أقل من عشرين يوما تفصلنا عن ثاني أكبر حدث رياضي عالمي، وهو كأس العالم لكرة القدم والذي سينطلق في الحادي عشر من شهر جوان، والذي تميزه عودة الجزائر بعد غياب أربع وعشرين سنة كاملة، الحدث الذي جعل الجزائريين ينتظرون قدومه بفارغ الصبر، والكثير منهم ألغوا عطلهم التي اعتادوا إمضاءها في بلدان أخرى، وبعض المغتربين عادوا خصيصا إلى أرض الوطن حتى لا يفوتوا الأجواء التي تسبق وتلي مباريات الفريق الوطني. لا شك أنّ مشاركة الجزائر في كأس العالم ستجعل الجزائريين يلتصقون بشاشات بيوتهم شهرا كاملا، بل وأكثر من ذلك فإن بعض الجزائريين ومنذ أن أعلن عن التوقيت الذي ستلعب فيه المباريات، راحوا يحضرون بدورهم أنفسهم لها، ويفكرون في الكيفية التي تمكنهم من مشاهدتها، إما بالتغيب عن العمل، خاصّة وأن المباراة الأولى للجزائر ستلعب في أول أيام الأسبوع، وعلى الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، كما فكر آخرون في أخذ عطلهم السنوية في شهر جوان، حتى يشاهدوا المونديال براحة، ويتمكنون بالتالي من الفرحة والاحتفال وإقامة الليالي البيضاء، دون أن يفكروا في عمل ينتظرهم في الصباح. ومن القرارات التي اتخذها البعض الآخر، إلغاء بعض المواعيد التي يكونون قد اعتادوا عليها لسنوات مثل السفر لإمضاء العطل في بعض البلدان، خاصّة وأن الجزائريين يحبون مشاهدة المونديال إما في جنوب إفريقيا حيث ستجرى، فسيعيشون بذلك مع الفريق الوطني، يساندونه ويؤازرونه لتحقيق نتائج إيجابية ويكونون أوّل المحتفلين بها، أو أن يبقوا في الجزائر ويشاركوا الشعب في الأجواء التي لا بدّ سيصنعها قبل وأثناء وبعد كل مباراة، وهي الأجواء التي لن يستطيعوا معايشتها في أي قطر آخر من العالم، ولهذا كله، فإن العطلة في الجزائر هذه السنة لها طعم آخر، بل حتى المغتربين من الجزائريين، والذين لم يزروا البلد منذ مدة طويلة، يفكروا هذه السنة في إمضاء عطلهم فيها، فحتى وإن اكتفوا بمشاهدة اللاعبين في جنوب إفريقيا على شاشة التلفاز فلا يفوتوا الفرجة التي سيصنعها اللاعبون في جنوب إفريقيا والمواطنون في الشوارع والمدن الجزائرية. هذا ما قاله لنا سامي والذي تحولت الفرحة بتأهل الجزائر إلى المونديال، إلى فرحتين، بعدما قرر أخوه الأكبر والذي يسكن بكندا منذ أكثر من خمس سنوات، ولم يره في الثلاث سنوات الماضية، قضاء شهر جوان في الجزائر، فرغم أنه كان دائم التفكير في العودة إلى أرض الوطن ليستقر فيه مرة أخرى، لكن لم تتح له الفرصة ليفعل، وفضل التريث، ولهذا لم يستطع المجيء حتى لقضاء العطل، إلا أنّ تأهل الجزائر زاد من عزيمته وشجعه على العودة رغم أنه سيخسر الكثير إذا ما تغيّب عن عمله شهرا كاملا، ويقول لنا سامي إن أخاه اقتنع بأنه إن لم يعش الأجواء الرياضية في الجزائر، فلن يعيشها في مكان آخر، خاصة بعدما شاهد على شاشة التلفاز الاحتفالات التي تلت التأهل إلى المونديال، أمّا »ريتاج« فتقول إنها أقنعت زوجها بعدم السفر إلى تونس ككلّ سنة، وسوف تمضي مع أسرتها العطلة في الجزائر لا لشيء إلاّ لتعيش الأجواء التي سيصنعها الشعب الجزائري إذا ما تأهل إلى أدوار متقدمة من المنافسة، وهي لا تنسى طبعا الأيام الاحتفالية التي عاشها بعد التأهل إلى المونديال، والتي تتمنى أن تعيش مثلها هذه الصائفة، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تفوتها. ولأنّ شهر رمضان المبارك سيحلّ مبكرا هذه السنة، فإن مواعيد الجزائريين في الصائفة كلها ستتغير وستضبط على هذين الحدثين، كأس العالم والذي ستميزه مشاركة الجزائر، وشهر رمضان المعظم، والذي يفضل الجزائريون عادة قضاءه في الجزائر، ولهذا كله فإن أجندة المواطنين قد ترضخ لتعديلات كثيرة، خاصة بالنسبة للذين اعتادوا على السفر.