الشاليهات... ملف أسود أنهك العائلات والمسؤولين مرت أمس 21 ماي 2010 الذكرى السابعة للزلزال العنيف الذي ضرب ولاية بومرداس بقوة 6،8 على سلم ريشتر، مخلفا خسائر بشرية فادحة؛ 2278 قتيل و12450 جريح و170 ألف مواطن مشرد، بالإضافة إلى الخسائر المادية الكبيرة التي مست السكنات والتجهيزات العمومية على غرار المؤسسات التربوية والاستشفائية، حيث وصلت نسبة الضرر في بعض المدن إلى 100 بالمائة، وهو ما صعّب في البداية عملية التكفل بالمنكوبين. ولمواجهة ذلك الوضع تكاتفت جهود الدولة بمختلف مؤسساتها وعلى رأسها المجلس الشعبي الوطني مع الهيئات الشعبية التي كانت قوية في تدخلاتها هي الأخرى، للوقوف مع المنكوبين الذين ظلوا لمدة طويلة متأثرين بما حدث في عشية الأربعاء 21 من ماي 2003. وقد استفاد منكوبو ولاية بومرداس من متابعة نفسية وطبية وتكفل تام من ناحية الإيواء؛ من خلال المخيمات التي نُصبت ساعات قليلة بعد الزلزال لتحل محلها الشاليهات التي كانت بدورها نقاط عبور إلى المساكن الجديدة التي استفاد منها المنكوبون الذين انهارت مبانيهم. وتطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية فقد أُنجز 07 آلاف مسكن جاهز على مستوى 26 موقعا، على غرار بلديات دلس وسيدي داوود والناصرية وبرج منايل وسي مصطفى وبومرداس وبودواو.. مجهزا بكل ضروريات الحياة، وغلق كل مراكز الخيم قبل فصل الخريف من نفس السنة؛ أي 2003. ويُعتبر زلزال بومرداس نقطة تحول بالنسبة لتوجهات وأولويات الدولة، التي تبنت منذ ذلك الحين خطة وقائية من الكوارث الطبيعية، وتعلق المستوى الأول من التدخل بتعديلات محورية في القوانين والنصوص التنظيمية الخاصة بالبناء المضاد للزلزال، تهدف من خلالها إلى رفع درجة مقاومة البنايات للزلزال، إضافة إلى إلزامية القيام بدراسة الأرضيات بالتنسيق مع مصالح مركز الدراسات الزلزالية قبل بداية أي مشروع. وتواصل ولاية بومرداس إعادة إعمار ما دمره زلزال ماي من منشآت تربوية وصحية غير مقصية في ذلك المرافق الرياضية والشبانية والترفيهية، لتتجدد من خلال ذلك الحظيرة السكنية للولاية. وقد روعيت في أغلب هذه المرافق والمنشآت معايير هندسية دولية مقاومة للزلزال. ماذا تغير بعد سبع سنوات؟ هذا السؤال يطرح نفسه في كل ذكرى لزلزال بومرداس، هل كانت هذه السنوات الطويلة بمعية الأغلفة المالية الهائلة التي حظيت بها الولاية، كفيلة بإخراج الولاية من مخلفات الزلزال؟ جهود كبيرة بُذلت من أجل احتواء مخلفات الأزمة، فقد تم إسكان 4398 عائلة في سكنات نهائية موزعة عبر عدة مواقع من تراب الولاية. كما مُنحت 2434 إعانة للمنكوبين في إطار البناء الذاتي، وكذا انطلاق البناء في 844 تعاونية عقارية، إضافة إلى تخصيص برنامج إنجاز 08 آلاف مسكن. كل هذه الإنجازات وإن حُسبت في كفة المصالح الولائية غير أنها لا تعكس أبدا تطلعات المنكوبين، فالعدد الإجمالي للمنكوبين المصنفين في الخانة الحمراء فقط والذين يملكون الحق في الحصول على سكن تعويض يقدّر بأكثر من 10800 عائلة، وهو ما يوضح الشرخ الكبير بين الإنجازات المحققة والرهانات المفروضة. وها هي 07 سنوات تمر وماتزال مئات العائلات تنتظر دورها في السكن، وحتى المنازل التي تم تشييدها اصطدمت بمشكل العقار؛ ما جعل الولاية لا تراعي مكان إقامة العائلات التي ستستفيد من المشاريع السكنية؛ حيث اضطرت عائلات تقطن بأقصى شرق الولاية إلى الانتقال للسكن في أقصى الغرب بمسافة فاصلة تفوق 70 كلم، وهو ما أفضى إلى مشاكل جمة تحتملها هذه العائلات التي أصبحت مخيرة بين الحصول على مسكن قد لا تتكرر فرصة عرضه، أو التخلي عن محيطها بما فيه من مناصب عمل وممتلكات خاصة والانتقال للعيش في مكان آخر. ظروف مختلفة ومعاناة واحدة الشاليهات أو »البيوت الجاهزة«.. تم جلبها لعملية الإسكان المؤقت للمنكوبين الذي لا يتجاوز سنتين، لتتحول إلى ملجأ نهائي قضت فيه العائلات 07 سنوات، ومازال أفق التخلص من هذه الشاليهات مغيما! 70 بالمائة من هذه السكنات الجاهزة مصنوع من صفائح حديدية لا تقي على الإطلاق من الرطوبة أو الحرارة. وقد حدد المنتجون مدة صلاحيتها بسنتين أو 03 سنوات كأقصى تقدير، لتتحول هذه الأخيرة التي بها غرفتان فقط إلى ملجأ لعائلات حولتها إلى بيوت قصديرية فرضتها مقتضيات التوسيع وتصليح السقف، الذي أصبح منفذا سريعا لمياه الأمطار، وحتى عمليات منح هذه السكنات الجاهزة شابتها فوضى عارمة أحدثت فتنة بين السكان الذين استفاد العديد منهم من قرار استفادة من نفس السكن، ما جعل القضاء يستقبل مئات الشكاوي في هذا المجال. ورغم أن المصالح ارتأت لذلك تحويل صلاحية منح هذه الشاليهات إلى مصالح الدوائر بدل البلديات إلا أن المشكل زاد تفاقما عما كان عليه. وآخر الرهانات التي مورست على هذه الأخيرة هو القرار الحكومي الذي أعطى الصلاحية لديوان الترقية والتسيير العقاري في تأجير الشاليهات، واعتبرها وقفا له، وهو ما أخرج قاطنيها من حيز المنكوبين، الذي بقي مجرد وسام معلق على صدورهم طيلة 07 سنوات! وقد أكد والي بومرداس السيد إبراهيم مراد أن 70 بالمائة من الشاليهات أصبحت تسيَّر من طرف ديوان الترقية والتسيير العقاري لولاية بومرداس، وأن 92 بالمائة منها تم تحويلها إلى سكنات اجتماعية مؤقتة، واعدا أصحابها بتمكينهم من سكنات في إطار الصيغة الاجتماعية، وهو ما زاد التكالب حول هذه الأخيرة بعدما أصبحت في نظر السكان مفتاحا سحريا للوصول إلى السكن النهائي بدل العمل على القضاء على هذه الشاليهات التي أصبح 60 بالمائة منها عبارة عن بيوت قصديرية تمثل وصمة عار لجمال الولاية بشهادة القائمين والعارفين بأحوالها.. مشاريع لإعادة إسكان المنكوبين كشف والي بومرداس إبراهيم مراد أن الولاية لاتزال تعاني مشاكل كثيرة جراء مخلفات الزلزال، مشيرا إلى أن ملف الشاليهات يُعد من أكبر التحديات التي تواجه الولاية في الوقت الحالي إضافة إلى مشكل انعدام العقار بعد أن استهلكت البناءات الجاهزة التي خُصصت لإقامة مشاريع سكنية موجهة لإعادة إسكان المنكوبين 900 هكتار. وفي السياق ذاته، أشار نفس المتحدث أن القضاء على 15 ألف شاليه على مستوى الولاية ليس بالأمر الهيّن، حيث يحتاج إلى إرادة قوية من طرف السلطات المحلية، وكذا إلى اتخاذ تدابير تهدف إلى استرجاع العقار واستعماله في إنجاز مشاريع تحتاجها الولاية، خصوصا بعد استهلاك الولاية 900 هكتار من الأراضي الفلاحية من أجل إنجاز مشاريع سكنية في إطار برنامج إعادة إعمار الولاية بعد الزلزال الذي ضربها سنة 2003. وكشف الوالي أنه قد تم بناء 08 آلاف وحدة سكنية لحد اليوم، حيث تم إسكان المتضررين من الزلزال المدمر إلا الذين رفضوا وفضلوا إعادة تهيئة سكناتهم القديمة أو إنشاء سكنات جديدة عن طريق الاستفادة من الإعانات التي قدمتها الدولة أو عن طريق القروض الموجهة خصيصا لهذه الفئة، مؤكدا أن القاطنين الحاليين بالشاليهات ليسوا من المتضررين وإنما من الحالات الاجتماعية التي يعاني أصحابها من مشكل السكن بعد أن تم إلحاق 100 موقع للشاليهات بديوان الترقية والتسيير العقاري حتى يتكفل بتسييره. 78 مليار سنتيم للتكفل بالمنكوبين ويلاحَظ ميدانيا بأنه لم تعد هنالك أي آثار لمخلفات هذا الزلزال من البنايات المهدمة وغيرها إلا تلك الشاليهات، التي لازالت مزروعة في مناطق متعددة عبر تراب الولاية بعد تغير مهمتها من إيواء المنكوبين إلى ايواء مختلف المواطنين بعد تحويلها إلى الطابع الاجتماعي. وكانت الدولة غداة حدوث هذه الكارثة جندت كل طاقاتها البشرية والمادية من أجل مجابهة الآثار الناجمة عن ذلك للتكفل وبشكل فوري، بكل المنكوبين، حيث وصلت المبالغ المالية الإجمالية التي رُصدت حينها، حسب ما أفاد به مصدر من ديوان الوالي، إلى أكثر من 78 مليار سنتيم. وهذه الميزانية المالية الضخمة تم توزيعها في إطار البرامج القطاعية والمخططات البلدية للتنمية وصناديق التضامن الوطني والسكن والكوارث والإعانات المالية الأخرى المختلفة، إضافة إلى إنجاز 08 آلاف سكن للمنكوبين. وقد تم من خلال هذه الميزانية التكفل بقرابة 97 بالمائة من المنكوبين الذين صُنفت منازلهم في الخانة الحمراء إلى حد اليوم؛ ما يمثل 9954 عائلة من أصل 10 آلاف منكوب انهارت منازلهم. ويبقى 400 منكوب آخرين في انتظار إعادة إسكانهم ببلدياتهم؛ احتراما لرغبتهم في عدم التنقل إلى بلديات أخرى، وتتركز خصوصا في بلديتي الثنية ودلس. .. و100 مليون سنتيم للتجار المتضررين وفي ما يخص تعويض ضحايا زلزال 21 ماي 2003 فقد شمل تعويض التجار المتضررين من الزلزال الذين فقدوا محلاتهم التجارية. وقد خُصصت لهم قروض قدرها 100 مليون سنتيم لإعادة بناء ما خربه الزلزال. وقد تضمّن ذلك في المادة 76 من قانون المالية التكميلي، الذي أقر أنه من أجل إعادة بناء المحلات ذات الاستعمال التجاري والصناعي أو الحرفي الموجود في ولايتي بومرداس والعاصمة وكذا المباني المنهارة أو المصرح بعدم إمكانية ترميمها على إثر الزلزال، بمنح مالكيها المنكوبين قرضا بقيمة مليون دج، مع تخفيض. وقد وصل عدد التجار المنكوبين بولاية بومرداس إلى 1060 تاجر، فيما قُدر عدد المحلات المنهارة بشكل كلي ب 560 محل.