يرى المدرب الحالي لاتحاد العاصمة نور الدين سعدي، أنه من الضروري استغلال فرصة تأهل المنتخب الوطني إلى مونديال جنوب إفريقيا لإنعاش كرتنا. ولا يكون ذلك إلا بالعودة إلى التكوين القاعدي وإسناد مهمة التأطير لمؤطرين في المستوى، معترفا بصعوبة مهمة »الخضر« في جنوب إفريقيا للعبور إلى الدور الثاني. أما بشأن تتويج وفاق سطيف بكأس الجزائر أول أمس أمام شباب باتنة، فقال سعدي إن هذا التتويج، كان منتظرا بعد وصوله إلى المربع الذهبي، كاشفا أنه لم يفصل بعد في وجهته المقبلة في ظل العروض الكثيرة التي وصلته من عدة فرق تنشط بالجزائر وأخرى من بعض بلدان الخليج العربي، وهو ما أكده لنا في هذا الحوار. - من خلال تجربتك الطويلة في عالم التدريب كيف تتوقع مشوار »الخضر« في مونديال جنوب إفريقيا؟ == طبعا، مهمة المنتخب الوطني لن تكون سهلة ولكن تأهلنا إلى المونديال بعد غياب طويل يُعد بمثابة جرعة أكسجين للكرة الجزائرية، وهذا بفضل مجهودات جميع الأطراف التي ساهمت في هذا الإنجاز التاريخي؛ لأن ليس من السهل بلوغ ذلك بالنظر إلى الظروف الصعبة التي مرت بها كرتنا. والأكيد أن إرادة اللاعبين صنعت الفارق للذهاب إلى هذا الموعد الهام الذي يتمناه كل لاعب خلال مشواره الرياضي. - لكن البعض يرون تأهلنا تحقق بفضل اللاعبين المحترفين، أليس كذلك؟ == هؤلاء المحترفون هم أبناء الجزائر. واختاروا تقمّص الألوان الوطنية عن طواعية. يبقى علينا كتقنيين ورؤساء أندية الاستثمار في هذه القفزة النوعية للخضر بالعودة إلى التكوين، وإعداد لاعبين يرافقون المحترفين مستقبلا. - قبل أقل من شهرين عن هذا الموعد كثر الكلام عن ضرورة إعادة النظر في التشكيلة بالاعتماد على لاعبين أكثر جاهزية، هل أنت مع التدعيم أم العكس؟ == دون التدخل في صلاحيات سعدان، أعتقد أنه من الضروري تدعيم التعداد بلاعبين مستواهم يتماشى مع المستوى المنتظر في هذاالونديال، لأننا سنواجه منتخبات قوية وليست بالمقارنة مع التي لعبنا ضدها في كأس أمم إفريقيا التي جرت مؤخرا بأنغولا، وذلك دون المساس بركائز التشكيلة التي كانت وراء افتكاك ورقة التأهل؛ بإحداث تغييرات طفيفة على مستوى الخط الأمامي، الذي يبقى بحاجة إلى خدمات مهاجمين من العيار الثقيل كما هي الحال لخط الدفاع، لأن غياب أي لاعب لأسباب قاهرة من شأنه أن يصعّب أكثر من مهمة الطاقم بالنظر إلى عدم وجود لاعبين في الوقت الحالي لديهم نفس مستوى بلحاج أو بوڤرة أو عنتر يحيى عكس خط الوسط، الذي يوجد في وضعية أفضل؛ لوجود عدة لاعبين مستواهم متقارب جدا، وقادرون على استخلاف أي لاعب يغيب لأسباب قاهرة. -إذن نفهم من كلامك أن »الخضر« قادرون على تشريف الكرة الجزائرية في هذا الموعد العالمي؟ == ككل جزائري، أنا متفائل جدا بمستقبل المنتخب الوطني والظهور في هذا الموعد بمستوى يليق بمقام الجزائر، لأننا نملك لاعبين قوّتهم تكمن في الإرادة ورفع التحدي في مثل هذه المواعيد الكبرى؛ من أجل تأكيد أحقية تأهلنا إلى جنوب إفريقيا ومواجهة أقوى المنتخبات العالمية دون مركب نقص؛ لأننا نملك الطاقة البشرية التي تؤهلنا لفرض أنفسنا أمام هذه المنتخبات التي سنلعب ضدها، وكرة القدم لا تعرف المستحيل، وكل شيء وارد. يبقى على لاعبينا أن يدخلوا الحوار الأول بهدوء وبنية أداء مباراة كبيرة والخروج منها بنتيجة مرضية، تسمح للخضر في اللقاء الثاني بأن يقولوا كلمتهم؛ لأن فريقي أمريكا وإنجلترا مرشحان للذهاب بعيدا في المونديال، وعليه فالتحضير لا بد أن يكون مركزا حسب معطيات مسبقة، وحسب كل مباراة سيجريها الخضر بجنوب إفريقيا. وأنا كتقني، أرى أنه من الضروري على المشرفين على تسيير كرتنا وبالأخص رؤساء الفرق التي تنشط في القسمين الأول والثاني، استغلال فرصة تجاوز فترة الفراغ الصعبة التي مرت بها كرتنا لإعادة النظر في العديد من الأمور، وإعطاء أهمية بالغة للتكوين القاعدي؛ لأننا نملك طاقة شبانية مؤهلة لحمل المشعل دون أية صعوبة، شرط أن يتم الاعتناء بها بأتم معنى الكلمة، ولا يكون ذلك إلا بوضع مصلحة الكرة الجزائرية فوق كل اعتبار. - ما هو دور رؤساء الأندية في هذا المجال؟ == صراحة، أغلبية الرؤساء يبحثون عن اللاعب الجاهز والفوز بالألقاب دون أدنى جهد أو استثمار حقيقي، وهو لا يخدم المنتخب الوطني الذي يُعد صورة عاكسة لمستوى الكرة الجزائرية ولا الأندية. وعليه فإن المطلوب هو العودة والاعتناء بالتكوين؛ لأنه الذخيرة الأساسية لترقية الكرة الجزائرية إلى مستوى أرقى، مع ضرورة إسناد مهمة الإشراف على هذه العملية لمؤطرين من المستوى، كما هي الحال في أكاديمية بارادو. وعليه فرؤساء الفرق المنتمية للقسمين الأول والثاني مطالَبون بإعطاء أهمية للفئات الصغرى، لأنه حان الوقت لتكوين أكبر عدد ممكن من أكاديميات كرة القدم على مستوى القطر الجزائري. - ألا ترى بأن نقص الإمكانات قد يحول دون تعميم فكرة الأكاديميات؟ == الأمر لا يتعلق بالإمكانات المادية فقط وإنما يجب أولا أن تتوفر الإرادة والرغبة. أما قضية الإمكانات تأتي في المقام الثاني. ولنأخذ مثالا على ذلك الفريق الوطني الذي توفرت له المادة الأولية، ثم تدعم بالإمكانات التي سُخرت له. وهنا يجب الإشارة إلى الجهد الذي تبذله السلطات العمومية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، وهي المرة الأولى التي نشهد فيها هذا التجنيد والالتفاف حول الخضر. - ماذا عن تتويج فريقك السابق وفاق سطيف بكأس الجمهورية على شباب باتنة؟ == أهنئ سكان سطيف عامة والعائلة الرياضية للوفاق على هذا الإنجاز الجديد الذي جاء في الوقت المناسب، لأن السيدة الكأس تكتسي نكهة خاصة بالنسبة لأبناء مدينة عين الفوارة، سيما وأن الفريق تنتظره مهمة صعبة برسم تصفيات رابطة أبطال إفريقيا. وفاق سطيف جدير بالتتويج لأنه لم يسرق الكأس من شباب باتنة؛ بدليل أنه تحكّم في زمام المباراة، وكان بإمكانه تعميق النتيجة في العديد من المرات، لأن تشكيلة الوفاق تضم في صفوفها أفضل اللاعبين المحليين من الناحية الفنية، وهو ما تجلى ميدانيا. ولا يفوتني أن أهنئ زميلي في المهنة نورالدين زكري، الذي أثبت ميدانيا أنه يتقن عمله بكل جدية. - آخر الأخبار تفيد بأنك لست متحمسا للبقاء في اتحاد العاصمة وتريد خوض تجربة احترافية بأحد البلدان الخليجية، هل تؤكد ذلك؟ == سؤال سابق لأوانه. وأؤكد لك أنني لم أفكر بتاتا في مغادرة فريقي الحالي، وأفضّل أن أحسم في الموضوع بعد نهاية البطولة. صحيح أن كل مدرب من حقه أن يفكر في مستقبله مع نهاية الموسم. وبشأن العروض التي وصلتني من بعض الفرق، أفضل دراستها بعد أخذ قسط من الراحة، وبعدها أحدد وجهتي المقبلة، فمن المحتمل جدا أن أبقى في اتحاد العاصمة لأن رئيس النادي سعيد عليق يسعى لتكوين فريق تنافسي من أجل لعب الأدوار الأولى. - بماذا نختم هذا الحوار؟ == أتمنى أن يعاد النظر في العديد من الأمور التي لها علاقة مباشرة بتسيير كرتنا؛ من أجل دفعها لمستقبل أفضل. ولا يكون ذلك إلا بغلق الباب في وجه الدخلاء عن عالم كرة القدم. ولا يسعني إلا أن أتمنى التوفيق للمنتخب الوطني في جنوب إفريقيا؛ باقتطاع تأشيرة العبور إلى الدور الثاني، وذلك رغم صعوبة المأمورية. وأهنئ سكان سطيف بتتويج الوفاق بالسيدة الكأس للمرة السابعة في تاريخ هذا النادي العريق، واعدا أنصار اتحاد العاصمة في حال بقائي لموسم آخر، بلعب الأدوار الأولى؛ لأن الفريق يملك طاقة شبانية تعد بمستقبل زاهر. وأشكركم أنتم على هذه الالتفاتة الطيبة.