بكين تتوجّه نحو خفض وارداتها النفطية *** في وقت غزا فيه المنتوج الصيني الأسواق الجزائرية وقضى على الصناعة المحلّية تبدو بلادنا في وضع حرج بفعل تداعيات انهيار أسهم (العملاق النّائم) في البورصة العالمية وتراجع نمو اقتصاده إلى أقلّ من 7 بالمائة خصوصا إذا علمنا بأن الجزائر تستورد من الصين كلّ شيء تقريبا فيما تقتصر صادراتنا لهذا البلد على النفط هذا الأخير تفكّر بكين في تذليل فاتورة استيراده لرأب صدع الأزمة. تزايدت المخاوف في الأسواق العالمية مع هبوط الأسهم الصينية إلى درجة أثارت ذعر الحكومات المتعاونة مع التنّين الآسيوي خصوصا تلك المصدّرة للبترول. فالصين أصبحت بفضل نمو اقتصادها بمعدلات زادت على 12 بالمائة خلال العقد الماضي أكبر مستورد للنفط التي تنتجه الدول العربية من بينها الجزائر بمعدل يومي يصل إلى 3 ملايين طنّ يوميا. وبما أن انهيار الأسهم الصينية يعكس أيضا تراجع نمو الاقتصاد الصيني إلى أقلّ من 7 بالمائة فإن آفاق هذا الاقتصاد لا تبدو وردية في المدى المنظور فقد تزايدت المخاوف من تراجع استيرادها من النفط المتوفّر بكمّيات فائضة في الأسواق العالمية حاليا. وهذا ما ساهم في مزيد من الانهيار في سعر الذهب الأسود الذي تهاوي إلى أقلّ من 40 دولارا للبرميل مؤخّرا بعدما زاد على 110 دولارات أوائل صيف العام الماضي 2014 علما بأن بلادنا تعتمد بشكل كبير على الاستهلاك الصيني للنفط حيث تمثّل الصادرات الجزائرية إلى الصين 2.89 في المائة وتقتصر على النفط والغاز ومشتقّات البترول. ميزان تجاري عاجز تشهد العلاقات الصينية-الجزائرية تطوّرا ملموسا يشمل إقامة مناطق سكنية وتجهيز البنية التحتية بالطرق والكهرباء وشبكات الاتّصال إضافة إلى مشاريع تشمل صناعات نسيجية ومنزلية. وتعوّل بلادنا على تعزيز التعاون مع الشركات الصينية التي تعزّز حضورها العالمي على هذا الصعيد الأمر الذي يعكس ازدياد حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من خمسة أمثاله بين عامي 2004 و2011 حسب مركز دراسات جامعة بكين للتجارة والاقتصاد الدولي. بيْد أن إحصاءات مصالح الجمارك الجزائرية تشير إلى بلوغ قيمة الصادرات الصينية إلى الجزائر العام 2014 ما قيمته 8.197 مليار دولار مقابل واردات صينية لا تتعدّى 1.817 مليار دولار وهو ما يعني تسجيل عجز في ميزان التعاملات التجارية لغير صالح الجزائر يقدّر ب 6.380 مليار دولار وهو من أعلى مستويات العجز الذي تسجّله الجزائر في تعاملاتها الخارجية. وتمثّل الصادرات الجزائرية إلى الصين 2.89 في المائة علما بأنها تقتصر على النفط والغاز والفلّين ومشتقاّت البترول بينما تمثّل الواردات الجزائرية من الصين 14.05 في المائة من مجموع ما تستورده الجزائر. المنتوج المحلّي يدفع الثمن من جهة أخرى تستورد الجزائر من الصين الألبسة والأدوات المنزلية والأحذية والحقائب وألوف السلع الاستهلاكية التي غزت الأسواق المحلّية كونها تناسب القدرة الشرائية ل (الزوالية) أكثر من مثيلتها المحلّية والأوروبية. وتذهب بعض التقديرات إلى أن المُنتَج الصيني يُهيمن على السوق الجزائرية بنسب تتراوح بين 35 إلى 50 بالمائة. وإذا كان المنتج الصيني وفّر الألبسة ومنتجات أخرى للمستهلك الجزائري بأسعار منافسة فإن المنتج المحلّي دفع ثمن هذه المنافسة التي أدّت إلى اختفاء كثير من الصناعات التقليدية والحرفية لا سيّما في قطاع النسيج والمنتجات الجلدية. ولعلّ خير مثال على ذلك ما حصل خلال السنوات العشرين الماضية من تراجع خطير في صناعة الأحذية الجزائرية والألبسة التقليدية التي حلّ المنتج الصيني محلّها أو دخل بشكل قوي في مكوّنات تصنيعها. الأمل الأخير في محاولة منها لإنعاش ما تبقّى من الصناعات المحلّية اتّخذت الحكومة إجراءات جديدة لحماية الإنتاج الوطني من المنافسة الخارجية بشكل عام والصينية بشكل خاص من خلال تقديم تسهيلات ضريبية والعمل على توفير المادة الأوّلية وهما شرطان أساسيان لمنافسة المنتوج المحلّي نظيره المستورد وكذا تخفيض فاتورة الاستيراد التي من المنتظر تقليصها إلى ما يقارب ال 30 في المائة في غضون الثلاث سنوات المقبلة إذا تجسّدت وعود الحكومة .