بعد إهمال الثرات الشعبي في المسرح الجزائري دعوة للعودة إلى فنون الحكي ومشاهد الفرجة دعا جامعيون وباحثون أول أمس الأحد بباتنة المهتمون بالفن الرابع بالجزائر إلى ضرورة العودة إلى فنون الحكي ومشاهد الفرجة التراثية لإثراء المسرح الجزائري واعتبر المتدخلون في اللقاء العلمي الذي احتضنه مسرح باتنة الجهوي على هامش المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي في طبعته السابعة حول (المسرح الأمازيغي وفنون الحكي) أن البحوث المسرحية في الجزائر أهملت هذا الجانب من التراث الشعبي الذي يضم عناصر عدة كان بإمكانها إثراء المسرح بالجزائر لاسيما (المداح) و (البراح) وكذا القصص الشعبية والطقوس الاحتفالية التي عادة ما تحتوي على جماليات الفرجة. تجاهل طقوس الثرات الأمازيغي الأصيل وذكر في هذا السياق الباحث عبد الناصر خلاف من جامعة جيجل بأن (محاولات محتشمة سجلت بالجزائر وحاولت النهل من هذه الكنوز لكنها لم تعمر طويلا ليعود هذا الباحث بالحضور إلى تجربة عبد القادر علولة وتوظيفه ل(الحلقة) و (القوال) في العديد من الأعمال.(وأضاف السيد خلاف بأن علولة أبدع في تقديم المشاهد الفرجوية رغم أنه قدمها داخل العلبة السوداء وحاول التأسيس لهذه النظرة الجديدة في المسرح الجزائري (إلا أن من جاء بعده لم يكمل الطريق وماتت التجربة برحيل علولة). واعتبر أيضا أن تجاهل هذه الطقوس التي يزخر بها التراث الأمازيغي والجزائري عموما (كانت لها أسباب عديدة لكن يتمثل أهمها في هيمنة المسرح الغربي المقام داخل العلبة الإيطالية على المشهد المسرحي في الجزائر إلى جانب الاعتقاد الراسخ لدى الكثيرين بأن هذه الطقوس تمثل مظاهر للتخلف الاجتماعي وأنها عبارة عن مجرد فلكلور).
ضرورة العودة إلى بوغنجة و الزردة و الوعدة وتطرق متدخلون من بينهم محمد عزوي من جامعة سطيف 2 ونبيل حويلي من جامعة الجزائر وكذا جمال نحالي من جامعة باتنة إلى بعض هذه الطقوس الاحتفالية على غرار (بوغنجا) (طقس لطلب الغيث من السماء في أوقات الجفاف) وشايب عاشوراء إلى جانب مظاهر احتفالية أخرى تصاحب مواسم فلاحية كجني الزيتون والحصاد والدرس وأفراح الختان والزواج وكذا (الزردة) و(الوعدة) وأيضا الحضرة (هي نوبات رقص فجائية) وتتضمن كلها تعابير وإيحاءات جسدية مقرونة بغناء وطقوس تحمل الكثير من المعاني والجماليات. كما أجمع المتدخلون بأن مسرح ما بعد الدراما الذي أسس لعودة قوية لفنون الفرجة في المسرح الغربي هو ممثل في الأساس في الأشكال الفرجوية الموجودة في الجزائر ومنذ عهود طويلة وكان بالأحرى الاستعانة بها من أجل بناء دعائم مسرح أصيل بالجزائر. ويمكن --يضيف المتدخلون خلال الملتقى-- أن يستثمر المسرح الناطق بالأمازيغية الذي تم التأسيس له بباتنة من خلال مهرجان ثقافي وطني في هذا التراث الغزير مما يسهم --حسبهم-- في ترقية أب الفنون بالجزائر. من جهتها ذكرت رئيسة الملتقى العلمي الباحثة في المسرح الأمازيغي ليلى بن عائشة بأن الهدف من هذه التظاهرة هو (البحث في كيفية توظيف الأشكال الفرجوية القديمة واستثمار السرد الشعبي في تجارب مسرحية جديدة في المسرح بالجزائر انطلاقا من المسرح الأمازيغي).