عادت عبارات بالرّوح بالدم·· نفديك يا·· لتخيّم على الشارع العربي بعد الاعتداء الدموي الذي راح ضحّيته عشرات الأبرياء في مصر، وهذه المرّة كان الصليب هو الرّمز الذي أعلنت جموع من المتظاهرين الغاضبين حرصها على تقديم أرواحها فداء له· ومن المؤسف جدّا أن يعتقد كثير من هؤلاء أن ضحايا الاعتداء الدموي الذي استقبلت به مصر العام الجديد هم ضحايا لأتباع الديانة الإسلامية الذين هتفوا من قبل في مناطق أخرى بالرّوح·· بالدم·· نفديك يا محمد ردّا على الرسوم المسيّئة إلى الرسول المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم· لكن هؤلاء المسلمين الذين خرجوا في مسيرات مليونية مبدين استعدادهم للموت دفاعا عن المصطفى ضد المسيئين إليه لم نسمع عن قيام أحد منهم بتقديم روحه ودمه ثمنا لعمل قام به دفاعا عن الرسول، فقد استمرّت الإساءات الصليبية المتعمّدة لرسول الإسلام والبشرية جمعاء وتعدّدت الإساءات لمختلف رموز الإسلام، لكن الذين كانوا يردّدون عبارة بالرّوح·· بالدم·· نفديك يا محمد عادوا إلى بيوتهم وخفتت أصوات المتظاهرين شيئا فشيئا حتى بتنا نرى إساءات ولا نرى مظاهرات واختفى حتى أولئك الذين كانو يعبّرون عن استعدادهم للموت من أجل محمد عليه الصلاة والسلام، حتى ولو كان استعدادهم ذاك مجرّد كلام. وبالتأكيد لا نتمنّى لإخواننا في الإنسانية والعروبة من مسيحيي مصر أن يصبح حالهم مع الاعتداءات البغيضة كحالنا مع الإساءات المشينة، فيردّدون عبارة بالرّوح بالدم·· نفديك يا صليب ثمّ تتواصل الاعتداءات بحقّهم، ثمّ تخفت أصواتهم، ثمّ نرى اعتداءات ولا نرى احتجاجات· إن الإساءة للإسلام ورموزه إرهاب خطير، لكن قتل النّفس إرهاب أكبر وأخطر، وقد عانينا كجزائريين ويعاني المسلمون في أماكن كثيرة من هذا النّوع من الإرهاب القاتل الذي لا يقلّ خطورة عن الإرهاب الذي تعرّض له فريق من مسيحيي مصر بعد دقائق من حلول العام الجديد، وربما يشعر أتباع الصليب اليوم أكثر من أيّ وقت مضى بحجم الرّعب الذي عاشه ويعيش أتباع ديانة التوحيد.