محلّلون وسياسيون يحذّرون من التصفية المتعمّدة لقضية اللاّجئين هذه تفاصيل المخطّط الصهيوني للقضاء على (الأونرروا) يخشى لاجئون وسياسيون وقوى مجتمعية فلسطينية من وجود مخطّطات ورؤى صهيونية ودولية لتصفية قضية اللاّجئين عبر اصطناع سلسلة من الأزمات نتج عنها تقليصات في خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاّجئين (الأونروا) على الرغم من تزايد حاجة اللاّجئين ومعاناتهم واتّساع رقعة آلامهم في الآونة الأخيرة. تعاني (الأونروا) من عجز مالي يقارب مائة مليون دولار وهي تشكو منذ نحو تسع سنوات من أزمات مالية متعاقبة لا تجد معها التمويل المناسب لبرامج معيّنة. والملفت أن نقص التمويل هذا يُصيب برامج لها علاقة بالتعليم والخدمات الاجتماعية خصوصا المساعدات الإنسانية من دون أنّ يصيب في السابق برامج ترفيهية تُقيّمها المنظّمة الدولية. واتّخذت (الأونروا) سلسلة قرارات قاسية أثّرت على اللاجئين سلباً في مناطق تواجدهم لكن الأخطر والأسوأ هو انتظار اللاّجئين ما هو أعقد وأصعب في ظلّ الإشارات الكثيرة على تزايد الضغط الدولي والإسرائيلي على (الأونروا) بوّابة قضية اللاّجئين الفلسطينيين في العالم. وأطلقت (الأونروا) في هذا الصدد نداءات استغاثة دولية عّدة لجمع أموال لبرامجها لكن النتائج لم تكن إيجابية في صالحها ويقول مسؤولوها إن (الدول العربية جزء من الأزمة لأنها لا تقوم بدورها في دفع الحصص المطلوبة منها للأونروا والتي أقرّها مجلس الجامعة العربية والمُقدّرة ب7 في المائة من الميزانية العامة). كذلك عقدت المنظّمة اجتماعا غير عادي للجنتها الاستشارية بهدف مناقشة الأزمة المالية الأشدّ التي تعصف بها منذ تأسيسها. وستقوم اللّجنة بمراجعة المخاطر المتزايدة لاضطرار (الأونروا) إلى تأخير بدء العام الدراسي لما يقارب نصف مليون طالب وطالبة في نحو 700 مدرسة تنتشر في الشرق الأوسط ما لم يتمّ تمويل العجز البالغ 101 مليون دولار بالكامل قبل الموعد المقرّر لبدء المدارس. وتجمع الجلسة التي ستعقد في الأردن كبار الجهات المانحة والمستضيفة للأونروا. * أزمة مفتعلة يُبدي مفوّض عام (الأونروا) في هذا الصدد بيار كرهينبول قلقه من (أن تقوم الأزمة التمويلية التي نعاني منها حالياً بإجبارنا على النظر في تأخير بدء السنة الدراسية) موضّحا أن (قرارا كهذا سيعمل على توليد الكثير من التوتر واليأس لمئات الآلاف من الفتيان والفتيات المتفانين جدّا في دراستهم). لكن مصادر فلسطينية مواكبة للملف تقول إن (هناك خشية عربية من أن تكون أزمات الأونروا المالية مقصودة ومُخطّطاً لها لدفع العرب إلى احتضان المنظمة الدولية وهو ما يعني تحويل قضية اللاّجئين من مشكلة دولية أممية إلى فلسطينية عربية وهو ما يخشاه المسؤولون العرب). ويتّهم رئيس دائرة شؤون اللاّجئين في حركة (حماس) عصام عدوان الاحتلال ب (القيام بسلسلة من المحاولات من أجل تصفية الأونروا عن طريق اللوبي الصهيوني الموجود في دول عدّة والتأثير على هذه الدول المانحة لتقليص دعمها للأونروا). ويشير عدوان إلى أن (السعي الصهوني لتصفية المؤسّسة الدولية بدأ مع مفاوضات السلام في مدريد قبل أكثر من عقدين من الزمن حين بدأت الأونروا سلسلة من الإجراءات كالتقليص في الخدمات المقدّمة ووقف المشاريع التي يستفيد منها اللاّجئون بشكل تدريجي) ويلفت إلى أنه (يبدو أن هناك قراءة من العديد من الأطراف الدولية حاليا بأن الظرف موات لاتّخاذ إجراءات وخطوات صعبة وقاسية وصولا إلى محاولة إنهاء وجود المؤسّسة الدولية في إطار الحديث عن عجز مالي يصل إلى 101 مليون دولار) ويشير إلى أن (القرارات والتقليصات التي تنتهجها الأونروا تصبّ في اتجاه تصفية عمل المؤسّسة الدولية وإنهاء تقديمها خدمات لملايين اللاّجئين الفلسطينيين في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات اعتماد شرائح المجتمع الفلسطيني على المساعدات الإغاثية في ظلّ الظروف القاسية). ويوضّح مسؤول دائرة شؤون اللاّجئين في (حماس) أن (إجمالي العجز السنوي للأونروا يتراوح بين 50 و70 مليون دولار وكانت تتعامل معه المؤسّسة الدولية عبر الاقتراض من موازنة العام الذي يليه فيجري ترحيل العجز من دون أي زيادة عليه للسنة التالية). ويتّفق القيادي في حركة (الجهاد الإسلامي) خضر حبيب مع عدوان موجّها أصابع الاتّهام للاحتلال وأطراف دولية لم يُسمِّها اعتبرها (متواطئة مع الاحتلال في محاولاته المستمرّة لنزع أيّ اعتراف دولي بقضية اللاّجئين وتصفيتها عبر إنهاء عمل وكالة الغوث). ويقول حبيب إن (الإجراءات المُتّخذة في السنوات الأخيرة تريد تحويل قضية اللاّجئ الفلسطيني إلى قضية إغاثية وإنسانية من دون أيّ جانب سياسي) وهو ما يجري حاليا عبر تقليص الخدمات ووقف البرامج وإلغاء عقود الموظّفين الدوليين وسلسلة التقليصات الموجودة والتي تقول (الأونروا) إنها ستقدم عليها في حال استمرار أزمتها المالية. ويشير حبيب إلى أن (بعض المسؤولين الدوليين في الأممالمتحدة والأونروا جزء من الأزمة ويتناغمون مع الاحتلال في مشاريعه وأهدافه وهم جزء من المشكلة التي تعانيها المؤسّسة الدولية حاليا) ودعا المؤسّسات الوطنية والشعب الفلسطيني إلى (التكاتف وإلى تصعيد خطواته من أجل وقف مخطّط تصفية قضية اللاّجئين الفلسطينيين وإفراغها من مضمونها السياسي). * أهداف شيطانية يؤكّد القيادي في (الجهاد) أن (الحديث عن أزمة مالية وإجراءات تقشّفية صعبة يأتي في إطار توفير الغطاء لمشروع تصفية عمل الأونروا في مناطق عملياتها الخمس) غير أنه يلفت إلى أنه (من الممكن السيطرة على الأزمة الحالية وحلّها دوليا من خلال الأمم المتّحدة). أمّا المتحدّث باسم حركة (فتح) فايز أبو عيطة فيُحمّل المجتمع الدولي مسؤولية ما يجري من أزمات مالية متعدّدة أصابت وكالة غوث وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيين وصولا إلى الإجراءات التقّشفية التي تقوم بها المؤسّسة حاليا بسبب العجز المالي الذي تعانيه. ويؤكّد أبو عيطة أنه (يوجد تقصير دولي في حقّ قضية اللاّجئين الفلسطينيين ومحاولة للتنصّل من أداء المسؤولية الإغاثية لآلاف اللاّجئين الفلسطينيين في المناطق الخمس التي تقدّم فيها الأونروا خدماتها لجمهور كبير من اللاّجئين). ويدعو المتحدّث باسم (فتح) المجتمع الدولي إلى (القيام بمهامه ومواصلة تقديم الخدمات الإغاثية والإنسانية للاّجئين الفلسطينيين والتدخّل الفوري من قِبل الأمم المتّحدة من أجل سدّ العجز العام في موازنة الأونروا لتمكينها من القيام بدورها اتجاه آلاف المستفيدين) ويعتبر أن (الإجراءات التقشّفية والتقليصات في عمل الأونروا جزء من حالة التقصير الدولي اتجاه قضية اللاّجئ الفلسطيني والاكتفاء بوجود شكلي لهذه المؤسّسة الدولية التي أُنشئت بقرار 194 من الأمم المتّحدة) ويرى أن (التقليص سيلحق الضرر بآلاف اللاجئين وبقضيتهم نفسها). من جانبه يؤكّد عضو المكتب السياسي ل (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) كايد الغول أن (دولة الكيان تعمل منذ قيام السلطة الفلسطينية بموجب اتّفاقية أوسلو على إنهاء وجود الأونروا في الأراضي الفلسطينية لتُنهي أيّ مسؤولية دولية تجاه قضية اللاّجئين). ويلفت الغول إلى أن (دولة الاحتلال استطاعت العمل على تجفيف موارد الأونروا المالية خلال السنوات الأخيرة من خلال علاقاتها الواسعة دوليا مع الكثير من الدول المانحة) ويبدي اعتقاده بأن (ما تقوم به الأونروا حاليا من خطوات تقشّفية داخل مؤسّساتها خطوة متدحرجة وصولا إلى تصفية المؤسّسة وإنهاء وجودها بشكل كلّي). ويُحمّل الغول أيضا الأمم المتّحدة وإدارتها العليا المسؤولية الكاملة عن الحالة المالية التي تعصف ب (الأونروا) منذ سنوات داعيا إيّاها إلى (ضرورة تأدية دور أفضل في توفير الدعم المالي من الدول المانحة ومحاولة التأثير عليهم لزيادة دعمهم المادي للوكالة).