تجارة يزاولها أطفال الأسر المحرومة "حرب" الديول والمطلوع تنطلق في أولى أيام رمضان احتفلت الجزائر وعلى غرار باقي دول العالم ومنذ أيام قلائل باليوم العالمي لعمالة الأطفال المصادف ل12 جوان من كل سنة، وقد اتفقت العديد من دول العالم على ضرورة محاربة هذه الظاهرة من أجل تأمين طفولة سعيدة من أجل كامل براعم العالم، إلا أن الواقع مختلف في الجزائر تماما، فالعديد من الأطفال استغلوا حلول شهر رمضان حتى يعملوا فيه ويجنوا بعض المال من أجل ادخاره للدخول المدرسي. عتيقة مغوفل يعتبر شهر رمضان مورد رزق بالنسبة للكثير من الناس ولكن هذا التفكير على ما يبدو انتقل حتى لصغار السن أيضا، فاختار الكثير منهم بما أن أيام العطلة الصيفية قد بدأت أن يمارسوا بعض الأنشطة التي تساعدهم في كسب المال، وقد التقت (أخبار اليوم) البعض منهم. الديول وخبز الطاجين مورد كسبهم حتى نتمكن من إنجاز موضوعنا تنقلت (أخبار اليوم) إلى سوق كلوزال اليومي بالجزائر العاصمة، وفي الجولة التي قادتنا إلى هناك جمعتنا الأقدار ب(روميسا) صاحبة 14سنة، لمحناها من بعيد وهي جالسة أمام قفة خضراء اللون تقربنا منها وقد كانت تلك القفة مغطاة بمنديل كبير، كانت ماسكة بيدها هاتفا نقالا صغيرا كانت تلعب به حتى تمضي بعض الوقت، تقربنا منها شيئا فشيئا وبعض أن مازحناها قليلا حاولنا أن نعرف ما كانت تبيع الفتاة فأجابتنا أنها تبيع خبز الطجين، فسألناها مرة أخرى من أين تحضره فأجابتنا أن والدتها تقوم بتحضير الخبز لها فهي تستيقظ في الساعات الأولى من الصباح تعجنه ثم تتركه يرتاح لمدة قرابة الساعة ثم تعود وتخبزه من جديد ثم تدخله الفرن حتى يجهز، وفي حدود الساعة التاسعة صباحا تحضر الأم القفة ل(روميسا) وترسلها إلى سوق كلوزال لبيع المطلوع، عدنا وسألنا (روميسا) عن الأسباب التي تدفعها لبيع خبز الطجين في السوق خلال شهر رمضان فردت علينا أنها تبيع الخبز في السوق في شهر رمضان من كل سنة وذلك حتى تجني البعض من المال الذي يستعمله والدها فيما بعد لتغطية مصروفهم، بحكم أنهم ستة أشقاء ووالدهم عامل بسيط وما زاد الطينة بلة أنهم كانوا يسكنون في بيت جدهم ببلدية الشراقة وبعد وفاة هذا الأخير قام أعمامها ببيع البيت بحكم أنه إرث يحق للجميع، فوجد والدها نفسه في الشارع بحكم أن المبلغ الذي حصل عليه من الإرث لم يساعده على شراء منزل آخر يسكن فيه هو وأولاده، لذلك قام هذا الأخير بتأجير بيت في العاصمة متكون من غرفتين حتى يقيم فيه مع عائلته، لكن سعر كراء الشقة التي يعيشون فيها وصل إلى 250 ألف دج شهريا ودخل والدهم ضعيف لا يسمح له بدفع المبلغ الشهري والتكفل بجميع أولاده لذلك قررت والدة روميسا أن تبيع الخبز هي وابنتها عساهما يفتحان بابا ويتمكنا من إعالة الوالد المسكين. لم تكن روميسا الطفلة الوحيدة التي كانت تسترزق بسوق كلوزال مستغلة فرصة حلول شهر رمضان الكريم بل نور الهدى أيضا التي تبلغ من العمر 13 ربيعا، التي وجدناها بمحاذاة روميساء إلا أن هذه الأخيرة لم تكن تبيع خبز الطجين بل كانت تبيع الديول، تقربنا منها شيئا فشيئا وحدثناها مثلما حدثنا صديقتها فعرفنا أنها تعرض سلعة مختلفة مقارنة بصديقتها فهذه الأخيرة كانت تبيع الديول التي تعده لها جدتها في البيت، لكن نور الهدى كانت نحيلة وضعيفة البدن مقارنة بروميساء فالناظر إليها يوحى له أن سنها أقل بكثير من سنها الحقيقي، أردنا أن نعرف الأسباب التي دفعتها إلى بيع الديول في السوق خلال شهر رمضان، فردت علينا هذه الأخيرة أنها تعيش رفقة جدتها الطاعنة في السن بعدما أعاد والدها الزواج مرة أخرى، لذلك بقيت هي في منزل جدتها التي ترعاها، هذه الجدة معروفة عند جميع سكان الحي أنها تصنع (ديول) من النوع الرفيع، لذلك يقصد الناس بيتها طوال أيام الشهر الفضيل من أجل اقتنائها، وعندما شاهدت هذه الجدة روميساء تبيع الخبز في سوق كلوزال ولم يتعرض لها أي أحد قررت هذه الأخيرة أن ترسل حفيدتها هي الأخرى لتبيع الديول في السوق مثلما يفعل أقرانها من الأطفال حتى يحسنون دخلهم قليلا خصوصا وأن هذا النشاط يعرف ركودا في باقي أيام السنة. الحميصة والحشيش.. تجارة آخرين لكن وعلى ما يبدو أن الكثير من الأطفال يستغلون حلول شهر رمضان حتى يعملوا لكسب لقمة عيشهم، ما جعلنا نبحث عن أطفال آخرين يمارسون نفس الأنشطة في أسواق أخرى، لتجمعنا الأقدار بمهدي صاحب 13 سنة في سوق علي ملاح المتواجد بأول ماي بالجزائر العاصمة، هذا الأخير كان ناصبا طاولة لبيع (الحميصة)و(الحشيش) اللذان لا يمكن الاستغناء عنهما في أي بيت جزائري أيام الشهر الفضيل، تقربنا من مهدي حتى نعرف الأسباب التي دفعته لبيع هذه المواد خلال شهر رمضان، فأجابنا مهدي أنه متعود على ممارسة هذا النشاط منذ أن كان عمره 8 سنوات، فوالده يملك طاولة في السوق يبيع فيها الفاكهة وحتى لا يبقى ابنه يتسكع في الشوارع طوال أيام الشهر رفقة أبناء السوق قرر أن يجعله يعمل حتى يكسب بعض المال الذي يدخره له فيما بعد ليشتري به كل الملابس التي يريدها وكذلك الدراجة التي يحلم بها، وقد بدا مهدي سعيدا جدا بعمله فقد تعود عليه وأصبح لا يستغني عنه كل شهر رمضان.