* انعدام فضاءات الترفيه يؤرق العائلات العطل هي فرصة لتجديد النشاط ولالتقاط الأنفاس من فصل دراسي تملأه ساعات المراجعات الطويلة والعمل المضني وقد يحبذ البعض تغيير الجو وقضاء العطلة في أماكن هادئة طلبا لإنعاش الفكر ولكن هذا الأمر قد يعتبر بعيدا عن تلاميذ الأسر البسيطة خصوصا مع انعدام المرافق الضرورية لذلك تشتكي الكثير من العائلات من غياب برامج للعطلة في ظل الظروف المحيطة مما يفوت فرصة الاستجمام والترويح عن النفس للتلاميذ. ي.آسيا فاطمة العطلة المدرسية لطالما ارتبط مفهومها بالنسبة لنا ونحن صغار بأحلام وردية ففي وقت ليس ببعيد كان الأطفال يتلهفون للعطلة المدرسية لقضائها في فناء الجدات بعيدا عن كل ما صار يزيد من تعقيد الحياة كالإلكترونيات التي طغت على روتيننا اليومي فالأطفال في ذلك الزمن كانت وجهتم الريف في بيت العائلة الكبير فقد كانوا يحظون بذلك بكامل حقهم في اللعب واللهو وتجديد نشاطهم للعودة لمقاعد الدراسة بعقول أخذت حقها من الراحة والتجديد كما أن الجو العائلي الذي كان يصنعه تواجد الأسرة بكاملها في بيت واحد كانت تحقق لاطفل الاستقرار العاطفي والنفسي الذي بات هو الآخر شبه ضائع في وقتنا الحالي فالعطل المدرسية اليوم باتت تشكل عبئا على الآباء العاملين والراكضين خلف لقمة العيش فتجدهم مع اقتراب العطل المدرسية يحتارون في شأن أطفالهم.
التسكع في الشوارع مآل الأطفال لم يعد لبعض الأطفال معنى للعطلة خاصة أطفال الأسر محدودة الدخل بحيث فيما تعد بعض الأسر برنامج للعطلة تفتقد أسر أخرى ذلك المعيار ويكون مآل أطفالهم الشوارع التي لا ترحم لاسيما وأنها مليئة بالانحرافات والسلوكات المشينة دون أن ننسى أعمال العنف والتحرشات التي تطال الأطفال على مستواها إلا أن انعدام فضاءات سد الفراغ والترفيه خلال العطلة يدفع الكثير من الأطفال إلى التسكع في الشوارع ومواجهة العديد من المخاطر فنجد البعض منهم لا يبرحون الشوارع إلى ساعات متأخرة من الليل دون أدنى رقابة من الأولياء فالغاية الوحيدة لدى الأمهات التخلص من شغبهم في البيت حتى منهن من يستعجلن عودتهن إلى المدارس لأجل الاستراحة منهم قليلا وهو ما وقفنا عليه أثناء انتقالنا إلى العديد من شوارع العاصمة على غرار باب الوادي بلكور صالومبي سابقا وجدنا مجموعات من الأطفال تتنقل هنا وهناك في مناظر مؤسفة فهذا يتمرغ في التراب وآخر يلعب بالخردوات والألواح وحتى القضبان الحديدية وغيرها من المناظر المؤسفة لأطفال في عمر الزهور اختاروا الشوارع لتمضية عطلتهم الشتوية اقتربنا من أحدهم وهو عمر في سن 12 سنة سألناه عن النتائج الدراسية فقال إنه أحرز معدل 8 من 10 ورغم أن والده وعده بتمضية العطلة في الريف إلا أن ذلك لم يحصل كونه يعمل فاختار اللعب مع أصدقائه في الشوارع إلا أنه قال إنه سيستثمر الأسبوع الثاني من العطلة في مراجعة الدروس كونه يحب الدراسة كثيرا. ....وآخرون يختارون الإبحار في الأنترنت عرفت مقاهي الأنترنت إقبالا كبيرا من طرف الأطفال خلال العطلة خاصة وأن الإلكترونيات صارت سبيل الكثير منهم لسد الفراغ بحيث يستقبلون كل ما يبثه ذلك الفضاء بإيجابياته وسلبياته المتعددة وتكون العطلة الفترة المناسبة للذهب إلى مقاهي الأنترنت قمنا بجولة عبرها ووقفنا على العدد الكبير من الأطفال الذين اختاروا الأنترنت لاجتياز العطلة وسد فراغهم منهم عماد يدرس في المتوسطة وجدناه يبحر في موقع الفايسبوك قال إنه يمضي الوقت في المحادثة مع أصدقائه وتبادل بعض الصور ولا يجد حلا آخر لاجتياز العطلة ولا يحبذ المكوث في البيت. عرفت كذلك الألعاب الإلكترونية إقبالا من طرف الأطفال من أجل سد الفراغ والترفيه ونسيان مشقة وتعب الدراسة بحيث وجدناهم جماعات جماعات وهم يلهون ببعض ألعاب الذكاء لكن الأمر السلبي هو إبحار البعض في بعض المواقع المشبوهة فتبقى الأنترنت فضاء غير آمن على الأطفال. أمهات يجبرن على ترك أولادهن بالبيت بمفردهم هناك من الأولياء خاصة العاملين من لا يملكون خيارا آخر فتجدهم مضطرين لترك أولادهم بمفردهم في البيت غير مراعين خطورة الأمر عليهم فقد صرحت لنا سيدة تعمل بإحدى الشركات (لقد تعود أولادي على هذا الوضع مذ أن كانوا صغارا فقد ربيتهم على هذا فبسبب عملي أنا وزوجي لا أجد الوقت للبقاء معهم ويتعذر علينا أخذ العطلة وبحكم أنهم كبار (يدرسون في الطور الإكمالي) فأنا مجبرة على تركهم في البيت بمفردهم وأحضر لهم كل ما يلزمهم من طعام كما أني أتصل بهم كل ساعتين تقريبا وكلما سنحت لي الفرصة وأحاول إنهاء عملي بسرعة حتى أعود للبيت في أقرب وقت ممكن أعلم أني أضع أولادي بتصرفي هذا في خطر كبير ولكني مجبرة على هذا. أولياء يستعينون بالحاضنات حتى في العطل هناك من الأولياء من يجبرون على الاستعانة بالحاضنات حتى في أوقات العطل لاسيما الصغار الذين يدرسون في الطور الابتدائي فبعض الأولياء ونظرا لجدول عملهم المزدحم لا يجدون الوقت الكافي لأخذ عطلهم بالتزامن مع عطل أطفالهم فيجدون أنفسهم مجبرين على ترك أطفالهم عند النساء الحاضنات اللواتي يستغلن الفرصة لطلب سعر مرتفع نظرا لكون الطفل سيبقى عندهن طول اليوم وهذا ما عبرت به سيدة عاملة في قطاع الصحة حيث أخبرتنا بأنها تجد نفسها مجبرة على ترك ابنتيها عند الحاضنة فبيت حماتها بعيد عنها كما أن والدتها لا تستطيع الإعتناء بهم فهي مريضة بالسكري ولا تتحمل وجود أطفال صغار حولها لذا فهي على حد تعبيرها لا تملك خيارا آخر. انعدام فضاءات الترفيه يؤرق الأولياء يشتكي الكثير من الأولياء من انعدام فضاءات الترفيه الأمر الذي جعلهم يلغون برامج العطل دون أن ننسى عدم تزامن عطل الأولياء العاملين مع عطل الأطفال بحكم الواجبات المهنية وهو ما عبر عنه السيد إسماعيل قال إنه أب وكل ما تحل العطلة يجد نفسه حائرا في كيفية اجتيازها فلا الإمكانيات المادية تسمح ولا الوقت يسمح ولا حتى الظروف المحيطة تسمح باجتيازها في أحسن الأحوال خاصة مع انعدام أماكن ترفيه مخصصة للأطفال والعائلات وقال إنه ينتهز عطلة الأسبوع لأجل تسطير فسحة لأطفاله من أجل تغيير أجواء الدراسة ويضطر إلى قطع مسافة طويلة خارج العاصمة لأجل الظفر بمساحات خضراء تتوفر على ظروف الراحة والاستجمام التي تعرف نقصا حادا على مستوى العاصمة وكان من الواجب تسطير برامج ترفيهية تزامنا مع العطلة لضمان استجمام الأطفال. الدروس الخصوصية تعرف رواجا في فترة العطل سوق الدروس الخصوصية هي الأخرى تعرف رواجا منقطع النظير على مستوى جميع الأطوار لاسيما طلبة الامتحانات النهائية فهم يستغلون أيام العطل في المراجعة ولتدارك ما فاتهم وكانت الفرصة لأصحاب المدارس الخصوصية من أجل إلهاب جيوب الأولياء بحيث أن الدراسة كانت حلال للبعض لاجتياز العطلة. العطلة وجدت كفرصة للترويح عن الطلبة والتلاميذ لذا فهي مهمة جدا لتجديد نشاط الدماغ وزيادة قدرة استيعابه وكذا تهيئته لفصل دراسي جديد ومما سبق ذكره فإن الكثيرين لا يولون للعطلة أي اعتبار فالمركبات السياحية منعدمة تماما كما أن بعض الأولياء ينزعجون بمجرد قدوم العطلة وتشغلهم إشكالية عدم وجود أماكن آمنة يبقى فيها أطفالهم فهم بهذا يهدمون كل مفاهيم العطلة التي كانت في وقت ليس ببعيد تمثل حلما ورديا للكل فبضياع الإمكانيات أصبحت العطلة مشكلا للعائلات بدل أن تكون متنفسا لهم ولأطفالهم.