رغم الزيادات المحسوسة في أسعاره *** يبدو أن رفع أسعار الوقود في الجزائر لم يمنع (الحلاّبة) من مواصلة التهافت و(التكالب) على تهريب المازوت والبنزين الجزائري باتجاه الأراضي المغربية ذلك أن سعر الوقود في الجزائري يبقى رغم الزيادات الأخيرة أدنى بكثير من ذلك المعتمد في الجارة الغربية. أشارت تقارير حديثة إلى أن عمليات تهريب الوقود الجزائري نحو المغرب مستمرّة وإن كانت شهدت بعض التراجع خلال الأيّام الأولى من العام الجديدة مباشرة بعد إقرار زيادات (كبيرة) في أسعار الوقود بالجزائر تجسيدا لمضمون قانون المالية للسنة الجارية. وترى مصادر أن تهريب المازوت والبنزين الجزائري سيستمرّ مادام أن سعره في المغرب يفوق ضعف سعره بالجزائر رغم الزيادات المقررة. وفي هذا الصدد قالت صحيفة (العربي الجديد) إنه يكفي أن تصل إلى مدينة تلمسان في الغرب الجزائري أو إلى أيّ ضاحية من ضواحيها بعد الساعة الثالثة زوالا لتواجهك أولى ثمار تهريب الوقود وهي ندرته في المحطات الحكومية والخاصّة التي تبيعه. فالمهرّبون يكونون قد ملأوا خزّانات سيّاراتهم ومعها براميل معدّة للغرض واتّجهوا بها إلى مستودعات خاصّة في القرى والمدن اللصيقة بالحدود لإفراغها وتكرار العملية أكثر من مرّة في اليوم الواحد قبل الشروع ليلا أو فجرا في توجيهها إلى الضفة المغربية. ونقل المصدر نفسه عن الشاب (س. أمين) 32 عاما الذي عمل في التهريب عشر سنوات قبل أن يترك الأمر ويتفرّغ لإدارة فندقه قوله إن المهرّبين معروفون محلّيا باسم (الحلابة) لأنهم (يستحلبون محطات الوقود حتى يفرغوها) وعمّا إذا كان فندقه ثمرة للأموال التي جمعها من التهريب يقول: (لماذا تنظرون إلى الأموال التي تجنى من تهريب الوقود على أنها أموال مشبوهة مثل تلك التي تجنى من بيع المخدّرات؟ كنت أشتري الوقود من محطات مرخّص لها من طرف الحكومة وبأموال نظيفة لأوصله إلى أشقّائي وراء الحدود بعد إغلاقها أين المشكلة في ذلك؟). من جهته يقول (ب. عبد المجيد) 23 عاما إنه اِلتحق بخدمة مراقبة الطريق منذ ثلاث سنوات ويتمثّل دوره في أن يكمن في مكان معيّن أو يتجوّل بالسيّارة ذهابا وإيّابا ليرصد تحرّكات رجال الأمن ويخبر بها المهرّبين الذين يعمل معهم ويتابع: (أنا مرتاح في هذه المهنة لا أبذل جهدا كبيرا وأكسب يوميا ما لا يقلّ عن 30 دولارا وهو مبلغ كاف كي أتكفّل بعائلتي). ويكشف (عبد المجيد) أنه ليس الوحيد في الطريق الذي تسلكه سيّارة التهريب من محطة الوقود إلى نقطة الإفراغ والتي تتلقّى إشارات المرور منه ومن زملاء آخرين له يكمنون في نقاط مدروسة من الطريق. في مدينة الغزوات الساحلية إحدى أهمّ النقاط المحتضنة لعمليات تهريب الوقود في المنطقة الغربية تقف سيّارتان للدرك الوطني بالقرب من مستودع فُتح بابه الرئيسي يتّضح في ما بعد أنه إحدى النقاط المستعملة لتجميع الوقود قبل تهريبه إلى المغرب وقد قدّرت الكمّية ب 2327 لتر. يقول رئيس الدورية (إن الإجراءات التي ستتّخذ في حقّ صاحب المستودع هي مصادرة الكمّيات المحتجزة وإحالته والعاملين معه على العدالة). ويؤكّد رجل الأمن أن (الكمّيات المهرّبة سنويا تقدّر ب 800 مليون لتر بقيمة مالية تقترب من 600 مليون أورو) ويكشف عن بعض الطرق الطريفة المستعملة في التهريب منها الاستعانة بالحمير عبر مسالك وعرة يصعب الوصول إليها وذلك عن طريق تعويد الحمار على الأكل في نقطتي الوصول والانطلاق فينطلق إلى النقطة المقصودة مباشرة بعد تجويعه أيّاما. حجز أكثر من ملياري دينار من البضائع الموجّهة للتهريب في 2015 بلغت قيمة البضائع المحجوزة من طرف مصالح الجمارك والتي كانت موجّهة للتهريب 44 ر2 مليار دينار خلال السنة الفارطة مقابل 8ر1 مليار دج في 2014 أي بارتفاع قدره 2ر26 بالمائة حسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن مسؤول سام في المديرية العامة للجمارك. واحتلّت المخدّرات والأقراص المهلوسة الصدارة في قائمة البضاعة المحجوزة في 2015 بقيمة 108ر1 مليار دج أي 45 بالمائة من مجمل الكمّيات المحتجزة التي تورّط فيها 110 شخص. وتتكوّن كمّيات المخدّرات المحجوزة من طرف الجمارك خلال 96 عملية من 6ر19 طنّ من الكيف المعالج و31.941 قرص و175 غرام من الكوكايين. وتخصّ الحصيلة الإجمالية للبضاعة المحجوزة خلال 2015 ما تمّ استرجاعه من طرف الجمارك في إطار مكافحة التهريب على مستوى الحواجز أو المناطق الحدودية-المسماة بحجز مخالفات التهريب (فقط ولا تتضمّن حجز مخالفات المكتب) المسجّلة في مكاتب الجمارك خلال عمليات التفتيش على مستوى الموانئ والمطارات. واحتلّت الولاية الحدودية تلمسان الصدارة من حيث عدد احتجازات المخدّرات ب 01 ر834 مليون دينار (53 عملية حجز) متبوعة بورقلة ب04 ر206 مليون دينار (3 عمليات حجز) ثمّ وهران ب 01 ر60 مليون دينار (3) وبشار ب 01 ر3 مليون دج (5 قضايا) والأغواط ب 7 ر2 مليون دج في عمليتي حجز.