والإسلام لا يحب المهانة والمذلة والضعة والعجز فالمؤمن القوي في إيمانه وبدنه وماله خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. واليد العليا المتصدقة خير من السفلى السائلة. ولا يحب الإسلام التواكل ولا البطالة ولا التسول ومسألة الناس فقد منع الإسلام التسول وحدد سؤال الناس في حالات معينة ضرورية بينها النبي صلى الله عليه وسلم في مثل الحديث الآتي: عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضى الله عنه قال : تحملت حمالة (الحمالة: أن يقع حرب بين فريقين فيقتل بينهم قتلى فيلتزم رجل أن يؤدي ديات القتلى من عنده طلبا للصلح وإطفاء للفتنة) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة (الجائحة: الآفة التي تعرض للإنسان وتستأصل ماله) اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قِواماً (القوام: ما يقوم به أمر الإنسان من مال ونحوه) من عيش أو قال سداداً من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى (الحجى: العقل) من قومه : لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيشة - أو قال سداداً (السداد بكسر السين: ما يكفي المُعوز والمقل يقال في هذا سداد عن عوز) من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً (راجع ابن الأثير جامع الأصول وأبو داود: سليمان ابن الأشعث السجستاني في سننه وقد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي). وفي هذا بيان أن المسلم ينبغي أن يكون عالي الهمة كريم النفس مترفعاً عن الدنايا وعن مذلة سؤال الناس إلا في الحالات الثلاث التي جاءت في الحديث وهي التي يجوز فيها سؤال الناس بمقدار الحاجة فقط وإلا كان سحتاً يأكل به في بطنه ناراً.