عندما تقضي التكنولوجيا على صلة الرحم الرسائل النصية تلغي الزيارات العائلية في الآونة الأخيرة بتنا نشاهد تدهورا فضيعا في علاقات القرابة بين العائلات وأصبحت النزاعات تصل إلى أروقة المحاكم وتعمقت الفجوة بين الأهل بشكل كبير مما قضت نوعا ما على العلاقات الوطيدة وأضحى الكثيرون يستعينون بالرسائل القصيرة في الاطمئنان على ذويهم. لقد شهد المجتمع الجزائري مؤخرا نوعا من التدهور فيما يخص صلة الأرحام فقد أصبح مفهوم العائلة يتخذ منحى آخر فالكل بات يسعى خلف الماديات بشكل رهيب فازدحمت المحاكم بقضايا الإرث وما شابهها في حين أن الفتور بات يميز الكثير من المناسبات العائلية. التكنولوجيا الحديثة تختزل المسافات لقد أصبحت التكنولوجيا الحديثة تزيد من الهوة الفاصلة بين الأفراد فعلى عكس ما يظنه الكثيرون فإن هذه التكنولوجيات زادت في البعد بين الناس فأصبح كثير من الناس يستغنون عن زيارة ذويهم ويكتفون فقط بإرسال الرسائل القصيرة وكذا التخاطب عن طريق الفايسبوك وهذا ما زاد من الفتور في العلاقات بين الناس. اقتربنا من بعض المواطنين لرصد رأيهم في الموضوع وحيد قال (لقد تلاشت العلاقات الاجتماعية كثيرا بين الناس فعائلتي صرت من النادر جدا أن ألاحظ تجمعهم في بيت جدي فالكل يدعي انشغاله بالجري خلف لقمة العيش كما أنهم لا يلتقون إلا سريعا في أيام العيد أما البعيدون منهم فيكتفون بالمعايدة عن طريق الرسائل النصية). تكاليف الحياة الصعبة من بين الأسباب مما هو معروف فإن تكاليف الحياة الصعبة ساهمت هي الأخرى في جعل العائلات الجزائرية تتخلى عن صلة الرحم كما أن طغيان الماديات على حياة الناس ساهم في تباعد العائلات كثيرا فأثناء الإنشغال بتدبر لقمة العيش ينسى الكثير منا زيارة أهله كما أن الحاجة الملحة للمال جعلت النزاعات العائلية من أجل الميراث تبلغ أوجها في آخر فترة فالكل بات يلهث خلف المال لأنه ببساطة أصبح المعيار الأساسي الذي تقاس به قيمة الناس والواقع التقينا بالكثير من العائلات التي انقطعت صلة الدم والقرابة بينهم لأجل الميراث وهذا ما قصته لنا سيرين فيما حدث بين والدها وأبناء أعمامها إذ قالت: (لقد كان لوالدي محل يشتغل فيه هو وعمي وقد كان فيما مضى ملكا مشتركا بين جدي وأخاه ولكن بفعل الخلاف تقاسما الأملاك ولكن على ما يبدو فإن الخلاف انتقل أيضا للأبناء فمع مضي الأيام عرف محل والدي نشاطا ملحوظا وأصبح له زبائن كثيرين ومن هنا تفطن أبناء العم لهذا الأمر وأرادو الاستئثار بمحل لأنفسهم فشب بينهم شجار عنيف وصل إلى حد العراك وتدخلت الشرطة ولحسن الحظ فكل أوراق المحل صحيحة وإلا لكانوا طردوا والدي من محله فهؤلاء لا يقيمون أي اعتبار لمفهوم صلة القرابة).