يشهد المغرب غليانًا بين صفوف الجمعيات والتنظيمات ونشطاء الحركة الأمازيغية، وذلك بعدما أصدرت المندوبية السامية للتخطيط، المؤسسة العمومية المكلّفة بالإحصاء، تفاصيل جديدة عن عملية إحصاء سكان المغرب لعام 2014، قالت من خلالها إن نسبة الناطقين بالأمازيغية لا تتجاوز 26,7 في المئة من مجموع السكان المغاربة... فبعدما أكدت سابقًا أن سكان المغرب يصل عددهم إلى 33,8 مليون نسمة، قدمت المندوبية تفاصيل جديدة حول فئات السكان وأنشطة العمل ومعدلات الزواج ووضعية اللغات وتفاصيل أخرى، وجاء في تقريرها الحديث أن الأمازيغ يتوقف عددهم في 26,7 في المئة، وهو رقم أقل بكثير ممّا تعلنه الكثير من الجمعيات الأمازيغية التي تتحدث عن تجاوز النسبة ل50 في المئة، وبل ويقلّ حتى عن رقم 2004 الذي بلغ 28 في المئة، بحسب سي ان ان. وأصدرت الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بيانًا ناريًا قالت من خلاله إن نتائج الإحصاء "تهدد وجود الشعب الأمازيغي ككيان ثقافي ولغوي وحضاري بالمغرب، وأن هناك من يسعى إلى المساس بحق الأمازيغ في وجودهم وإلى عرقلة صدور قانون تنظيمي منصف لهذه اللغة"، متحدثة أن المندوبية تسعى إلى تسريع "وتيرة سياسة التعريب والأسلمة". وتابعت الفدرالية في بيان، أن ما تعرضت له اللغة والهوية الأمازيغية بالمغرب، يعدّ "جريمة ضد الإنسانية"، مطالبة الدولة المغربية بجعل 13 أكتوبر من كل سنة الذي أعلنت فيه عن نتائج الإحصاء يوم "النكبة الأمازيغية"، وب"الاعتذار الرسمي عن الإنتهاكات الجسيمة التي طالت ملف الأمازيغية والأمازيغ، ووضع مخطط استعجالي يروم إنقاذها". كما صرّح التجاني الهمزواري، الكاتب العام للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، أن الرقم المعلن عنه، وإن كانت المنهجية التي أفضت إليه قاصرة وغير دقيقة، يمثل دليلًا على صمود الأمازيغية، ويُسائل الدولة أولًا على وتيرة التغيّرات اللغوية بالمغرب ودورها في حماية المكونات اللغوية وتنميتها. وأضاف الهمزاوي أن هذا الرقم يسائل الدولة كذلك بخصوص مستوى المكانة اللاثقة بالأمازيغية في السياسات العمومية: "لا يُعقل أن تعترف الدولة بأن نسبة 27 في المئة من المغاربة يتحدثون الأمازيغية ولا يستفيدون مثلًا إلّا من حصة 7 في المئة من الإعلام العمومي؟ كما يطرح هذا الرقم سؤال النفوذ الترابي للغات". ومن جهتها، عبرّ "التجمع العالمي الأمازيغي" على لسان رئيسه، رشيد راخا، أن الرقم المعلن عنه "مزوّر"، ولا يستخدم المنهجية التي تطلبها الأممالمتحدة في مثل هذه الإحصاءات، متحدثًا عن أن العاملين في الإحصاء اقتصروا في نسبة الأمازيغية على الأشخاص الذين أجابوا على الأسئلة الموجهة لهم باللغة الأمازيغية، دون الأخذ بعين الاعتبار اللغة الأم للكثير من المستجوبين. وأضاف راخا، أن المندوبية وضعت الأمازيغية في المرتبة الثالثة بالمغرب بعد العربية والفرنسية، بينما في فرنسا، تعد الأمازيغية الثانية من حيث الانتشار بعد الفرنسية على حد قوله، مضيفًا أن المغرب قاوم على الدوام ظاهرة التعريب، وأن غالبية سكانه من أصول أمازيغية، مشيرًا إلى أن رقم الناطقين بالأمازيغية، يصل حسب دراسات سوسيولوجية، إلى 60 في المئة من مجموع المغاربة.