* أنا شاب عانيت من الوسواس مدة 13 عاماً، وأعالج ولله الحمد، فمشكلتي صعبة نوعا ما، أرجو أن ألقى المساعدة منكم.. أنا مدرس لمادة اللغة العربية للمرحلة الأساسية، وأعاني من مشكلة عدم ضبط الصف وخبرتي في التدريس أربع سنوات، حيث إني أقلُّ معلم يضبط صفه في المدرسة مع أني ضخم الجسم، مائل للطويل، صوتي جهوري، ولكن لا أشعر أن الطلاب يهابونني كباقي المدرسين، مع أن إمكانياتي تفوق ما لديهم من إمكانيات تدريسية من مثل: الصوت الجهوري والحس الأدبي والديني، ولعلني أتوقع أن شخصيتي الحنونة وتعاملي الطيب -كما يخبرني زملائي وحتى بعض الطلبة- هو سبب ذلك، وهذا الأمر جعلني أتوتر وأشعر بالحرج الشديد. وأخيرًا أود أن أقول لكم إني شعرت قبل أن أصاب بالوسواس بخوف شديد، وبعزلة عن نفسي، أو كأني أعيش في حلم، وأني لا أتفاعل مع الجو المحيط لروحي، وإنما أشعر أني بجسدي فقط، فهل من الممكن أن أغير في شخصيتي، أم أنه يستحيل أن تتغير شخصيتي بعد هذا العمر؟ * في البداية أود أن أذكر الأخ السائل بأنه ليس المهم ما يصاب به الإنسان من مرض أو مشكلات، وليست الأزمة الحقيقية في المشكلة الحالية، ولكن المشكلة الأهم والأخطر هي الاستكانة للمشكلة والتعايش معها لوقت طويل. وبالتالي فعلى الأخ السائل أن يحدد معالم شخصيته جيدا، ويعرف مميزاته وعيوبه، ويعرف كيف يتخلص من هذه العيوب؟.. فما معنى معرفتك أنك تعاني من مشكلة الوسواس القهري إلا أنك تعايشت معها لوقت طويل، وبالرغم من شعورك بعدم القدرة على ضبط الفصل الدراسي إلى أنك ما زلت تقوم بالتدريس مدة أربع سنوات. وهنا نحتاج إلى وقفة مع النفس ونحدد لما هذه الإخفاقات في التعامل مع النفس وكذلك الفشل في التعامل مع الآخرين. فبالنسبة للإخفاق في التعامل مع النفس فيكون بسبب عدة عوامل منها: - الحرص الشديد في التعامل مع المواقف. - مواقف تربوية قاسية. - الخوف المبالغ فيه. - تضخيم الأمور أكثر مما تستحق. - الشعور بالذنب وتأنيب الضمير المبالغ فيه. - ضعف الثقة بالنفس. - الفهم الخاطئ لكثير من القضايا والآراء. وبالتالي تحدث حالة من الوسواس القهري، ويتحول الإنسان من السواء إلى المرض، لأن الفرق بين السواء والاضطراب يكون متجددًا في مدى سيطرته على الفكرة. فالشخص الذي يسيطر على الأفكار يكون شخصًا سويًّا، أما الشخص الذي تسيطر عليه الفكرة فهو شخص مضطرب لديه حالة من الوسواس. وهنا لكي تكمن القدرة على علاج هذا الجانب ينبغي أن نسيطر على هذه الأفكار ونجعل الفكرة تحت تحكمنا. ولذا عليك أن تدرب نفسك على ما يلي: - إذا راودتك فكرة خوف أو وسواس قهري، ينبغي أن تأمر نفسك وتقول لنفسك: قف أو توقف عن هذه الفكرة. - ينبغي أن تتوقف من تسلسل الأفكار ولا تضخم الفكرة في ذهنك. - ينبغي ألا تلجأ كثيراً إلى أحلام اليقظة أو التفكير الذاتي. - ينبغي ألا تجبر نفسك على عمل شيء بصورة تكرارية أو بخوف مبالغ فيه. - قم بتقييم نفسك يوميا على مدى قدرتك على رفض هذه الأفكار الوسواسية. أما بالنسبة للجانب الآخر وهو القدرة على ضبط الفصل الدراسي، فهذه القدرة تحتاج إلى بعض المهارات منها: - القدرة على إدارة ذاتك أولا، فأنت لا تستطيع إدارة الآخرين، وفي الوقت نفسه لا تستطيع إدارة نفسك والتحكم فيها. - تعلم مهارات التعامل مع الآخرين، ومعرفة خصائص المرحلة التعليمية التي تتعامل بها معهم حتى تكون أكثر تأثيرا فيهم. - ينبغي استخدام طرق متنوعة ومبتكرة حتى لا يعرف التلاميذ حدود شخصيتك. - ينبغي أن يكون لك شخصية مميزة تتصف بالثقافة والقوة في التفكير والرأي، فهذا يقنع التلاميذ على احترامك والاستماع لك. - ينبغي أن تتسم بالحزم مع الود حتى تكون ذا تأثير عال في التلاميذ. - ينبغي ألا يكون لك ردود أفعال محفوظة حتى لا يتعامل معك التلاميذ بناء على شخصيتك وسلوكياتك. - ينبغي أن تكون مميزًا في تخصصك وأسلوب تفسيرك للدرس حتى تؤثر في التلاميذ بأسلوب أفضل. وبالتالي تحتاج أن تبدأ هذه الخطوات فسوف يحدث معك تغيير في حياتك بإذن الله تعالى، وفي نفس الوقت لا تنسى اللجوء إلى الله تعالى والدعاء والتقرب إليه بالطاعات، ونتمنى أن نكون على تواصل فيما بعد لنتابع حالتك، وتصل إلى الاستقرار والسعادة.