"سيادة أيّ دولة موضوع مسلّم به والجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر على حدودها مع غزّة ليس مطروحا على أيّ مؤسسة رسمية، سواء الجامعة العربية أو غيرها"·· هذا ما قاله المسمّى عمرو موسى، الأمين العام لما يسمّى بجامعة الدول العربية أيّام طغيان الرئيس المصري الهارب إلى شرم الشيخ حسني مبارك· أمّا ما قاله عمرو موسى بشأن جدار العار المصري بعد هروب مبارك، ونجاح ثورة الشباب المصري، فهو كالآتي: "الجدار الفولاذي لابد أن يُهدم ويمحى تماما، إنه مثل جدار الفصل العنصري الذي يفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية"· سبحان اللّه، من الصّعب جدّا أن يصدّق أيّ عاقل أن هذين التصريحين مصدرهما شفاه وجوف رجل واحد لكنها الحقيقة، حيث طلع علينا عمرو موسى آخر بعد ثورة 25 جانفي غير عمرو موسى الذي نعرفه·· عمرو موسى الذي تعوّدنا على رؤيته مدافعا عن قرارات نظام مبارك وألفنا مشاهدته يقاسم الحكّام العرب ابتساماتهم وضحكاتهم وأسرارهم واستراتيجياتهم أيضا· أليس عجيبا أن ينتقد عمرو موسى الآن سياسيات مبارك، وهو الذي كان يجد لها التبريرات ويصنّفها في خانة "حرّية الدولة المصرية وحقّها السيادي؟ طبعا الأمر ليس عجيبا بالمرّة لأننا أمام رجل يتلوّن بلون كلّ مرحلة، فقد قضى عشر سنوات على رأس جامعة الذلّ والهوان، لم نسمع له خلالها تصريحا واحدا ينتقد فيه سياسة مصر اتجاه القضية الفلسطينية، لكن حينما انهار بنيان نظام مبارك وسقطت أوراق التوت عن عوراته انضمّ موسى إلى السرب الكبير ليقول إنه يرفض ويشجّب ويستنكر السياسات المصرية السابقة المتواطئة مع بني صهيون· العجيب فعلا أن عمرو موسى قال في تصريح صحفي سابق له إنه سينتخب حسني مبارك في حال ترشّحه الرئاسيات التي كانت مقرّرة مطلع الخريف القادم، وها هو اليوم يقول إنه يريد محو أثار مبارك في حال انتخابه لرئيسا لمصر·· فهل رأيتم تلوّنا حربائيا أكثر من هذا؟!