تساؤلات حول السر الحقيقي لتأخر صدور القانون لازال مشروع قانون تجريم الاستعمار يثير التساؤلات وسط الطبقة السياسية والجمعيات الفاعلة على الساحة الوطنية حول توقيت إصداره. وعاد الحديث عن القانون بمناسبة ذكرى مجازر 8 ماي 1945، التي وقف عندها الشعب الجزائري منذ يومين ترحما على أرواح الشهداء الطاهرة، ودعوةً إلى التمسك بضرورة اعتراف المستعمر ببشاعة ما خلفته آلة دماره طيلة قرن ونصف قرن من الزمن. ونظرا لبشاعة تلك الجرائم المقترفة في حق الأبرياء والعزل الذين انتفضوا على حق من حقوقهم في استرجاع الحرية المسلوبة والتي راح في سبيلها الملايين من الضحايا، في هذا الصدد، ارتأت »أخبار اليوم« أن تستعرض آراء ومواقف الأحزاب السياسية حول تأخر إصدار قانون تجريم الاستعمار الذي كثر الحديث عنه في أيام سابقة ولم يفرج عنه لغاية الساعة، حيث كان رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري قد أكد بخصوصه أن التعديل مس جوانب قانونية وتقنية كانت السبب، ولذلك تأخر صدور قانون تجريم الاستعمار، مضيفا أن إعداده يتطلب توفير بعض الجوانب التقنية والقانونية قبل إرساله للحكومة لإبداء رأيها فيه، على أن تختار التوقيت الملائم لإصداره وفقا لاعتباراتها. أبو جرة سلطاني: "الكرة في مرمى البرلمان" سألت »أخبار اليوم« رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني حول أسباب تأخر إصدار قانون تجريم الاستعمار إلى غاية الساعة بالرغم من الخبر الذي يتداول منذ فترة حول تشكيل لجنة متخصصة تقوم بدراسته، فأجاب زعيم »حمس« أن المسألة الآن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من أجل إصداره في الآجال المحددة قانونيا، والمسألة في حد ذاتها تعود إلى البرلمان؛ كونها تشريعية، مبرزا في حديثه بأن الكرة الآن في مرمى المجلس الشعبي الوطني، هو الوحيد المخول له إصدار التوقيت المناسب لهذا القانون. هذا، وسبق لرئيس حركة مجتمع المسلم أن عبّر عن رأي الحزب مرارا حول القانون، داعيا إلى تمسّك الحركة بضرورة أخذ مشروع قانون تجريم الاستعمار الموضوع حاليا على مكتب الوزير الأول أحمد أويحيى مجراه التشريعي الطبيعي، مؤكدا وفي الوقت ذاته أن جرائم الاستعمار لا تتقادم ولا تُنسى. كما شدد خلال اللقاء الحزبي المقام بولاية البليدة حيث افتُتح اللقاء الجهوي الأول للمكاتب التنفيذية الولائية ومجالس شوراها بولايات الوسط على ضرورة معاملة فرنسا الرسمية بالمثل، إشارة إلى قانون مصادقة نواب الجمعية الوطنية الفرنسية في 2004 على قانون يمجد الاستعمار. من جهة أخرى، دعا رئيس حركة مجتمع السلم إلى »إلحاق أسماء شهداء أحداث 8 ماي 1945 بشهداء الثورة التحريرية«. ودعا سلطاني لدى تنشيطه لتجمع شعبي مساء السبت بوادي ارهيو (غليزان) بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لمجازر 8 ماي 1945 ودعما للقضية الفلسطينية، إلى إعداد بشأن هؤلاء الشهداء »ملحق بقانون الشهيد والمجاهد حتى يستفيد أبناء وأحفاد شهداء هذه المجازر من حقوقهم، وكذا للحفاظ على الذاكرة الوطنية«، مؤكدا ضرورة »اعتراف فرنسا بالجرائم التي ارتكبتها خلال فترة احتلالها للجزائر والاعتذار للشعب الجزائري وتعويض الضحايا«، مضيفا في هذا السياق: »سنبقى متمسكين بهذه الحقوق، وبعدها يمكن الحديث عن الصداقة مع فرنسا وغيرها من الأمور«. وتحدّث رئيس حركة مجتمع السلم عن مكانة وعظمة الثورة التحريرية التي صارت مدرسة للأجيال والشعوب التي تريد أن تتحرر في العالم. وحث بالمناسبة الفلسطينيين الذين دعا إلى مساعدتهم، »على استلهام الدروس من هذه المدرسة من حيث التنظيم والوحدة وغيرهما«، مشيرا إلى أن »ذلك سيؤدي بهم حتما إلى تحرير فلسطين«. شرفي: "موقف الأرندي واضح" السؤال ذاته وجهته »أخبار اليوم« للناطق الرسمي باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي ميلود شرفي حول تأخر إصدار قانون تجريم الاستعمار، فأجاب أن موقف الحزب واضح من الأول، وما التصريحات الأخيرة للأمين العام للحزب إلا دليل على ذلك، علما أن من بين ما قاله أويحيى سابقا، أن الحكومة استلمت مشروع قانون تجريم الاستعمار الذي بتّ فيه المجلس الشعبي الوطني على أن ترد بشأنه بعد ستين يوما طبقا للقانون، متحدثا بمنطق مسؤول عن حكومة لا ترغب في تبنّيه؛ باعتباره ينم عن مزايدات سياسية، كما قال: »عندما نحترم بعضنا البعض يحترمنا الآخرون. والآخرون لن يقدموا لنا الهدايا«. وكان الوزير الأول قد شجب مما أسماه بالمزايدة السياسية بملف تجريم الاستعمار، منتقداً صمت البعض وعدم تطرقهم للملف إلا بعد أشهر من تبني الجمعية الوطنية الفرنسية قانون 23 فيفري 2005 الممجد للاستعمار. الإصلاح: "يجب التحرك لحماية وتجسيد قانون تجريم الاستعمار" كما اعتبر الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني جمال بن عبد السلام، أن مشروع تجريم الاستعمار بمثابة رد على القانون الفرنسي الممجد للاستعمار، داعيا إلى إحالة مشروع القانون على البرلمان للمناقشة والمصادقة عليه، مطالبا خلال تجمع له بمستغانم بمناسبة الذكرى المخلدة لمجازر 8 ماي 45، بضرورة طرح مبادرة هذا المشروع على اللجنة المختصة للمجلس لمناقشتها والمصادقة عليها. كما دعا نواب البرلمان والجمعيات الفاعلة في هذا الإطار إلى التحرك لحماية المشروع وتجسيده على أرض الواقع، مجددا في الوقت ذاته مطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها والاعتذار للجزائر والجزائريين لما اقترفته من أعمال وحشية في حق من أرادوا العيش في حرية وسلام. حركة النهضة: "يجب المضي بهذا المشروع إلى مداه" الكتلة البرلمانية لحركة النهضة دعت هي الأخرى من خلال بيان لها، الحكومة إلى الرد الإيجابي على مقترح مشروع تجريم الاستعمار المودع لديها منذ أكثر من شهرين، علما أن المهلة المخصصة للرد عليه انتهت يوم 24 أفريل الماضي، حيث طالبت في هذا الصدد البرلمان بالقيام بواجبه الدستوري تجاه الحكومة في حال عدم ردها على مقترح القانون الذي سنه نوابه ووقّع عليه أكثر من 150 نائب. وأوضحت الكتلة أن الهيئة البرلمانية للحركة تذكّر الجميع حكومة وبرلمانا بالواجب الوطني المترتب على ضرورة المضي بهذا المشروع إلى مداه. وحثت ذات التشكيلة البرلمانية الحكومة على الرد الإيجابي على مشروع »قانون تجريم الاستعمار« المطروح على طاولتها منذ 24 فيفري الماضي، وقالت أن ردها »الإيجابي يحقق الانسجام المنشود بين الحكومة والبرلمان«، بينما وصفت مقترح القانون بالسيادي الذي يتوجب الالتفاف حوله من جميع الأطراف. ودعت كتلة الحركة مكتب المجلس الشعبي الوطني إلى »ضرورة الإسراع في تطبيق مقتضيات الدستور والقانون المنظم للعلاقات بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه، واجتناب السكوت غير المبرر أو التأجيل في التعامل مع الموضوع في حال سكوت الحكومة عليه«. كما وجهت دعوتها أيضا للكتل البرلمانية للأحزاب الأخرى إلى الانخراط في إنجاح هذا المشروع.