بلادنا تحتل المرتبة الأولى عربيا في تفشي الظاهرة شبح العنوسة يلاحق بنات الجزائر في عصرنا الحالي بات يستحيل على البعض ولأسباب عدة الاستقرار في عائلة نظرا لما صار لمفهوم الزواج من معان مادية كثيرة فقد بات هذا الأمر أشبه بالحلم صعب المنال عند الكثيرين فتفشى في المجتمع ما يعرف بظاهرة العنوسة التي باتت هاجسا يؤرق الشابات لكن لكل حجته التي يتحجج بها لتفشي هذه الظاهرة في المجتمع الجزائري الذي لازال يتحفظ عن هكذا مواضيع نظرا لما تحمله من إحراج للبعض فالتقارير عن نسبة العنوسة لا تزال هي الأخرى تقريبية ولكن أبحاث المختصين تقر أن الجزائر تحتل أولى المراتب في نسبة العنوسة في الوطن العربي.
ي.آسيا فاطمة العنوسة بمفهومها الشامل تعني وصول الفتاة لسن متقدمة واقترابها من الخروج من سن الشباب وعدم دخولها للقفص الذهبي وتكوين أسرة تستقر في كنفها فلقب العانس يلتصق بالفتاة ويلاحقها عند بلوغها عقدها الثالث تقريبا أما بالنسبة للشباب فهذا اللقب لا يكنى به إلا نادرا ففي المجتمعات العربية عموما لا سن تمنع الرجل من الزواج حتى وإن تقدم به العمر إلى حدود الشيخوخة.
عزوف الشباب عن الزواج بسبب غلاء المهور ولأن لظاهرة العنوسة أسباب عديدة يتقدمها غلاء المهور فعلى الرغم مما بلغنا عن السلف الصالح (أقلكن مهورا أكثركن بركة) إلا أن بعض الأهل لا يزالون يغالون في مهر الفتيات والتي تصل قيمتها عند البعض لأسعار خيالية يتعذر دفعها على الشباب البسيط في كثير من الأحيان هذا دون التطرق لتبعات الأعراس ومصاريفها الخيالية فعلى حد قول بعض الشباب أن الفتاة تتخيل الشاب الذي تقدم لها يحمل مصباحا سحريا يحقق لها كل ما تتمناه وكأنها تصبح غير واعية بواقع أغلبية الشباب وما يعانونه من ضيق وحتى العائلات الميسورة هي الأخرى باتت تعاني من تبعيات هذه الظاهرة فموضة المغالاة في المهور باتت أكثر ما يثقل كاهل المقبلين عن الزواج والتي تدفعهم في بعض الأحيان إلى حد العزوف عن الزواج وهو حال الشاب سعيد الذي يعمل بوظيفة بسيطة بعد أن أنهى دراسته منذ فترة أعرب عن عدم إمكانيته لتحصيل مبلغ المهر الذي طلب منه من طرف أهل العروس مما أدى به إلى صرف النظر عن الموضوع إلى حين إمكانيته تحصيله لمبلغ يمكنه من دفع كل مصاريف الزواج والذي يتطلب منه في الواقع عمل سنين عدة أما جميلة فقد أخبرتنا بأنها أصبحت عانسا بسبب والدها ففي كل مرة كان يتقدم لها عريس كان والدها يثقل كاهله بشروط عديدة ومبالغ كبيرة مما أدى إلى عزوف الخطاب عنها وبقائها عانسا على حد تعبيرها.
إشكالية العقار في الجزائر تؤرق كاهل المقبلين على الزواج ومن المشاكل التي تحتل هي الأخرى المراتب الأولى في عزوف الشباب عن الزواج نقص العقار أو ضيق المساكن فهذه الإشكالية تعود جذورها لزمن ليس بقريب من تاريخ الجزائريين فطبيعة العمران في الجزائر يتصف عموما بضيق المساحة داخل البيوت مما يمنع في الغالب من عيش عائلتين معا في نفس المسكن ناهيك عن التهاب أسعار العقار في الجزائر فيمكن القول أنه في وقتنا الحاضر من المستحيل لشاب بسيط امتلاك بيت خاص به يمكنه من الاستقرار ولأن المجتمع بات لا يخلو حديث أفراده عن مشاكل الكنات والحموات فقد صار أكثر ما تخشاه الفتاة العيش في وسط عائلة كبيرة وعدم تحملها لذلك الروتين المرهق وهو ما أقرته لنا فاطمة بأنها تفضل البقاء عانسا على الزواج برجل لا يملك بيتا خاصا به مهما كانت الظروف فالبنسبة لها فإن هذا الأمر يعني بالضرورة الطلاق وهي تستدل بقصة إحدى جاراتها التي تطلقت بعد فترة وجيزة من زواجها وذلك بسبب عيشها مع أهل زوجها في مسكن واحد فكانت تعاني الأمرين فضيق المكان من جهة وتدخل أفراد أسرة زوجها في حياتها الشخصية من جهة أخرى وهو ما دفع بها في نهاية المطاف إلى طلب الطلاق. البطالة تنغص حياة الشباب ومن أكثر الدوافع التي تؤدي في الغالب إلى عزوف الشباب عن الزواج والعيش تحت طائلة شبح العنوسة هي إشكالية البطالة فإضافة لمشكل العقار يعاني أغلب الشباب من البطالة لأسباب عدة فسوق العمل شحيح نوع ما كما أن أغلب الشباب يرفضون العمل في وظائف بسيطة وزهيدة فهم يفضلون البقاء في أحيائهم والعيش عبئا على عائلاتهم على أن يعملوا في تلك الوظائف التي لا تدر عليهم سوى بدرهيمات قليلات على حد تعبير أحدهم كما أن فكرة الهجرة بكافة طرقها وتحت ظل كل أسبابها تمنع الأغلبية من الزواج والارتباط فأغلبية من تراودهم هكذا أفكار يطمحون للاستقرار بديار المهجر وبالتالي فهم يفضلون اختيار من يرغبون في الاستقرار معها أن تكون من ذات الخلفية الاجتماعية طلبا للتوافق في الأفكار وكذا التفاهم الجيد بينهم نظرا لوعيها بالمجتمع الذي تعيش فيه. العلاقات العابرة بديل الشباب عن الزواج ومن أكثر الأسباب أيضا التي أدت إلى تفشي ظاهرة العنوسة في المجتمع هي أن شباب اليوم وجدوا البديل في العلاقات العابرة من خلال معاكستهم للفتيات في الشوارع فالفتيات صرن في الغالب يرضخن لمثل هذه العلاقات ويخضن تجربتها تقليدا للغرب ودون وعي منهن لعواقبها الوخيمة وما تحمله من تبعيات تعود بالسلب على كليهما فالشباب عموما يخوض في عدة علاقات مع فتيات كثيرات فهو بهذا يجد البديل فيهن للاستقرار في بيت الزوجية والأمر سواء عند الفتيات فانتشار فكرة المصاحبة في أوساط الشباب أدت بالموازاة إلى زيادة نسبة العنوسة في المجتمع.
تحرر المرأة على حساب استقرارها في بيت زوجها وبإلاضافة لكل ما تم ذكره آنفا يمكن اعتبار تحرر المرأة سببا في ارتفاع نسبة العنوسة فالمرأة صارت تصرف الكثير من وقتها للدراسة كما أن تفرغها بالكامل لعملها ومنافستها الشديدة للرجل أدى في الغالب إلى تفويتها لمحطة الزواج من رحلة حياتها فهي ولحد بعيد تستغني عن الرجل إذا لم يوافق فتى أحلامها الخيالي فالاستقرار تحت سقف الزواج بالنسبة للكثيرات اللواتي يشغلن مناصب مهمة يعد من الكماليات وليس من الأولويات فأغلبيتهن يعشن نمط حياة مختلف عما كان متوارثا قديما.