حدثنا محمد بن المثنّى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شُعبة قال: سمعت قتادة يُحدث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بن كعب: إن الله أمرنى أن أقرأ عليك (لم يكن الذين كفرو) قال: وسمّانى. قال: نعم. قال: فبكى. -فهذا الموقف النوراني يؤكد جملة من الحقائق الهادية: 1- أن الله يرفع بالقرآن الكريم من استجاب لهديه وأخلص له فسيدنا (أُبى) رضي الله عنه تعاهد القرآن وتدارسه في سفره وفي حضره وفي ليله ونهاره يقرأ ويحفظ ويفهم ويتفقه يكتب الوحي كما أُنزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويرتل القرآن ليُحاكى نطق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما أُنزل عليه. فإذا جاءت الوفود أجلسها النبي (صلى الله عليه وسلم) مع سيدنا (أُبى) لتستمع منه إلى القرآن وليشرح لهم ويعلمهم فإذا غاب النبى (صلى الله عليه وسلم) في سفر عن المدينة أمر (أُبى بن كعب) أن يؤم الناس وزكاه النبى (صلى الله عليه وسلم) فقال: (أقرؤهم لكتاب الله أُبى بن كعب). 2- هذا الأدب الجم من سيدنا(أُبى بن كعب) بين يدى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد أبكى أمام هذه المكرمة الغالية التي أكرمه الله بها فألزم نفسه التواضع أمام رسول الله (صلى الله عليه وسلم). 3-أن الآيات التي قرأها النبي (صلى الله عليه وسلم) من سورة البينة جاءت تثبيتاً لقلب سيدنا (أُبى) حيث اشتملت سورة (البينة) على توبيخ أهل الكتاب والمشركين لإصرارهم على ضلالهم بعد أن تبين لهم الحق والتعجب من تناقض أحوالهم وبيان أن كفرهم لم يكن بسبب جهلهم وإنما كان بسبب جُحودهم وعنادهم وحسدهم للنبى (صلى الله عليه وسلم) على ما أتاه الله من فضله ثم بين الله حُكمه فيهم أنهم شر البرية وفى مقابل ذلك مدح الله تعالى المؤمنين أنهم خير البرية وفي هذا إشارة إلى أن سيدنا (أُبى) مقصود بهذه المعاني العالية وإنه من أهل هذه البشريات القرآنية وأنه من خير البرية وأنه من أهل الرضا الذين قال الله تعالى فى شأنهم (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولآئك هم خير البرية).