بقلم : خيري منصور كانت نقطة الخلاف الجذرية بين ما يقوله رواد الصهيونية عن التاريخ اليهودي وبين ما يقوله ماركس رغم يهوديته هو ان اليهود عاشوا بفضل التاريخ وليس رغمًا عنه لهذا كان اليهود القابلون بالاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها ومنها روسيا يصنفون انفسهم بأنهم روسيون يهود وليس يهودا روسيين ويضعون القومية قبل الدين وهذا ما سعت الصهيونية بعد الثورة الفرنسية عام 1789 الى نفيه والعمل على النقيض منه لأنها جعلت من مقاومة اندماج اليهود اولوية ايديولوجية في مجمل نشاطها . ومن مفارقات التاريخ ان اليهود الذين عانوا من الاضطهاد اصبحوا تلاميذ نجباء لجلاديهم فأنتجوا يهودهم ايضا وكذلك انتجوا الهولوكوست الفلسطيني الذي استمر على مدار قرن من الزمن ! والفارق بين الضحية البليغة والنبيلة وبين الضحية التي تتلمذ على جلاديها وتحاكيهم هو ان الضحية النبيلة تتمرد على تعاليم جلاديها ولا تصاب بالفيروس العنصري الخبيث وحين نقرأ ما كتبه جدعون ليفي أخيرًا عن استباحة وانتهاك الطفولة في فلسطين وتحديدًا عن اعتقال عهد التميمي نجد ان هناك من اليهود من تمردوا على تعاليم جلاديهم واعترفوا بحق الضحية في المقاومة واعلان العصيان على الشروط الباهظة التي تحاصرهم قال ليفي ان ما فعلته عهد التميمي هو انها اصابت دولة بالجنون وقد تكون كلمة السُّعار هي الادق فما يعيشه الاحتلال الان هو نوبة سعار وليس فقدان رشد لأنه لم يكن ذات يوم رشيدًا وهذه الصفة ليست من معجم الاحتلال وثقافة السطو ! وبالطبع يعاقب امثال ليفي وشاحاك وشلومو رايخ وساند بالنبذ ويتهمون بالعقوق الديني والوطني لتعاليم الصهيونية وهناك في علم النفس مرض اسمه الانكار يصاب به بعض الافراد ممن لا يريدون رؤية اي شيء لا يروق لهم ولا يسمعون الا صدى اصواتهم لكن نادرا ما يصاب كيان بمثل هذا المرض فالاحد عشر مليون فلسطيني في الوطن والمنافي حقيقة تاريخية وفيزيائية وفسيولوجية وهم الذين عاشوا رغما عن الصهيونية وبفضل تاريخهم وجغرافيتهم المقدسة !!