تستعد الأمة الإسلامية لاستقبال عيد الفطر المبارك.. بمزيد من الانقسامات والحروب والفتن والأحزان.. فلسطين ضائعة.. سوريا تنزف.. قطر محاصرة.. ليبيا في مفترق الطرق.. اليمن تعاني الجوع.. وبلدان أخرى تعاني مآس أخرى.. يأتي العيد، فنلاقيه بسؤال "أبوالطيب المتنبي": (عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ.. بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ)، في بلاد مثل بلادنا قد يغدو الفرح عملة نادرة.. حتى في الأعياد؛ فهناك من يُصرّ على أن يسرق من الأمة لحظات فرحها، فمن العراق الى سوريا ووصولا الى ليبيا فان الامة تعيش احلك ايامها من خلال تواصل القتل بين الإخوة وتكالب الأعداء، والامر انتقل حتى أقاصي الارض في بورما وفي انتهاكات متواصلة على الملسمين في كل مكان، في وقت تتفرق الدول الإسلامية وكانت الأزمة الخليجية القطرة التي أفاضت الكأس وجعلت لهذا العيد معنى اخر بطعم الفرقة والحزن. ورغم مظاهر الاحزان والاسباب التي جعلت هذا العيد مبتورة الا ان العيد يوم فرح إلزامي ألزم الله به عباده، وامرهم ان يفرحوا ويظهروا هذا الفرح ولو كان في قلوبهم بعض من حزن وجرح والم، وهي ثنائية قد يكون فيها بعض الحرج، وهي ثنائية يقع المسلمون في التعامل معها بشيى من الحرج أو التخبك أو عدم الفهم، فهناك من تغلب عليه مظاهر الفرح ويتناسى في خضم ذلك الام المسلمين، ومنهم من يهجر الفرح بحجة ان بهجة العيد لم يعد لها مكان في هذا العام.. وبين الافراط والتفريط فان على المسلمين ان يتبعوا منهج الرسول في هذه المناسبة الغالية، فكم ابتهج الرسول والسلف بالعيد وفي قلبهم غضة للاحداث التي كانت تجرى في تلك الحقب، ففي سنة النبي والسلف الصالح منهج قويم للاعتدال. فيجب ان نفرح ونظهر هذا الفرح ولو كان في القلوب بعض من حزن والم وجراح لما يحدث لهذه الامة، وهي ثنائية صعبة في هذا الزمن، فكيف نفرح بالعيد والدماء العربية تسيل من المحيط الى الخليج؟ والفرقة تطبع العلاقات وحتى يفهم الإنسان كيفية التعامل مع هذه المعادلة الصعبة، لا بد ان نشبه هذه الثنائية بمثل مادي، فهب ان هناك جاران عزيزان متحابان متزاوران، اما الاول فقد رزفقه الله مولودا ذكرا بعد سنين طويلة من انقطكاع الامل بالانجاب، واما الثاني في نفس اليوم الذي رزق الله فيه جاره ذلك المولود، فقد ابنه الوحيد وحزن قلبه بوفاته.. ماذا يفعل الاول وفرحته لا تسعه امام حزنه على جاره، وماذا يفعل الثاني بحزنه امام فرحة جاره بمولود وهو حزين؟ موقف صعب من رجلين متحابين متزاورين.. ان الاول يجب عليه ان يفرح بمقدار محمود يحقق لنفسه نشوة الفرح ولا يزيد بفرحته هذه جراح داره وكمده والامه فياتي بالسنن والواجبات والمستحبات في مناسبته السعيدة، دون ان يزيد عليها ما يزيد من الام جاره فيعق عن ولده ويسميه ويحلق راسه ويختنه ولا يزيد عن هذه الامور فيحزن جاره ويزيد من جراحه، واما الثاني فياتي بأمور العزاء على هيئتها وسسنها ولا يزيد في حزنه فيقتل فرحة جاره. بمثل هذه الثنائية يستطيع المسلم ان يوفق بين فرحة وبهجة عيد الفطر وبين آلام الامة وجرح الدول الإسلامية الشقيقة. ففي قلب كل مسلم ثنائية من الحزن ومما يحصل في الساحة الإسلامية خاصة في الاونة الاخيرة، من ازداراء واعتداء في الغرب وتقتيل وتهجير بالداخل بين الاخوة كما حو الحال في ليبيا والعراقوسوريا واليمن والقائمة تطول للاسف.. وعليه فان المسلم ملزم بان يفرح ويتذكر في فرحه اخوته في الامة الإسلامية، فيخرج الى صلاة العيد هاشا باشا، وسلم على اخوته ثم يذهب الى ارحامه ويصلهم، وهو في كل هذه المجالس يتطر احزان اخوته المسلمين والامهم، فيتكلم في كل مجلس يجلسه، وفي كل مكان يطؤه باحوالهم وآلامهم وآمالهم ويدعو لهم فدعوة بظهر العيب من الدعوات المستجابة.