يكمُن جوهر البِّرّ في وصية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي ذر رضي اللّه عنه على وجه الخصوص، ولأمّته عامة الّتي يجب فهمها وتبليغها وتطبيقها، فإنّ رحمة اللّه لا تفارق أهلها. قال أبو ذر رضي اللّه عنه: ''أوصاني خليلي صلّى اللّه عليه وسلّم بسبع: بحبّ المساكين، وأن أدنو منهم، وأن أنظر إلى مَن هو أسفل منّي، ولا أنظر إلى مَن هو فوقي، وأن أصِلْ رحمي وإن جفاني، وأن أكثر من قول لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، وأن أتكلَّم بمرّ الحقّ، ولا تأخذني في اللّه لومة لائم، وأن لا أسأل النّاس شيئًا''. فالصّدقة لا تؤِدّى لغني إلاّ إذا أصابته جائحة ذهبت بزرعه مثلاً، أو فاقة أحوجته إلى غيره، فله أخذها حتّى تستقيم حاله، فالّذي يأكُلُها عن غنى بلا عذر شرعي شارك اليهود في أخلاقهم. قال تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلْسُّحْتِ}. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا في حجة الوداع، وهو واقف بعرفة، حينما أتاه أعرابي فأخذ بطرف ردائه فسأله إيّاه فأعطاه وذهب {إنَّ المسألة لا تحلّ لغنيّ، ولا لذي مرّة سويّ، إلاّ لذي فقر مدقع أو غرم مقطع، ومَن سأل النّاس ليثري به ماله كان خموشًا في وجهه يوم القيامة، ورضفًا يأكله من جهنّم، فمَن شاء فليقلل، ومَن شاء فليكثر''.