في محاولة جديدة لنجدة أنظمة الاستبداد والقمع وكبت الأنفاس واحتكار الحكم في الوطن العربي، أفتت "هيئة كبار العلماء" بالمملكة العربية السعودية ب "حرمة المظاهرات؟"، وقدمت بديلاً لها من خلال تذكيرها بأن الأسلوب الشرعي الذي يحقق المصلحة ولا يكون معه مفسدة هو "المناصحة" التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم وسار عليها صحابته الكرام وأتباعهم. دون ان يوضح فقهاء البلاط كيف يكون أسلوب "المناصحة" مع النظام السعودي وباقي الأنظمة العربية، ولماذا لم يمارسوا بأنفسهم هذا الأسلوب حينما اتخذ النظام السعودي مواقف مؤيدة لاحتلال العراق ومعادية للمقاومة في لبنان وغزة؟ وزعمت الهيئة -في بيان لها صدر الأحد- إلى أن الإصلاح والنصيحة لا يكون ب"المظاهرات والوسائل والأساليب التي تثير الفتن وتفرق الجماعة؟"، مشيرة إلى أن "هذا ما قرره علماء هذه البلاد قديما وحديثا من تحريمها والتحذير منها"، وكأن هيئة فقهاء البلاط تدعو بذلك السعوديين إلى الخنوع وقبول كبت أنفاسهم وضياع حقوقهم الديمقراطية وحرياتهم الأساسية وعدم السعي إلى تغيير هذا الواقع. وتحت غطاء "المحافظة على الجماعة"، طالبت الهيئة السعوديين ضمنياً بالتخلي عن حقهم في التظاهر السلمي للمطالبة بالإصلاح ونبذ الاستبداد، وقال البيان "إن ما يجرى في هذه الأيام من أحداث واضطرابات وفتن في أنحاء متفرقة من العالم يقتضى المحافظة على الجماعة التي هي من أعظم أصول الإسلام، وهو مما وصى به النبي به في مواطن عامة وخاصة"، مشيرا إلى أن "ما عظمت الوصية باجتماع الكلمة ووحدة الصف إلا لما يترتب على ذلك من مصالح كبرى وما يترتب على نقيض ذلك من مفاسد؟". ودعا البيان الجميع إلى "بذل كل الأسباب التي تزيد من اللحمة وتوثق الألفة"، محذرا في الوقت نفسه من كل الأسباب التي تؤدى إلى ضد ذلك، مشددا على وجوب "التناصح والتفاهم والتعاون على البر والتقوى والتناهي عن الإثم والعدوان والجور والبغي وغمط الحق" أي أن هيئة فقهاء السلطان تعتبر المظاهرات السلمية "إثماً وعدواناً وبغياً وجوراً" وليس الاستبداد والقمع والحكم المطلق واضطهاد المطالبين بحقوقهم السياسية. كما حذر مما اسماه "الارتباطات الفكرية والحزبية المنحرفة؟"، مشددا على أن الأمة في هذه البلاد "جماعة واحدة متمسكة بما عليه السلف الصالح وتابعوهم وما عليه أئمة الإسلام قديما وحديثا من لزوم الجماعة والمناصحة الصادقة". وأكد البيان على أن المملكة العربية السعودية التي حافظت على الهوية الإسلامية لم ولن تسمح ب"أفكار وافدة من الغرب أو الشرق تنتقص من هذه الهوية أو تفرق هذه الجماعة"، وهو ما يعتبر ضوءاً أخضر يقدمه علماء البلاط للمستبدين لممارسة أقسى أنواع القمع ضد كل من يقوم بحقه في التظاهر السلمي للمطالبة بالإصلاح وإنهاء الاستبداد والديكتاتورية.