يبدو أنّ التملقّ ببلادنا انتشر بشكل عجيب، وتحوّل إلى ظاهرة فاقت حدود المعقول، وعلى عكس كلّ بلاد الأرض، فان المتملقين عندنا أكثر عددا من المُتملَق إليهم، أي أنّه لدينا وفرة في إنتاج التملق، ووجب لهذا أن نُصدره إلى الدول التي ليس لها مثلما لدينا من مخلوقات متملقة. إنّ تصريحا مثل الذي أطلقه رئيس حزب ظهر فجأة يُسمى "التجمع من أجل الوئام الوطني" على صفحات "الجزائر نيوز" من أنه رشّح شقيق الرئيس لوراثة الرئيس، إن لم يترشح الرئيس الحالي إلى الانتخابات سنة 2014، وأنّه جمع أصوات ليؤيد بها حزبه، والذي سيكون شقيق الرئيس رئيسا شرفيا له، وأنّ له علاقة واتّصالا بضبّاط متقاعدين، ويلقى السند من شيوخ بعض الزوايا، وأنّ الحزب لم يلق صدى، لأنّ مناضليه فضّلوا أن يتكوّنوا سياسيا منذ أكثر من عشر سنين، وليظهروا اليوم ولهم من الخبرة والممارسة ما يمكنهم من خوض غمار العمل السياسي. ثمّ عاد نفس الشخص، وكّذب في نفس الجريدة، ما ادعاه في اليوم الموالي، وقال أنه لا علاقة له بشقيق الرئيس، لا من قريب ولا من بعيد، ولم يلتق به، ولم يتحدث معه لا فيما يخصّ ترؤسه للحزب، ولا حتى ترشحه لانتخابات 2014، ولا الزوايا هي كذلك لها علاقة بالموضوع، ولا شيء، وأنّ حزبه ليس معتمدا أصلا، بل لم يكن نفسه يعلم أنّ حزبه لم يعتمد بعد، هو الذي "اكتسب خبرة سياسية" وأنّ أقوله هي انزلاق سياسي لا أكثر ولا اقل. تصريح مثل هذا، سيجعل صاحبه، رئيس"الحزب"، بدون شك، موضع هجوم من كثير من الشخصيات، بما فيها تلك التي نسب إليها، واتهمها بأنه لها علاقة به، لكن أظنّ أنه لا يستحق أن نهاجمه، بل أن نتعاطف معه، وهو الذي لم يجد إلى من يتملق، فاختار شخصية قد لا يكون لها علم بوجوده أصلا، ونسب إليها ما نسب، ثمّ عاد وكذب بنفسه ما قاله، او ما ادعاه، وقال انه كان من نسج خياله، ونسي في النهاية أن يوجه دعوة إلى كلّ من يحتاج إلى متملق لأن يُوظفه. إنّ الخطأ الذي وقع فيه هذا الشخص ليس ذنبه، ولكن ذنب الاقتصاديين، والذين لم يحسبوا حسابا لأنه سيكون لنا نهاية 2010 فائضا في إنتاج المتملقين تفوق الطلب، وأنه وجب لذلك أن نُحيطهم بسياسة خارجية، بتصدير المتملقين إلى بلدان العالم، مثلما فعل البعض بمبادرات فردية، وذهبوا إلى فرنسا وغيرها، وتملقوا لهؤلاء، ونالوا قليلا من الفتات، والذين يقتاتون منه، حتى لا يحدث لهم ما يحدث للمتملقين عندنا، والذين لا يكادون يجادون عملا مع الفائض في إنتاج المتملقين، أو سياسة وطنية داخلية تضمن لهم حقّهم، وتجعلهم يجدون عملا محترما، ونرفع فيها شعار "لكلّ مُتملِقٍٍٍِِ مُتملَق إليه".