على الرغم من إجراءات الرقابة الصارمة، والعقوبات الشديدة التي يمكن أن يتعرض لها التجار الذين يعرضون سلعا منتهية الصلاحية أو غير صالحة للاستهلاك أساسا، أو محفوظة خارج الشروط الضرورية للحفظ والسلامة الخاصة بالمواد الغذائية، إلا أن ذلك لم يمنع البعض منهم من عرضها في محلاتهم، هذا حتى لا نلقي اللوم دائما على الباعة الفوضويين الذين ، الذين كانوا ينتشرون بكثرة على مستوى بعض الأسواق الشعبية والموازية، حيث كانوا يتحملون مسؤولية عرض وترويج عدد من المواد الغذائية الفاسدة التي تعرض حياة المواطنين للخطر، كأن تكون موادا منتهية الصلاحية، أو موادا غير خاضعة لشروط الصحة والسلامة الضرورية، وكانوا يعرضونها بأثمان بخسة تسيل لعاب المواطنين، والمنتمين إلى الطبقات البسيطة أو المعدمة، ولا زالت الظاهرة متواجدة بشكل أو بآخر على مستوى بعض الأسواق بالعاصمة. وإذا كان الأمر في هذا السياق يتعلق بتجارة فوضوية في الأساس، فان الأمر الذي يثير الاستغراب والذهول فعلا، هو أن نجد نفس المخالفات لدى بعض المحلات، للأسف الشديد، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببعض المواد الاستهلاكية الأساسية التي يكثر الطلب عليها من طرف المواطنين، ولعل من بينها ملح الطعام الذي يعتبر مادة أساسية وضرورية لدى الجزائريين، وتدرك شريحة واسعة من المواطنين، أن الملح العادي الذي يكون معالجا قد يحتوي على جملة من المخاطر، كما أن القاعدة الصحية العامة، تؤكد أن الإكثار من الملح أو استهلاكه بشكل مفرط، يمكن أن ينتهي إلى عواقب صحية وخيمة، فما بالنا إن كانت بعض أنواع الملح المعروضة، أنواعا غير صالحة للاستهلاك البشري، لأنها غير معالجة بمادة اليود، ومع ذلك فان بعض أصحاب المحلات لا يتوانون عن جلبها وعرضها للبيع في محلاتهم، رغم الخطورة الصحية الكبيرة التي تشكلها على حياة المواطنين، ومع ذلك فإننا نعود ونؤكد مرة أخرى انه لا يمكن بأي حال إلقاء المسؤولية على عاتق الباعة أو التجار وحدهم، بل يتحمل المواطنون أنفسهم جزءا من ذلك، ذلك أن كثيرين أن لم نقل غالبية الجزائريين يدركون المخاطر الصحية الكبيرة للملح غير المعالج. وقد يبرر الكثيرون استهلاكهم لهذه النوعية الرديئة من الملح، بسعره الزهيد الذي لا يتجاوز ال 10 دج، إضافة إلى انه في بعض المناطق قد يكون الخيار الوحيد المتاح نظراً لعدم توفر الأنواع الجيدة الأخرى، إما لبُعد المنطقة، أو لوجود محل واحد فقط على مستوى الحي، إضافة إلى أن البعض يعتقد انه لا يمكن أن يسبب الأضرار الكبيرة التي يسمعون عنها، حيث يعتبرون الأمر مجرد إشاعات لفتح المجال أمام الأنواع الجيدة، بأثمان مرتفعة، وعلى هذا الأساس فإن من يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى هو المواطن وليس التاجر، مادام أن الخيار متاح في كافة الأحوال، وعلى الجميع أن يدرك كيفية الحفاظ على صحته وصحة عائلته بتجنب المواد الغذائية المشكوك في سلامتها. وللتذكير فان الملح غير المعالج باليود يحتوي على مخاطر كثيرة لطالما تعالت الأصوات المحذرة منها، حيث انه يتسبب في تعقيدات صحية كبيرة وبعض الأمراض على رأسها أمراض الحنجرة أو تضخم الغدة الدرقية، والقصور الكلوي وأمراض القلب وسرطان الدم، وإجهاض النساء الحوامل وتشويه أجنتهم، بالإضافة إلى الأورام السرطانية وتعقيدات جسدية واضطرابات عصبية وفي بعض الحالات يسبب أيضا مرض التخلف العقلي، وبحسب القوانين المعمول بها في الجزائر فإن القانون المتعلق بالبيع الإجباري للملح باليود يحدد نسبة اليود بين 50.55 و84.25 ملغ للكيلوغرام الواحد، وعليه وجب تنبيه المواطنين في المقام الأول إلى المخاطر الكبيرة المترتبة عن استهلاك هذا الملح المغشوش، وكذا مطالبة مصالح مراقبة النوعية وقمع الغش وكذا جمعيات حماية المستهلك بمضاعفة حملات المراقبة ومصادرة كميات الملح المغشوش المتواجدة في الأسواق، وزيادة الحملات التحسيسية في هذا الإطار. والمعروف أن "اليود" هو عنصر غذائي أساسي وحيوي يدخل في تكوين هرمون الغدة الدرقية اللازم للنمو والتطور الجسماني والعقلي وكثير من وظائف الجسم المهمة، ويعتبر أحد العناصر الأساسية في مكونات التغذية الجيدة. ويرى الخبراء أن الإنسان العادي يحتاج إلى كميات قليلة من اليود في الجسم تبلغ 150 ميكروغرام، أي أن الفرد يحتاج طيلة حياته إلى كمية من اليود لا تزيد على ملعقة صغيرة، كما تتراوح نسبة احتياج الأطفال والمراهقين من اليود ما بين 90 150 ميكروغرام من اليود يوميا.