الشيخ: قسول جلول إنما صلح أمر هذه الأمة في الأمس الدابر بالحب (إن العقل نور يدل على الطريق ولكنه لا يُحَرِّك العقل في كيان الإنسان يدل ولكنه لا يُحَرِّك إنما الذي يحرك في كيانه الوقود والوقود الذي يحرك الإنسان إنما ذاك الذي يهيمن على القلب الحب لله ولرسوله). إنما صلح أسلافنا بمحبة الله عز وجل ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم وحب عباد الله والنصح لهم وكف الأذى عنهم والتعاون معهم والتآخي بينهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما وضع اللبنة الأولى بعد التوحيد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ونشر المودة والمحبة بينهم لأنها مجلبة لمرضات الله لأن الخلق عيال الله وأحبكم إلى الله أحبكم لعياله صلح أمرها بالأمس القريب والبعيد عندما تعاونت وتضامنت وتناصرت يقول الله عز وجل (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)سورة المائدة الآية 2. صلح أمرها عندما توجهت إلى ربها طالبة المدد والعون والنصرة من الله قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)). وفسد أمرها فيما بعد أيضاً بالحب. ولكن أي نوع من الحب حب الأنانية حب الذات حب الشهوات حب الدنيا فلنتأمل في الوحي المنزل عليهم من عند الله وآمنوا به وهو يقول لمحبي الدنيا أمثالنا وكأن هذه الآية نزلت في هذا الزمان !!!؟ ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)) (كَمَثَلِ غَيْث أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) (وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) سورة الحديد الآية 24. الدنيا وما أدراك ما الدنيا كم غرت !!وفي شهواتها أغرقت !! وبلهوها شغلت وما هي إلا متاع الغرور وكل ما فيها حتما سيزول فعلما نؤثر الدنيا على الآخرة وهي زائفة زائلة. إذا أردت أن تعرف هذه الدنيا حق المعرفة فهذا وصفها عندما خلقها علام الغيوب سبحانه وتعالى: آيات وأسرار قال سبحانه (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ) وقال (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلً) وقال (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ) وقال (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ). وقال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ). عن عبدالله بن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال أي نام في ظل شجرة في يوم صائف ثم راح وتركها))رواه الترمذي وقال صلى الله عليه وسلم ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) رواه البخاري.... عرفوا أن الدنيا بلاء وابتلاء عندئذ نفضوا أفئدتهم من محبة هذه الدنيا فأصبحت قلوبهم سليمة طاهرة مطهرة ثم إنهم أصغوا إلى بيان الله من خلال صفاته محسناً عفوَّاً غفوراً كريماً لطيفاً رازقاً خالقاً بارئاً. تأملوا في النعم التي أنعم الله بها عليهم تأملوا في رسائل الحب التي ترد إليهم من الله عز وجل ففاضت قلوبهم بعد أن فرغت من محبة الدنيا ....ولم يستطيع شياطين الإنس والجن أن يقودهم إلى حمأ الرذيلة ولم يستطيعوا أن يزينوا لهم الأعمال السيئة لم يستطيعوا أن يسكروا هذه النفوس المطمئنة التي امتلأت بحب الله بسكر الشهوات والأهواء لم يستطيعوا أن يسكروها وأن يرشوها بالذهب والليالي الحمراء أو الصفراء لم يستطيعوا أن يجتذبوهم إلى الكمائن المرصودة فسلاحهم حب الله الذي هيمن على قلوبهم. محبة جمعت شملهم ووحدت كلمتهم ثم ما الذي حصل بعد ذلك؟ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) الآية59 سورة مريم خَلَفَ ابتعدوا عن محبة الله وشموا رائحة محبة الدنيا المهيمنة على قلوبهم ومن ثم غزوا أفئدتهم بهذه الوسيلة غزوا أفئدتهم بالشهوات وبالأهواء ومن ثم كانت العاقبة التي نراها في الأمة الإسلامية .. هذه حقيقة المرض الذي أصاب الأمة فتعلموا واعلموا أن العقل نور يدل على الطريق ولكنه لا يُحَرِّك العقل في كيان الإنسان يدل ولكنه لا يُحَرِّك إنما الذي يحرك في كيانه الوقود والوقود الذي يحرك الأمة إنما ذاك الذي يهيمن على القلب الحب لله ولرسوله وتدبروا قول الله عز وجل القائل ((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) ما الذي جعله يخلد إلى الأرض؟ ليس العقل والفكر هو الذي جعله يخلد إلى زينة الأرض إلى شهواتها وأهوائها إنما هو القلب الذي فاض بحب الفاني إنما هو القلب الذي فاض بحب الشهوات يحدثنا الله نبأ هذا الإنسان لكي نعلم متى يقع الإنسان في الكمائن المهلكة والمشقية ومتى يرقى الإنسان إلى صعيد السعادة القصوى. يا ابن آدم يقول الله عز وجل لنا من خلال بيان الله عز وجل في الآيات التي ذكرناها: اجعل الدنيا في علاقتك بها كعلاقة السيد بالخادم اجعلها خادماً لك كن في علاقتك بالدنيا كذاك الذي يرقى بقدميه على السُّلَّمِ ليصعد إلى أهدافه ومبتغياته لا تجعل الدنيا محبوبك المهيمن على عرش فؤادك اجعل فؤادك لربك اجعل هواك لخالقك عندئذ ستُحَلُّ المشكلات كلها وسَتُحَلُّ المعضلات أجمع هذه حقيقة.