اعتبر باحثون مشاركون في الملتقى العلمي الذي انطلق يوم الأربعاء بكلية الآداب بجامعة باتنة حول المسرح والأنثربولوجيا أن المسرح الجزائري أمازيغي الجذور. وذكر المتدخلون أن الأمازيغ الأوائل الذين سكنوا المنطقة مارسوا المسرح قبل مجيء الرومان وتأثروا في ذلك بالإغريق . ونفت المداخلات أن يكون المسرح كممارسة قد دخل إلى الجزائر في العشرينيات من القرن الماضي مع وفود أول فرقة مسرحية من مصر بقيادة جورج الأبيض. وفي هذا السياق أوضحت الباحثة في المسرح الدكتورة طامر أنوال من جامعة وهران ل/وأج أن النوميديين عرفوا المسرح ومارسوه بقرون قبل الاحتلال الروماني. وقالت "قد توصلت عبر أبحاثي في هذا المجال والتي توجت في كتاب صدر في سنة 2007 بعنوان "حفريات في المسرح النوميدي" الى أن المسرح الأمازيغي كان قائما قبل تلك الفترة لكن تعرض هذا النشاط للتعتيم رغم أن بعض المؤرخين الرومان تعرضوا له في بعض كتاباتهم". وقد اكتشفت تضيف الباحثة أنوال أن سانت أوغستين الذي ولد في سوق أهراس وتوفي في عنابة أحب المسرح ومارسه ثم تخلى عنه حبا في المسيحية وقد أقر بذلك كخطيئة ارتكبها في كتابه "الاعترافات." أما الأستاذ جمال النوي من باتنة وهو مهتم وباحث في المسرح فأوضح من خلال مداخلته حول "التجربة والتأصيل في المسرح الأمازيغي" تلك الجماليات والأسس التي يعتمد عليها المسرح الأمازيغي من فنون الرقص والغناء والإيماء وكذا مظاهر الفرجة والاحتفالية."وهي عوامل -يقول الباحث- مازالت مجسدة في ما يسمى بمنطقة الأوراس ببوغنجة أو عروس المطر وهي طقوس للاستسقاء و الباندو وأيضا شاي عاشوراء التي تلقى شعبية كبيرة إلى حد الآن بمنطقة تكوت بباتنة حيث تعتبر في مجملها نموذجا حيا من المسرح الأمازيغي العريق الذي احتفظت به الذاكرة الشعبية رغم مرور السنوات وتعاقب الحضارات". ومن جهتها أشارت رئيسة الملتقى الدكتورة ليلى بن عائشة من جامعة سطيف الى أن البحث في علاقة المسرح بالأنثربولوجيا هو "محاولة لتأصيل المسرح الأمازيغي الذي تمتد جذوره في عمق الثقافة الإنسانية وإعطائه نوعا من الشرعية". و يناقش أساتذة وباحثون في المسرح من جامعات باتنةوسطيفووهران والمسيلة وبرج بوعريريج والجزائر العاصمة على مدار يومين موضوع المسرح والأنثربولوجيا من خلال أربعة محاور هي "الأنثربولوجيا والمسرح أي علاقة" و "المقومات الثقافية والحضارية ودورها في بناء المسرح الأمازيغي"و "الطقوس والأساطير والمعتقدات المتجذرة في الذاكرة والوجدان الشعبي وإسهامها في البنى المسرحية الحديثة" و كذا "الأشكال الشعبية ودورها في صناعة الفرجة المسرحية: نماذج من الثقافة الأمازيغية." للإشارة يندرج تنظيم هذا الملتقى بكلية الآداب و اللغات الأجنبية (قسم اللغة و الثقافة الأمازيغية) لجامعة باتنة على هامش الطبعة الخامسة للمهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي الذي يحتضنه المسرح الجهوي بباتنة في الفترة من 10 إلى غاية 18 ديسمبر الجاري.