تقوم على أساس فضح المسؤولين المقصّرين بالصور والفيديوهات : تزامن تحرّك السلطات العليا في البلاد لمحاكمة ومحاسبة بارونات الفساد في الجزائر مع ظهور صفحات فايسبوكية بعناوين متنوّعة لرصد فضائح المدارس والمستشفيات والدوائر والبلديات ومختلف المصالح العمومية، معتمدة بشكل أساسي على صور وفيديوهات يلتقطها المواطن وأصبح الأمر بمثابة (ثورة إلكترونية) لكشف أوجه الفساد والخلل في مؤسسات الدولة. دشّن ناشطون جزائريون مؤخّرا حملة على موقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك) لنشر صور مستشفيات يعملون بها أو قاموا بزيارتها تظهر تردّي أوضاع المؤسسات الصحّية في بلادنا. وفتح القائمون على بعض الصفحات الفايسبوكية، على غرار (صفحة فضائح المؤسسات الصحّية في الجزائر) وصفحة (بركات فساد) الباب أمام الجميع للمشاركة بصور وفيديوهات تعكس حالات الإهمال المختلفة في المستشفيات من مختلف ولايات الوطن. وفي غضون أيّام فقط حقّقت تلك الصفحات مئات المشاركات واكتظّت بصور تُظهر أسِرّة متهالكة ومراحيض في أسوأ حالاتها وحيوانات تحت أسِرّة المرضى وجدران غير نظيفة وتلال من القمامة أمام أبواب المستشفيات والوحدات الصحّية في القرى الصغيرة والمدن. ولم تقتصر المشاركات في الحملة على جزائريين داخل البلاد فحسب، بل إن البعض ممّن يعيشون في دول أجنبية أرسلوا صورا تظهر تجاربهم مع مستشفيات أمريكية وأوروبية ومقارنتها بما يحدث بين جدران المستشفيات العمومية في الجزائر. من جانب آخر، طالت الحملات الفايسبوكية ميادين وقطاعات أخرى، حيث ظهرت خلال الفترة الأخيرة صفحات بعناوين متنوّعة لرصد أوجه الخلل في المدارس والجامعات والدوائر والبلديات ومختلف المصالح العمومية، معتمدة أيضا على صور يلتقطها المواطن وأصبح الأمر بمثابة (ثورة إلكترونية) لكشف أوجه الفساد والخلل في مؤسسات الدولة. وبرزت إلى السطح صفحات فايسبوكية جديدة مختصّة في محاربة الظاهرة، على غرار (واقع الفساد في الجزائر) و(شبكة بركاو فساد)، فضلا عن تخصيص صفحات جماهيرية أخرى في شاكلة (123 تحيا الجزائر) و(فضائح المسؤولين الجزائريين) حيّزا مُهمّا من منشوراتها لتشجيع هذه المبادرات الالكترونية. وحسب مراقبين فإن هذه الحملات تعيد النقاش من جديد حول (صحافة المواطن)، هذا الأخير بات بفضل وسائط الاتّصال الحديثة أكثر قدرة على كشف الفساد لأنه متواجد في كلّ مكان، كما أنه لا يجد صعوبة في رصد وقائع الفساد التي اعتاد عليها في المؤسسات العمومية المختلفة. ومع التقدّم التكنولوجي السريع صار من السهل اِلتقاط الصور وبثّها على مواقع التواصل الاجتماعي. في الوقت نفسه لا يتعامل الموظّف المقصّر أو المسؤول الفاسد بحذر مع المواطن العادي بنفس درجة حذره من صحفي جاء لعمل تغطية إعلامية، وهو ما يعطي المواطن العادي ميزة أكبر في رصد أوجه الخلل. لكن صحافة المواطن بشكل عام ورغم مزاياها العديدة تفتقد أحيانا إلى الدقّة المهنية وتحمل بعض المبالغات، كما يمكن توظيفها لأغراض شخصية، وفقا لبعض المختصّين. ليبقى السؤال الذي يطرحه هؤلاء: هل ستساهم هذه الحملات في حثّ الحكومة على اتّخاذ خطوات جذرية اتجاه الملف الصحّي وغيره من القطاعات المتهالكة أم سيبقى الحال على ما هو عليه؟