يتحول الغاز من نعمة إلى نقمة مع دخول فصل الشتاء وعلى الرغم من الحملات التحسيسية بمخاطره نجد أن الحوادث المنزلية الناجمة عن الاختناق بالغاز في تفاقم مستمر، ولعل لتلك الكوارث أسباب متعددة ساهمت في تفاقم الظاهرة في موسم الشتاء، وهو الموسم الذي تحتاج فيه كل الأسر إلى أجهزة لمقاومة صقيع البرد، إلا أنها تسقط في فخ الأثمان البخسة لبعض الأجهزة المقلدة التي امتلأت بها أسواقنا بكثرة في هذه الأيام، فيدفع البعض أرواحهم مقابل الاستفادة من دنانير معدودة، إلى جانب انعدام الرقابة الدورية على شبكات توصيل الغاز المثبتة في المنازل على الرغم من انطلاق تلك الروائح التي تنذر بحصول الكارثة إلا أن البعض لا يبالي بذلك. وقد ارتفعت حصيلة الوفيات بسبب الحوادث المنزلية ولم تعد تقتصر فقط على الأطفال بسبب عدم إدراكهم لخطورة الغاز والكهرباء لتمتد إلى كبار السن في مقدمتها ضحايا الاختناقات بالغاز، فعلى الرغم من التحذيرات التي تطلقها المصالح المختصة على رأسها الحماية المدنية بشأن مخاطر الغاز، أو القاتل الصامت نجد أن مصالحها أحصت في شتاء هذا الموسم 234 وفاة بسبب الحوادث المنزلية، خلال أزيد من 8177 تدخل قامت به فرقها على المستوى الوطني، واحتلت الاختناقات بالغاز الصدارة في عدد الوفيات ب 75 وفاة، وتكشف إحصائيات الحماية المدنية 274 تدخل، في حين أنقذت 550 شخص من بينهم 162 رجل، 217 امرأة و171 طفل، بينما بلغ عدد الوفيات بالاختناق 46 رجلا، 16 امرأة و13 طفلا ، كما أنه تم تسجيل 36 تدخلا في حوادث انفجارات أنقذ خلالها 41 رجلا، 30 امرأة و10 أطفال، أما الوفيات فقد سجلت 10 رجال و04 نساء، لتليها في المراتب الأخرى التسممات الغذائية ب247 تدخل كما سجلت مصالح الحماية المدنية 365 تدخل تتعلق بحوادث الحروق، تم إنقاذ 407 أشخاص. وتأتي تلك الإحصائيات المخيفة في خضم الحملات التحسيسية التي تنطلق فيها المصالح المختصة وكذا الومضات الاشهارية عبر القنوات الإذاعية والتلفزيونية لتجنب تلك الحوادث المميتة، إلا أننا نتصادف بتلك الإحصائيات المفزعة والرهيبة مع حلول فصل الشتاء من كل سنة. ولعل للعامل البشري دور في ارتفاع تلك الإحصائيات لاسيما وان الكل صار يلهث وراء الأجهزة المقلدة المنخفضة الثمن بدل اقتناء أجهزة أصلية فهي على الرغم من غلائها تضمن السلامة في استعمالها، لكن نجد ومع انعدام الرقابة انتشار بعض الأجهزة على غرار المدافىء بما فيها المركزية أو الخاصة بالحمام المنزلي بحيث عادة ما يلهث المواطنون وراء رخص الثمن ليدفعوا حياتهم ثمنا بعد ذلك خاصة وأنها غير أصلية وسريعة التلف، إلى جانب قارورات غاز البوتان باعتبارها هي الأخرى مصدرا مهما للغاز لاسيما في الأحياء التي لم تجهز بغاز المدينة، واستعمالها العشوائي من الممكن جدا أن يؤدي إلى تسربات في حالة عدم إلحاقها بطريقة جيدة مع الفرن، أو عدم التثبيت الجيد للأنبوب في فوهة القارورة، مما أدى في الكثير من المرات إلى انفجارات كارثية خلفت وفيات بالجملة. سبب آخر أدى إلى التزايد الكبير لحالات الاختناقات بالغاز المؤدية للوفاة وهو انعدام الرقابة الدورية والمستمرة على مستوى البيوت من طرف رصاصين مختصين لرقابة تلك الأنابيب وإبعاد الشكوك وتفادي التسربات المحتملة في أي وقت. ووجب أن لا يقتصر ذلك الحس على مستوى البيت فقط بل على مستوى كامل الحي ليشمل العمارة والمحل والمدرسة كون أن الغاز لا يرحم وتتعدى كوارثه من الاختناقات إلى الانفجارات ليؤدي في الأخير إلى الفتك بحياة الشخص فحوادث الغاز يتحمل مسؤوليتها الجميع والحيطة والحذر ضروريين لتفادي مخاطره.