هذه حصيلة الخراب بالأرقام ** من على منصة خشبية وُضعت وسط حاملة الطائرات إبراهام لينكولن أطلق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن ما عُرف لاحقاً بالوعود الأميركية الأربعة للعراق الأمن الحرية الرفاه الديمقراطية وذلك في مستهل خطابه الذي أعلن فيه النصر وانتهاء معركة غزو العراق والذي تزامن مع بدء وصول قيادات سياسية عراقية معارضة إلى البلاد من منفاها في لندن وواشنطن وطهران ودمشق. ق. د/وكالات وبات السواد الأعظم من العراقيين يرى أن الغزو الأميركي لبلادهم لم يجلب سوى الموت والخراب وتفكيك البلاد حتى بالنسبة لأولئك الذين كانوا يتمنون الخلاص من حقبة النظام السابق فما خلّفه الاحتلال الأميركي من مآس كبير للغاية إلى درجة دفعت بمن تسلم السلطة في البلاد لإلغاء قرار اتخذه عام 2005 إبان مجلس الحكم الانتقالي اعتبر فيه التاسع من أفريل يوماً وطنياً واستبدله بيوم الثالث من أكتوبر كيوم وطني وهو يوم انضمام العراق إلى عصبة الأممالمتحدة عام 1932. اختير أبو تحسين صاحب أشهر فيديو عقب احتلال بغداد عام 2003 عندما ظهر وهو يضرب تمثالاً للرئيس السابق صدام حسين بحذائه. أبو تحسين يقول اليوم: الآن تأكد لنا أن بوش قصد العكس بهذه الوعود وكان يقصد الخوف والظلم والفقر والخراب. ويضيف ل(العربي الجديد): آسف فعلاً على تفاؤلي المفرط حينها فالعراق عاد قروناً للوراء. من جهته يقول عضو الحزب الشيوعي العراقي في بغداد نادر الخالدي: رحل ديكتاتور والآن لدينا مئات مثله إن لم يكن أبشع منه بكثير. ويؤكد الخالدي أن الأميركيين جلبوا معهم سياسيين لا يستحقون إدارة ورشة حدادة وليس بلداً مثل العراق فضلاً عن كونهم لصوصا وطائفيين وولاؤهم ليس للعراق متهماً الأحزاب الإسلامية بمختلف توجهاتها بأنها سبب الخراب الثاني من جهته يقول عضو البرلمان العراقي كامل نواف الغريري رحبنا بالديمقراطية وشاركنا في العملية السياسية لكن عملياً لم يحدث تطبيق للديمقراطية في البلد مضيفاً: يمر العراق اليوم بظروف صعبة جداً تختلف عما كانت عليه قبل الاحتلال فحينها كان هناك أمن وكان هناك قانون أما اليوم فلا يوجد أمن ولا قانون ولا يستطيع المواطن العراقي أن يؤمن على حياته. بداية الاحتلال جرى الغزو الأميركي للعراق بمشاركة جيوش دول بريطانيا وأستراليا وكوريا الجنوبية والدنمارك وبولندا بواقع 300 ألف جندي وساهمت 10 دول أخرى بأعداد صغيرة من القوات العسكرية في الهجوم البري الذي بدأ فعلياً في العشرين من مارس 2003 منطلقاً من أراضي عدد من دول جوار العراق. وبدأ الهجوم في 19 مارس 2003 من خلال ضربات جوية مكثفة استهدفت كل مفاصل الدولة العراقية والقواعد العسكرية ووحدات الجيش والمقرات الرئاسية ومناطق سكنية ووصل معدل الضحايا الذين يفيدون للمستشفيات العراقية 100 شخص في الساعة الواحدة. ودارت معارك غير متكافئة بين القوات العراقية والقوات المهاجمة انتهت بسقوط بغداد في التاسع من افريل 2003 لتسقط بعدها كركوك بيوم واحد ثم تكريت في الخامس عشر من الشهر نفسه ثم الفلوجة التي سقطت باتفاق بين وجهاء المدينة والقوات الأميركية. وتقاسمت القوات المشاركة في الغزو مناطق العراق في الأسابيع الأولى الاحتلال إذ تولّت القوات البريطانية السيطرة على عدد من مدن الجنوب مع القوات البولندية والأسترالية بينما تولت القوات الأميركية السيطرة على بغداد ومدن شمال وغرب البلاد في حين تولى الحزبان الكرديان إدارة الإقليم الكردي (كردستان). وكشفت معلومات وتقارير سربتها وسائل إعلام أميركية أن إدارة بوش لم تكن تمتلك أي خطة لإدارة العراق بعد احتلاله وهو ما ساهم في نشر الفوضى والعنف في أرجاء البلاد وساهم في ذلك سوء اختيار الأميركيين للشخصيات السياسية التي استقدموها من المنفى لحكم البلاد. من جهته يقول رئيس تحرير صحيفة (صوت الحرية) التي أصدرتها القوات الأميركية عقب احتلالها العراق سمير علي إن الأمر كان أشبه ما يكون بتخلص من سرطان لكن المريض توفي. ويضيف (خير دليل على فشل أهداف الاحتلال الأميركي هو وجودنا في المنفى لأننا غير قادرين على مواجهة الناس هناك فمئات الآلاف من العراقيين قُتلوا والملايين يسكنون الخيام والبلاد وضعها مزر والسؤال الذي يُطرح دوماً هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟). أرقام مفجعة تُظهر الأرقام سقوط نحو 430 ألف قتيل عراقي منذ عام 2003 ولغاية مطلع عام 2017 الحالي. واحتلت العاصمة بغداد المرتبة الأولى بعدد القتلى بفارق عن محافظة ديالى تليها محافظة الأنبار ثم صلاح الدين وفي المرتبتين الخامسة والسادسة جاءت نينوى وبابل. وتصدرت العمليات الإرهابية للجماعات المتطرفة والمليشيات الموالية لإيران الصدارة في فاتورة القتلى العراقيين تلتها القوات العراقية الحكومية ثم القوات الأميركية. وبلغت أعداد الضحايا ذروتها في زمن تولي زعيم حزب الدعوة الحالي نوري المالكي رئاسة الحكومة بين عامي 2006 و2014. وسجل العام 2006 أعلى أعداد القتلى بواقع 59 ألف قتيل ثم 31 ألف قتيل في العام 2007 لتعود وترتفع عام 2015 وتسجل رقماً قياسياً بواقع 36 ألف قتيل. بينما تختلف أرقام ضحايا الحرب التي أفضت للاحتلال عام 2003 بين 38 ألفاً و43 ألف عراقي. كما سقط 620 ألف جريح عراقي 30 في المائة منهم أصيبوا بعاهات دائمة جعلتهم عاجزين عن الحركة والعمل منذ 2003 ولغاية مطلع عام 2017. وسُجل أيضاً 58 ألف مفقود لا يُعرف مصيرهم حتى الآن منذ مطلع عام 2003 ولغاية ديسمبر 2016 إضافة إلى 271 ألف معتقل من بينهم نحو 187 ألف معتقل لم يُحالوا للقضاء حتى الآن. وسجّلت سنوات ما بعد الاحتلال وجود 3.4 ملايين مهجّر خارج العراق موزعين على 64 دولة عربية وأجنبية إضافة إلى 4.1 ملايين مهجر داخل العراق من بينهم 1.7 مليون يعيشون في معسكرات ومخيمات في محافظات عراقية مختلفة. كما سُجل وجود 5.6 ملايين يتيم تتراوح أعمارهم ما بين شهر واحد إلى 17 عاماً وتحتل بغداد والأنبار وديالى الصدارة في تواجدهم إضافة إلى مليوني أرملة في العراق تتراوح أعمارهن ما بين 14 عاماً ولغاية 52 عاماً من بينهن الأرامل اللواتي تم تسجيلهن قبل احتلال العراق (حرب الخليج الأولى والحرب العراقية الإيرانية). إضافة إلى ذلك يوجد في المجتمع العراقي 6 ملايين مواطن أُمي لا يجيدون الكتابة أو القراءة وتأتي البصرةوبغداد والنجف وواسط والأنبار في صدارة تواجدهم كما تُسجل البطالة في البلاد نسبة 31 في المائة وتأتي الأنبار والمثنى وديالى وبابل في صدارة المناطق الأكثر نسبة للبطالة تليها بغداد وكربلاء ونينوى. وتُظهر الأرقام أن معدل العراقيين المسجلين تحت خط الفقر بأقل من 5 دولارات في اليوم الواحد يصل إلى 35 في المائة وتتصدر محافظتا المثنى وصلاح الدين هذه النسبة تليهما بغدادوالبصرة. إضافة إلى نسبة 6 في المائة لمعدل تعاطي الحشيش والمواد المخدرة في العراق تتصدرها بغداد ثم البصرة والنجف تليها ديالى وبابل وواسط إضافة إلى 9 في المائة نسبة عمالة الأطفال دون سن الخامسة عشرة. أما بالنسبة إلى القطاع الصحي فقد انخفضت نسبة الكفالة الصحية للمواطن العراقي وبات لكل ألف مواطن عراقي سرير واحد وتم رفع مجانية العلاج في المؤسسات الحكومية وانتشر 39 مرضاً ووباء أبرزها الكوليرا وشلل الأطفال والكبد الفيروسي فضلاً عن اتساع نطاق الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية. كذلك كان القطاع الصناعي ضحية لسنوات ما بعد الاحتلال إذ توقف 13 ألفاً و328 معمل ومصنع ومؤسسة إنتاج عراقية في عموم مدن البلاد. وتعتمد البلاد حسب مصادر وزارة التخطيط العراقي على 75 في المائة من المواد الغذائية المستوردة وعلى 91 في المائة من مواد البناء والصناعات المختلفة على الاستيراد. كما أن القطاع الزراعي في البلاد الذي وصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي عام 2002 تراجع إلى حد كبير وبلغت مساحة الأراضي الزراعية الحالية 12 مليون دونم بعدما كانت 48 مليون دونم في عموم مدن العراق. أما بالنسبة لقطاع الإسكان فلا تتوفر أرقام قريبة من الواقع غير أن تصريحات سابقة لأعضاء في البرلمان العراقي تحدثت عن حاجة البلاد إلى 2.6 مليون وحدة سكنية لمعالجة أزمة السكن. ولا يخرج قطاع التعليم الأساسي عن الأزمات التي يواجهها العراق إذ تتوفر في البلاد حالياً 14 ألفاً و658 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وإعدادية من بينها نحو 9 آلاف مدرسة متضررة ونحو 800 مدرسة طينية. بينما تؤكد الوزارة حاجة العراق إلى 11 ألف مدرسة إضافية جديدة على الأقل لاستيعاب الطلاب ومعالجة تكدسهم في الصفوف بواقع 40 طالباً بالصف الدراسي الواحد. وبالنسبة للقطاع المالي فقد بلغ مجمل الديون العراقية 124 مليار دولار لصالح 29 دولة يضاف إليها صندوق النقد الدولي و6 شركات نفط غربية وديون نادي باريس أبرزها الولاياتالمتحدة واليابان وبريطانيا والكويت. وفيما بلغت نسبة مبيعات النفط العراقي منذ ديسمبر 2003 ولغاية مطلع العام الحالي نحو ألف مليار دولار فإنها لم تسهم بحل أي من المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي. وتُقدّر نسبة الهدر من المبلغ الإجمالي بنحو 450 مليار دولار.