تتواصل ردود الأفعال بخصوص عرض الوزير الأول عبد المالك سلال على حركة مجتمع السلم "حمس" المشاركة في الحكومة المقبلة والذي فتح قنوات للتحليل والمناقشة وقراءة التوقعات والخلفيات، وهو العرض الذي سيفصل فيه مجلس الشورى نهاية هذا الأسبوع، وجعل المتتبعين للشأن السياسي وأحزاب المعارضة والموالاة يعيشون حالة من السوسبانس والترقب، في حين كشف رئيس الحركة عبد الرزاق مقري خلفيات هذا العرض وذهب سلطاني إلى القول بان حمس في السلطة يقض مضاجع أحزاب المولاة ويخيب أمال المعارضة ومشاركتها سترسم خارطة سياسية بأصباغ 2004، وبين هذا وذاك تبدو "حمس" في مفترق طرق حاسم.. قال أبو جرة سلطاني الرئيس السابق للحركة :"لايريدون حمس في السّلطة ولا في المعارضة فوجودها في السلطة يقض مضاجع اليساريين ويصيب المعارضة بخيبة أمل، ووجودها في المعارضة يفقد الحكومة توازنها ويحرج السلطة أمام الرأي العام ، وتوسطها بين السلطة والمعارضة يضع مناضليها بين مطرقة الشعب وسندان النظام!!"، مؤكدا بأنه توصل الى هذا بعد معاينته للوضع العام ونشاط الحركة ومسارها على مدار ربع قرن، وشدد على أن "حمس" أمام اختبار مفصلي، بسبب الاهتمام الذي توليه الدولة لهذه الحركة، وبسبب حجم ترقّب المتابعين لقرار مجلس الشورى المنتظر صدوره نهاية هذا الأسبوع . ودعا سلطاني إلى المحافظة على وحدة صف الحركة واستقلالية ذمتها وانسجامها وسلامة قرارها وتقدير جهود رجالها وقيادتها ومكتسباتها في الوقت الراهن بصرف النظر عن القرار الذي سيخرج به مجلس الشورى ونسبة المصوتين بنعم أو بلا أو الذين يمارسون حقهم بالامتناع، موضحا انه عكف منذ الأسبوع الماضي على رصد أراء الخبراء والمختصين في الشأن السياسي وتحليلات الإعلاميين، واقتنع بوجود 03 إرادات سياسية ،الأولى في أعلى مستوى وهي حريصة على أن تشرك الحركة في إدارة مرحلة مفصلية؛ تبدأ تقنيا بتشكيل حكومة واسعة القاعدة لتتوسع سياسيا بتحالفات تستوعب استحقاق 2019 وما بعده ، وتتكفّل أطرافها المتحالفة بإدارة المرحلة الموالية لما بعد الرئاسيات، والثانية إرادة المعارضة التي تريد ان تكون حمس بعيد عن السلطة ومعادية لها، لتتوكأ عليها في عبور عقبة استحقاق 2019، لأنها جربتها سنة 2004، وسنة 2009، وخبرت قدرتها على ترجيح الكفة لصالح من تسنده وقدرتها على صناعة الرأي وجلب الأنصار وصياغة البرامج وتطوير الأداء والتواصل مع الوسائط الإعلامية، أما الإرادة الثالثة فتتمثل فيم من لا إرادة لهم الذين يتمنون عودة الحركة إلى "المنطقة الوسطى" الفاصلة بين السلطة والمعارضة، فهم يعترفون أن وجودها في السلطة يقتل المعارضة ووجودها في المعارضة يحرج السلطة أمام الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي . وأكد وزير الدولة الأسبق على أن مشاركة حمس من عدمه في الحكومة المقبلة لن يمنع من تنصيب البرلمان وانتخاب رئيسه وتوزيع هياكله على المهيمنين على الغرفتين؟، وان الحكومة ستتشكل سواء بحضور الإسلاميين أو غيابهم ، وسيرتقب الشعب هلال رمضان من موقع السلطة أو المعارضة سواء كان وزير الشؤون الدينية حمساويّا أو أرنداويا أو أفلانيا أو تغييريا أو تاجيا أو اتحاديّا .. أو تم إسناد هذه الحقيبة الحساسة إلى حزب الحركة الشعبية !! من جهته عبد الرزاق مقري رئيس الحركة أكد أن هذا العرض دليل على أهمية هذه الحركة وقوتها وحضورها وفاعليتها في الجزائر، وأنها استطاعت أن تخرج خلال كفاح الأربع سنوات الأخيرة من محاولة إفنائها أو إضعافها أو جعلها مجرد "ديكور"في الخارطة السياسية أو "ملحق" وظيفي للنظام السياسي، رافضا أن يكون عرض الحكومة من أعاد للحركة بريقها بل سبقه الفاعلية الكبيرة في الحملة الانتخابية وقدرتها على الحشد في الولايات كمنافس قوي وحيد لحزبي السلطة المدعومين إداريا وماليا وإعلاميا، وعمل نوعي تمثل في برنامج عالي المستوى شهد به الخبراء الجزائريون الحياديون، وتفوق لا جدال فيه في الوسائط الاجتماعية، ثم نتيجة انتخابية غير متوقعة عند من أقبروا الحركة في خيالهم وأمانيهم كقوة سياسية أولى من الناحية الفعلية، وقوة سياسية ثالثة رغم التزوير، وقوة سياسية معارضة أولى في كل الأحوال، والتطور الكبير الذي أحدثته الحركة في خطابها إذ خرجت به من الخطاب التقليدي إلى خطاب وطني علمي اقتصادي يهتم بهموم الناس واحتياجاتهم في مختلف المجالات. وتوجه مقري بالشكر لمن عرض على الحركة المشاركة في الحكومة احتراما وتقديرا لها، وحتى من أراد ذلك لأسباب تكتيكية لتزيين الواجهة وأشار إلى انه يقصد من يريد تواجد الحركة بإلحاح في الحكومة، ولو بأساليب ليست سياسية ولا شريفة، ولا صلة لأهدافهم بمصلحة الجزائر، و إنما المقصود هو السيطرة على المستقبل لأغراض سلطوية نفعية مصلحية وكذلك أيديولوجية، مرجعا أسباب هذا العرض إلى قناعة السلطة بأن الجزائر ستدخل أزمة اقتصادية كبيرة تؤدي إلى توترات اجتماعية شديدة وخيبات أمل موسعة وان أول من سيدفع الثمن سياسيا عند اشتداد الأزمة هي الأحزاب التقليدية التي تمثل واجهة الحكم ولا يريدون من "حمس "أن تكون البديل.