بقلم: محمد قروش أثار إعلان فرنسا تدشين مصنع لسيارات بيجو بالمغرب بداية هذا الأسبوع كثيرا من الحيرة والتساؤلات لدى الجزائريين الذين تعجبوا كيف أنه بعد أيام من زيارة الرئيس الفرنسي هولاند للجزائر والإعلان عن إقامة مشروع لبيجو في الجزائر، قامت هذه الشركة ذاتها بالإعلان عن وضع اللمسات الأخيرة لتدشين مصنع ضخم للسيارات الفرنسية بالمغرب بقيمة 2 مليار دولار موّجه للإنتاج والتصدير نحو إفريقيا والشرق الأوسط بطاقة إنتاج يفوق 100 ألف سيارة في السنة، وهو ما يبين نوايا الشركات الفرنسة الخبيثة التي تلعب على عدة حبال في آن واحد من أجل تحقيق مآربها الاقتصادية دون اعتبار لمقوّمات الشراكة الحقيقية التي تقوم على الثقة المتبادلة والمصلحة المشتركة. ويبدو أن شركة بيجو هي الأخرى ستحذو حذو شركة رونو في الجزائر، حيث سيتحول هذا المشروع الذي رافق زيارة هولاند إلى مجرد ورشة لتركيب (الخردة) الفرنسية في الجزائر لإعادة بيعها للجزائريّين بأسعارها المطبقة في الخارج وتحويل العملة إلى شركاتها الأصلية دون إضافة ملموسة للاقتصاد الجزائري ودون أدنى مستويات الاندماج الاقتصادي مثلما حدث بالجارة المغرب التي سيتحول مصنعها إلى مورد للعملة الصعبة للبلاد دون الحديث عن آلاف اليد العاملة التي سيمتصها. والحقيقة أن العيب ليس في فرنسا أو شركاتها العابرة للقارات التي تجري وراء التوسع والمنافسة والربح الوفير بل العيب في الجزائريين الذين يفاوضون على الفتات وبقايا الخردة ويقدمون التنازلات الكبيرة بينما يأخذ الآخرون المشاريع الكبرى والاستثمارات الضخمة التي تنمي أوطانهم وترفع اقتصادهم، رغم أن الجزائر تملك من عناصر القوة والإقناع ما يجعلها في أريحية كبيرة عند التفاوض. ورغم أن الخبث المغربي يبدوا واضحا في هذه الصفقة التي تهدف من ضمن ما تهدف إلى إغاضة الجزائر في إطار حربها الدبلوماسية والاقتصادية، إلا أن ذلك يمكن أن يكون درسا واضحا للمسؤولين الجزائريين في كيفية الدفاع عن مصالح البلاد ورفع درجات التفاوض من أجل الحفاظ على الاقتصاد الوطني ودفعته إلى الأمام في عالم يتميّز بالتنافس والمناورات بعيدا عن العواطف والحسابات الضيّقة.