اختارت العائلات الجزائرية منذ أمد بعيد حضور فرقة الزرناجية أو (الزرنة) كما يحلو للبعض تسميتها بحيث كانت تحضر بقوة في الأعراس الجزائرية خاصة على مستوى العاصمة وبعض المناطق المحاذية لها بالبليدة وتيبازة ... وقبل أن تكون عرفا في الأعراس فهي رمزا من الرموز التاريخية التي تحكي فترة من فترات المستعمر الفرنسي الغاشم. وتجدر الإشارة أن تلك الفرقة أفرزها الشيخ المدعو (منصور بوعلام) والمعروف ب(شيخ الشيوخ) بوعلام تيتيش حيث أنشأ فرقة الزرنة وعرفت بطريقة عزفها المتناسق الذي شد الآذان آنذاك واستمتع بطريقة أدائه الفريدة من نوعها حتى المستعمر الفرنسي وواصل الشيخ بوعلام تيتيش نشاطه حتى بعد الاستقلال وتتلمذ على طريقته الكثير من العازفين في ذلك النوع من الموسيقى الجد قديمة ذات الأصول التركية حيث يعود تاريخها إلى التواجد العثماني بالجزائر. وعادة ما ترافق فرق الزرنة مواكب العرس وتجلب العروس إلى بيت الزوج على أنغامها من دون أن ننسى اللباس التقليدي الخاص لعناصر الفرقة ويتكون أساسا من سروال مدور وقميص بكمين وآخر من دون كمين مصنوع من (القطيفة) ومطرز بالمجبود إلى جانب طربوش أحمر موضوع على الرأس. لكن وعلى الرغم من تمسك البعض بحضور الزرناجية في مواكب العرس إلا أن بعض العائلات رأت أن تعوضها بفرق (الأوركسترا) الحديثة في موكب العرس التي تختلف كثيرا عن فرق الزرنة بسبب حلتها المعاصرة والتي تتلخص في اللباس وحتى في طريقة أداء تلك الأنعام التي لا تشبه الزرنة في شيء بالنظر إلى اختلاف الآلات الموسيقية وإدخال آلات جديدة. وفي هذا الصدد كانت لنا جولة لرصد بعض الآراء حول هذه النقطة فقالت الحاجة حجلة إن أعراس اليوم أضحت تلهث وراء كل ما هو عصري وحديث تلك العصرنة التي أثرت سلبا على العادات والتقاليد حيث قضت عليها برمتها ذلك ما نشاهده في أعراسنا- تقول - فالزرنة في أعراس اليوم أصبحت تختلف بكثير عن زرنة الأمس ويظهر ذلك في طريقة اللباس وكذا في نوع المعزوفات الموسيقية التي أدخلت عليها آلات جديدة كالمزامير الحديثة وبات يعزف فيها شتى أنواع الموسيقى وبتنا نسمع حتى معزوفات أغاني الراي الهابطة ورأت أنها تفضل فرق الزرنة التي تحافظ على المعزوفات الهادئة مثل أيام زمان ولا تعجبها التغييرات الحاصلة. نفس ما راحت إليه السيدة نصيرة التي قالت إن في عائلتها لازالوا يحافظون على عرف حضور الزرنة بموكب العروس كونها تضفي نكهة خاصة على الأعراس الجزائرية ويتمسكون بفرقة الزرناجية التقليدية التي تعتمد على اللباس الخاص ومعزوفات الشيخ بوعلام تيتيش وهي ترى أنه لا بديل عن تلك الفرق العريقة. ومهما قيل عن الزرنة فإنها تبقى موسيقى عريقة تحكي حقبة من الحقب الزمنية التي عاشتها الجزائر وما تمسك أغلب العائلات بها في أعراس اليوم إلا دليل عل سر وتفوق تلك الفرق بالنظر إلى معزوفاتها الهادئة والنظيفة التي تعبر عن الابتهاج والفرح.