فجر حفارو الأنفاق الغزاويين مفاجأة من العيار الثقيل، بكشفهم أنهم قد تمكنوا من اختراق الجدار الفولاذي المقاوم للقنابل الذي بنته السلطات المصرية لإحكام الحصار الجائر المضروب على الفلسطينيين المستضعفين في قطاع غزة منذ جوان 2007. وكانت السلطات المصرية قد بدأت العام الماضي في بناء جدار حاجز تحت الأرض لمنع تهريب الغذاء والدواء والوقود ل»إخوانها« في قطاع غزة لإنجاح الحصار الجائر الذي تفرضه عليها إسرائيل إجبار المقاومة إلى الاستسلام لها. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية »بي بي سي« عن أحد حفاري الأنفاق فى قطاع غزة قوله: »إن لكل مشكلة حلا«، وأضاف إن الغزاويين يستخدمون مشاعل حرارية فائقة القوة لإحداث ثقوب في الجدار الفولاذى، بينما قال آخر: »إن اختراق الجدار يمكن أن يستغرق ثلاثة أسابيع من العمل غير أنهم نجحوا في ذلك فى نهاية المطاف«. وقالت الهيئة إن هذه أنباء محرجة للحكومة المصرية التى أنفقت ملايين الدولارات لبناء هذا الحاجز وكانت قد قالت أخيرا إن العمل بالجدار الممتد لأحد عشر كيلومتراً وبعمق نحو عشرين مترا تحت الأرض قد شارف على الانتهاء، وقالت الحكومة المصرية إنه مصنوع على ما يبدو من فولاذ فائق القوة لا يمكن اختراقه. كانت تقارير صحفية كشفت في وقت سابق أن السلطات المصرية رفعت من وتيرة العمل في بناء »الجدار الفولاذي« على الحدود مع قطاع غزة لمنع عمليات التهريب عبر الأنفاق الأرضية، حيث اقتربت أعمال البناء من منطقة صلاح الدين ذات الكثافة السكانية العالية والتي خضعت لعمليات مسح سكاني وحصر للمباني، تمهيدا لإجلاء الأهالي من المساكن المتاخمة للشريط الحدودي وتعويضهم بأراض بديلة. ونقلت صحيفة »الشروق« المصرية المستقلة عن مصادر مطلعة القول إن الشركة المنفذة لأعمال الجدار أوشكت على الانتهاء من عمليات حفر الخنادق وتثبيت الألواح الحديدية على أعماق كبيرة، كما تواصل 6 معدات عملاقة عمليات الحفر ويتواصل تدفق الستائر الحديدية على مواقع العمل. يُذكر أن إسرائيل تمارس ضغوطا كبيرة على مصر منذ فترة طويلة لكي تتصدى للتهريب عبر هذه الأنفاق تحت الأرض بين غزة وسيناء المصرية. وتقول إن الفلسطينيين يستخدمونها لتهريب الأسلحة والذخيرة إلى جانب السلع التجارية التي يتم تهريبها إلى غزة. وكان ناشطون مصريون قد رفعوا دعوى على الدولة المصرية بسبب قرارها بناء الجدار على حدودها مع القطاع، قائلين بأنه ينتهك التزامات مصر إزاء جيرانها العرب. وحدد القضاء الإداري المصري موعد جلسة النطق بالحكم في دعوى وقف بناء الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة يوم 29 جوان المقبل. »جدار الموت« وكان الكشف عن بناء السلطات المصرية لجدار حديدي على حدودها مع قطاع غزة قد أثار جدلا واسعا حيث اعتبره فلسطينيو غزة تهديدا جديا لحصارهم المستمر منذ منتصف جوان 2007، بينما برر مسؤولون مصريون بناء جدار الخزي والعار بالزعم أنه من »حق« بلادهم »الحفاظ على أمنها؟« وأن لديها »مطلق الحرية في أن تفعل داخل أراضيها ما يؤمِّن سلامتها؟«. وأدى الكشف عن بناء الجدار الفولاذي والذي وصفه الفلسطينيون ب »جدار الموت«، إلى تصاعد ردود الأفعال العربية والدولية المنددة بالخطوة التي اتخذتها القيادة المصرية، وتمحورت ردود الأفعال حول استنكار هذه الخطوة التي اعتبر عددٌ كبيرٌ من المتابعين والمحللين أنها تأتي كخطوةٍ إضافيةٍ تهدف إلى تشديد الحصار على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني مُحاصَرين في قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة أعوام متواصلة. وفيما يخص مواصفات الجدار، ذكر موقع »الشبكة الفلسطينية الإخبارية« على الإنترنت، نقلا عن مصادر وصفها بالموثوقة، أن آلية للحفر يتراوح طولها بين 7 إلى 8 أمتار تقوم بعمل ثقوب فى الأرض بشكل لولبي، ومن ثم تقوم رافعة بإنزال ماسورة مثقبة باتجاه الجانب الفلسطيني بعمق ما بين 20 و30 مترا. وأضافت الشبكة فى تقرير مرفق برسم كروكي لقطاع من الجدار، أن العمل على الآليات الموجودة هناك يتولاه عمال مصريون في أغلبهم يتبعون شركة »عثمان أحمد عثمان«، بالإضافة إلى وجود أجانب بسيارات جي أم سي في المكان. ووفقا للمصادر فإن ماسورة رئيسية ضخمة تمتد من البحر غربا بطول 10 كيلومترات باتجاه الشرق يتفرع منها مواسير فى باطن الأرض مثقبة باتجاه الجانب الفلسطيني من الحدود يفصل بين الماسورة والأخرى 30 أو 40 مترا. وأوضحت أنه سيتم ضخ المياه في الماسورة الرئيسية من البحر مباشرة، ومن ثم إلى المواسير الفرعية في باطن الأرض، مضيفة أنه بما أن المواسير مثقبة باتجاه الجانب الفلسطيني فإن المطلوب من هذه المواسير الفرعية هو إحداث تصدعات وانهيارات تؤثر على عمل الأنفاق على طول الحدود من خلال تسريب المياه. ولفتت إلى أنه خلف شبكة المواسير هذه تتمدد في باطن الأرض جدران فولاذية بعمق يتراوح بين 3035 مترا في باطن الأرض، وعلاوة على وظيفة هذا الجدار المصمم لكبح جماح الأنفاق إلى جانب أنابيب المياه، فإنه يحافظ على تماسك التربة على الجانب المصري، في حين تكون الأضرار البيئية والانهيارات في الجانب الفلسطيني، على حد قول هذه المصادر.