بقلم: عيسى منصور * يلعب التأمين الفلاحي دورا فعّالا في مسايرة مجهودات التنمية في القطاع الفلاحي وذلك اعتبارا لما يوفّره من تعويضات ماليّة عند الحاجة تمكّن من التخفيف من حدّة الخسائر بما يساهم في تثبيت دخل الفلاّح وضمان تجديد إمكانياته الاستثماريّة واستقرار القطاع بصفة عامة مقارنة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى تتميز الفلاحة ببعض الخصائص كالتعرض إلى مخاطر عديدة من بينها التقلبات المناخية الكوارث الطبيعية وأيضا مختلف الأمراض التي من شأنها أن تلحق أضرارا بليغة بالإنتاج الزراعي مما يؤثر سلبا على مداخيل الفلاحين من الضروري وضع آليات للحد من الانعكاسات السلبية للمخاطر (المحدقة) بالفلاحين مما يستوجب تدخل السلطات العمومية الملزمة بتطوير نظام التأمينات الفلاحية التي من شأنها أن تسير هذه المخاطر وتحول دون تكبد المنتجين لخسائر مادية معتبرة. في الجزائر وحسب الإحصائيات تمثل الفلاحة ما بين 8 إلى 12 من الناتج الوطني الخام (PIB) ويشغل أكثر من 02 مليون من اليد العاملة ورغم هذه الأهمية التي تكتسيها الزراعة فأن موضوع التأمين الفلاحي غالبا ما يكون (منسيا) أثناء إعداد برامج التنمية لهذا القطاع الحساس. إن سوق التأمينات الفلاحية يقع تحت (هيمنة) الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي الذي يحوز على حصة الأسد من هذا المنتوج بالرغم من فتح السوق أمام منافسة الشركات ذات الرأسمال الخاص التي لم يتعد نصيبها ال 07 من رقم الأعمال الإجمالي لسوق التأمينات لكل الأنشطة خلال سنة 2015 وتشير الأرقام المتوفرة عن القطاع إلى أن عدد الفلاحين المؤمنين في قطاع الفلاحة يمثل نسبة بين 8 و 10 فقط. يمكن إرجاع عزوف الفلاحين في الانخراط في برامج التأمين إلى عدة أسباب من أهمها: - نقص ثقافة التأمين لدى الفلاحين - نقص توعية وتحسيس الفلاحين بأهمية تأمين المحاصيل - المستوى المرتفع لأقساط التأمينات - عدم توفر المنتوجات (التأمينية) الملائمة لمختلف أنشطتهم - بطء عملية التعويض - ضعف قيمة التعويضات إن تجميد السلطات العمومية لصندوق ضمان الكوارث الفلاحية منذ سنة 2000 والذي من جرائه تم استثناء الكوارث الفلاحية من ترتيبات التأمين يجعل وضع ترتيب خاص بتأمين النشاط الفلاحي أكثر من ضرورة. على السلطات العمومية أن تعمل في المدى القصير على تطوير نظام التأمينات الفلاحية وذلك بتكريس ثقافة التأمين تغطية أكبر عدد ممكن من منتوجات النشاط الزراعي مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة مختلف المناطق الزراعية وتسهيل عملية التعويض وتأخير التسديد في حالة عدم قدرة الفلاحين على الدفع الفوري مع إلزام مؤسسات التأمين بتوفير عروض حسب حاجيات السوق وبمعايير احترافية. النموذج الإسباني إن النموذج الإسباني في قطاع التأمينات الفلاحية يعتبر الأكثر نجاعة والأكثر نجاحا لاستقطابه لأكثر من 60 من الفلاحين الأسبان والذي يرتكز على استرتيجية التنسيق بين مختلف الأطراف من سلطات عمومية شركات التأمين والفلاحين كل حسب اختصاصه مما أدى إلى حصر جميع المخاطر الممكنة التي من شأنها أن تهدد القطاع الفلاحي ووضع الحلول المناسبة لقد تم بموجب هذا النظام مضاعفة المنتجات التأمينية مما وفر للفلاح إمكانية التأمين ضد جميع المخاطر إلا تلك التي بمقدوره اجتنابها إن هكذا نموذجا من شأنه أن يكرس ثقافة التأمين لدى الفلاحين وبإمكانه أيضا أن يلعب دورا إيجابيا في مسار التنمية الفلاحية نحن لا نأمل أن نصل في الحين إلى النموذج الإسباني الذي يتطلب أولا الإرادة السياسية وثانيا وضع ميكانيزمات التنسيق بين جميع المتعاملين ولكن من الضروري العمل بطريقة جدية على المدى الطويل للوصول إلى نظام فعال يتماشى مع خصوصيات الواقع الاجتماعي والاقتصادي لبلادنا لأن التأمين الفلاحي يبقى عنصرا فعالا في مسار تنمية القطاع.