواتب الأساتذة من أجل أن يعودوا إلى العمل بإرادة ونيّة حسنة، على حد تعبيره. وأضاف خالد أحمد: (رغم أن القرار جاء متأخّرا وقبيل الامتحانات المصيرية للأطوار الثلاثة، إلاّ أن هذا الغرض من هذا التوقيت بالذات هو تحفيز الأساتذة على الدراسة والجدّية في الامتحانات إلى جانب تفادي الإضرابات والاضطرابات وضمان عدم التشويش على التلاميذ أثناء إجراء الامتحانات، خاصّة شهادة البكالوريا)، على حد قوله. وأضاف المتحدّث في تصريح ل (أخبار اليوم) أن الجانب الثاني المراد من وقفة الخدمات للأساتذة المضربين في هذا الوقت بالذات هو تلطيف الجو بين نقابات التربية والوزيرة من أجل أن يكون هناك دخول مدرسي مقبل في ظروف حسنة ودون أيّ مشاكل. أمّا فيما يخص إلغاء الدورة الثانية الخاصّة بشهادة التعليم الابتدائي وإلغاء الامتحان الوطني لشهادة التعليم الابتدائي بدءا من الموسم المقبل ثمّن رئيس جمعية أولياء التلاميذ القرار وقال إنه جاء استجابة لطلب الجمعية الذي طرحته في سبتمبر الماضي، علما بأن الجمعية طالبت بإلغاء الدورة الاستدراكية للتعليم الابتدائي منذ 2008 وطالبت في أواخر سنه 2014 بإلغاء الامتحان الوطني ل (السانكيام). وفي هذا الصدد، طالب خالد أحمد من وزيرة التربية بضرورة إلغاء كلّ من شهادتي التعليم الثانوي والتعليم المتوسط، أي لا وجود لشهادة (البيام) و(الباك) مستقبلا واستبدالهما بالتقييم والتوجيه من قِبل مجلس الأساتذة، حيث قال إن الأستاذ يلعب دورين هامّين -على حد قوله-، أولهما معرفة الأستاذ الأصلي بمن يستحقّ الانتقال من التلاميذ والدور الثاني يكمن في تقييم التلميذ من حيث التوجيه حسب القدرات. وأوضح المتحدّث أن سبب طلب إلغاء كلّ من امتحاني التعليم المتوسط والتعليم الثانوي يعود إلى قدم نظام الامتحانات، والذي لم يعد معتمدا في الدول المتطوّرة، حيث أن فرنسا تخلّت عن الامتحانات النهائية للابتدائي في 1960، مشيرا إلى أن شهادة البكالوريا لازالت معتمدة في فرنسا والجزائر فقط، أما الدول الأخرى فألغت الامتحانات المصيرية للأطوار الثلاثة. التلميذ الجزائري يواجه 300 امتحان في 11 سنة تساءل المتحدّث كيف لأستاذ يدرّس التلاميذ طيلة العام ثمّ يأتي أستاذ آخر وفي ظرف 3 أيّام يقيّم التلميذ إن كان يستحقّ أن ينتقل؟ معتبرا إيّاه شيئا غريبا. كما قال خالد أحمد إن الظروف المعيشية للتلاميذ عبر الوطن مختلفة حسب المناطق النائية والمدينة، وأشار إلى أن الأساتذة يقدّمون للتلميذ في نهاية السنة شهادة نهاية التعليم الثانوي ومن ثمّة يذهب لاختيار الجامعة التي يرغب فيها، حيث يجتاز امتحانا في 3 أو 4 مواد أساسية للتخصّص للمختار، على أن يحصل على نقاط جيّدة يدخل بها الكلية وإن لم ينجح بتغيير الجامعة. وفي هذا الإطار، قال رئيس جمعية أولياء التلاميذ إن التلميذ الجزائري يمتحن في 300 امتحان من الأولى ابتدائي إلى غاية الثالثة ثانوي وذلك ما بين الامتحانات والفروض والأسئلة الشفوية والمكتوبة والفروض المنزلية.