شدّد السيّد رمطان لعمامرة مفوّض السلم والأمن للاتحاد الافريقي على أن الجهاز الإفريقي يعكف منذ تأسيسه على غرس مفهوم ثقافة حقيقية للسلم في إفريقيا ضمن تصوّر يكفل الانسجام الإفريقي وتحقيق التنمية المستديمة، مذكّرا بأن هذا الجهاز الحالي هو الوليد عن الجهاز المركزي للوقاية وتسيير وفضّ النّزاعات لمنظّمة الوحدة الإفريقية الذي أنشئ في جوان 1993· وقال السيّد لعمامرة في حديث لمجلّة الجيش في عددها الأخير (جانفي) حول مسيرة مجلس السلم والأمن خلال ستّ سنوات عن تاسيسه إن طريقة سير بعض الميكانزمات المتعلّقة بالأمن والسلم سمحت بإدراج مفهوم الأمن الجماعي ولأوّل مرّة في إفريقيا بهدف إرساء ثقافة جديدة تتمثّل في تحقيق انسجام إفريقي لتنسيق الجهود المبذولة من أجل السلم· وفي هذا السياق، قال السيد لعمامرة إن مجلس الأمن والسلم يعتبر العمود الفقري لنظام أمن جماعي مشترك وللإندار السريع من خلال سياسة تسمح بردّ فعل سريع وناجع لمختلف النّزاعات والأزمات بإفريقيا، وهو ما توضّحه المادة الثانية من البروتوكول المتضمّن إنشاؤه· وبعد أن استعرض بعض الأزمات التي عرفتها بعض البلدان الإفريقية لفت السيّد لعمامرة إلى أن المجلس لم يدّخر أيّ جهد لتسويتها، حيث عالج عدّة حالات كجزر القمر والصومال والكونغو الديمقرطية وغينيا ومدغشقر وغيرها، وإشار إلى أنه في كلّ حالة من هذه الحالات ساهمت العمليات التي قادها مجلس الأمن والسلم، والتي تمّت في ظروف جدّ صعبة، لا سيّما من الجانب المالي في إيجاد سبل لإرساء السلم ووقف الأعمال العدائية· وبخصوص القوة الإفريقية الجاهزة التي نصّ عليها البروتوكول المتعلّق بتأسيس مجلس الأمن والسلم، أوضح أن المجلس يعمل حاليا على إعداد خارطة طريق للفترة الممتدّة من 2011 - 2015 وذلك للسماح ببلوغ جاهزيتها العملياتية التامّة، حيث ستركز على قدرة الانتشار السريع وعلى الجانب اللوجيستي والتخطيط العملياتي، إلى جانب ما يتعلّق بالسلامة والأمن البحريين والكوارث الطبيعية والأغاثة· وأكّد السيّد لعمامرة أنه علاوة على الجهود المبذولة في إطار فضّ النّزاعات والأزمات التي تعصف بالقارّة الإفريقية فإن ظاهرة الإرهاب والقرصنة البحرية والجريمة المنظّمة تبقى دوما ضمن أولويات المجلس· وفيما يتعلّق بظاهرة الإرهاب الذي أصبح ينخر هيكل القارّة الإفريقية شدّد السيّد لعمامرة على أن هذه الظاهرة أخذت أبعادا كبيرة وأصبحت تمثّل أخطر التهديدات على دول القارّة، ممّا حذا بالمجلس إلى بذل جهود لتجفيف منابعها فأعدّ قانونا نموذجيا إفريقيا حول الوقاية من الإرهاب ومكافحته يهدف إلى ترقية إرساء آليات إفريقية ودولية حول الوقاية ومكافحة الإرهاب على الصعيد الوطني، وأضاف أن هذا القانون يسمح بإرشاد الدول الأعضاء في إعداد وتعزيز أو تحيين تشريعاتها الوطنية بغية الاستجابة بشكل أفضل لالتزاماتها الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن توحيد وانسجام التشريعات الجزائية الإفريقية الذي يشكّل أرضية للتعاون لمكافحة الإرهاب على الصعيد القارّي سيكون بمثابة مكسب ثمين لهذه الأداة· وقال إن الاتحاد الإفريقي اتّخذ جملة من التدابير الأخرى لدعم التنسيق الإفريقي في مكافحة الإرهاب، منوّها في هذا الصدد بالعمل الذي يتمّ بإصرار وعزم بغية القضاء على مسألة دفع الفدية للجماعات الإرهابية· وذكر المسؤول الإفريقي أن الجهود المبذولة في هذا الإطار هي في الواقع كانت جهودا تبذل منذ بداية التسعينيات، حيث أسفرت عن معاهدة منظّمة الاتحاد الإفريقي لعام 1999 حول الوقاية ومكافحة الإرهاب والبروتوكول الإضافي لعام 2002 والمصادقة على مخطّط عمل بالجزائر عام 2004 وإنشاء المركز الإفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب بالجزائر، وأشار إلى أن المجلس لا يمكن له القيام بالمهام المنوطة به على أحسن وجه إلاّ بالتنسيق الوثيق مع المنظّمات الدولية المؤهّلة· ولدى تطرّقه إلى آفاق المجلس، قال السيّد لعمامرة إنه رغم التقدم الملحوظ والإنجازات التي حقّقها ما يزال أمام المجلس تحدّيات ورهانات ويتعلّق الأمر أوّلا بمواصلة دعم قدرته على تحمّل مسؤولياته، وأكّد أن التفعيل الحقيقي لطرق عمل المجلس تكتسي أهمّية بالغة ويستوجب على المجلس العمل بفعالية أكثر في مجال الوقاية، كما يتعيّن عليه اتّخاذ جملة من المبادرات للوقاية من ظهور نزاعات جديدة في القارّة·