من المقرّر أن ينظّم مخبر الخطاب التواصلي الجزائري الحديث بالمركز الجامعي (بلحاج بوشعيب) لعين تموشنت الملتقى الوطني الثاني تحت عنوان (الخطاب الديني آلياته اللسانية وأسسه المعرفية) يومي 26 و27 جانفي 2016. يهدف هذا الملتقى إلى مساءلة الخطاب الديني عبر حقبه المتوالية وتأسيسه على لغة غير لغته أي تأسيسه على الهامش التأويلي الذي غدا يتمرّد على خطاب النصّ بل ويناقضه وينافحه ومردّ ذلك كله إلى تلك المدوّنة اللسانية التي كان العدول فيها بين الدال ومدلوله شاسعا وواسعا ممّا جعل مساحة القراءة تتّسع وتتحوّل إلى مجال خصب للتأويل. وتفرض الحمولة اللغوية التي يحفل به الخطاب الديني بصفته مدوّنة لسانية في البدء على الباحثين تأمّل اللّغة وإحالاتها التداولية فمنطق التفاعل الإقناعي والحجاجي بين المتخاطبين في هذا الخطاب يلزمنا دراسة بنياته المهمّة (اللسانية-البلاغية-السيميائية) فتواصلية الخطاب الديني جعلته حافلا حدّ التميّز بطاقات تداولية لم يحفل بها أيّ خطاب. ومضمار التثاقف يفرض اليوم أن نتأمّل -وبعلمية- بنية الخطاب الديني وأنساقه المكوّنة ودلالاته وإحالاته المعرفية لأنه شحن في عصرنا الحالي بحمولات مختلفة في ظلّ إكراهات العولمة وظروف الإعلام الجديد وتطوّر الثقافة وتدفّق المعلومة الدينية من كلّ حدب وصوب الأمر الذي شتّت الإدراك الايجابي للخطاب الديني والوعي بمختلف حمولاته. وضمن النظر العلمي لعلوم الخطاب المتعدّدة وانطلاقا ممّا يثار حول الخطابات الدينية المتناطحة في عصرنا الحالي يكون لزاما على الباحثين الاهتمام بالبنية اللغوية للخطاب الديني وسياقاتها الحاضنة فهذا الخطاب قبل كل شيء خطاب لغة وبلاغة وسرود نوعية تهدف إلى تحقيق هدف معيّن ذي فروع دينية بحتة سياسية اجتماعية إعلامية كما أن هذا الخطاب بحمولاته المختلفة ينطوي على غيرية مفتوحة تجعله عرضة لتأويلات متناقضة.