عندما تتحول الرقية الى طريق للموت أساليب غريبة ونجاسة في خدمة الرقاة تحولت الرقية إلى حرفة ممتهنة كثيرا في الجزائر لكن غابت وللأسف ضوابطها الشرعية وصارت سبيلا للربح والكسب اللامشروع بل أدت في الكثير من المرات الى جرائم تنوعت بين جرائم الشرف وجرائم القتل الشنيعة التي راحت ضحيتها فتيات في مقتبل العمر بحثن عن الشفاء بكلام الله تعالى فلقين حتفهن على أيدي رقاة مزيّفين طمحوا الى الربح على حساب الآخرين. خ .نسيمة /ق.م الأدوات المستعملة في الرقية غالبا ما تؤدي الى الإضرار بالمرضى على غرار الآلات الحادة والسكاكين وحتى استعمال الأمصال والماء المرقي واستخدامها في غير الأطر المحددة للراقي مما أدى الى جرائم شنيعة اهتزت لها اروقة المحاكم ليبقى المجال مفتوحا دون حسيب ولا رقيب بسبب الانتشار الكبير لمحلات الرقية عبر العديد من النواحي والتي تشهد اقبالا كبيرا حتى تحولت الرقية الى صفقة للثراء لدى البعض. عادة ما تستقبل العيادات ومصالح الاستعجالات حالات لأشخاص راحوا الى استعمال أو شرب أشياء غريبة منحهم إياها الرقاة دون ان نغفل على إلزام الراقي المريض على شرب لترات عديدة من الماء قد تصل الى خمس لترات مرة واحدة الأمر الذي يؤدي الى عدم تحمل المريض تلك الكمية الهائلة ما يجعله طريحا بمصالح الاستعجالات دون ان ننسى استعمال الأمصال في غير محلها والتجرء على حقن المريض من طرف أشخاص غير مؤهلين مما يؤدي الى المخاطرة بحياة المرضى. فتاة تموت بعد رقيتها بدم الحيض قضية الحال تتعلق بجريمة قتل عمدي راح ضحيتها فتاة عمرها 35 سنة تدعى (ك - ط) تنحدر من بلدية أولاد سي أحمد جنوب ولاية سطيف والمتهمة في الجريمة لم تكن سوى أختها (ك ح) 32 سنة أستاذة للأدب العربي بثانوية بن نويوة عبد القادر بعين والمان وساعدها في الجريمة كل من والدة الضحية العجوز المسماة (ك-ح) البالغ سنها 63 سنة وأخت الضحية الصغرى (ك- ن ) الجامعية هي الأخرى البالغة 24 سنة من العمر. القضية سبق لمحكمة الجنايات بسطيف النظر في حيثياتها وتفاصيلها في دورة الجنايات لشهر جويلية 2017 و ألتمس حينها ممثل الحق العام الإعدام للمتهمات الثلاث لكن هيئة المحكمة قررت عرض المتهمة الرئيسية على خبير ثالث للأمراض العقلية بمستشفى العثمانية لتنافي الخبرتين الأوليتين فيما تم الإفراج المؤقت في ذلك الوقت عن والدة الضحية وأختها الصغرى. رقيت أختي على طريقة سيدنا إسماعيل الذبيح لتعاد المحاكمة من جديد واستمعت هيئة المحكمة وجميع من كان في قاعة الجلسات بذهول وحيرة واندهاش للمتهمة الرئيسية أستاذة الأدب العربي (ك .ح) وهي تروي تفاصيل الحادثة الشنيعة التي شهدها دوار العمري ببلدية أولاد سي احمد في اليوم الأول من مطلع السنة الجديدة 2017 كانت المتهمة جد متوترة وهي تتذكر أحداث ذلك اليوم الشتوي المشؤوم قالت أنها لم تكن تريد قتل أختها وإنما أرادت رقيتها لأنها كانت مصابة بمرض الصرع الذي كان سببه السحر وأجابت على أسئلة القاضية حيث قالت أنها لم تمارس الرقية من قبل وأنها تعلمتها عن طريق قراءة الكتب لتذكرها القاضية بما صرحت به عند الضبطية القضائية سواء لدى الدرك الوطني او قاضي التحقيق وهي التصريحات التي كانت متسلسلة بدقة و واضحة وجاء في التصريحات التي ثبتتها القاضية بأن المتهمة صرحت أن قوة خفية هي من قامت بهذا الفعل و أنها نفذت وصية النبي الخليل إبراهيم عليه السلام الذي جاءها في المنام وطلب منها رقية أختها على طريقة سيدنا إسماعيل الذبيح لطرد الجن وهو ما استجابت له تحت تأثير قوة رهيبة وحالة هستيرية بمساعدة أمها وأختها الصغرى. نزع جلد من الأصبع لطرد الجن لتجهش المتهمة بالبكاء تم تهدأ قليلا وتواصل سرد القضية بأنها فعلا قامت بإدخال أختها (ك-ط) إلى حجرة في البيت أين تم نزع ثيابها بمساعدة والدتها وأختها وتواصل قمنا برقيتها وتؤكد أنه تم نزع تبان الضحية الذي كان ملطخ بدم الحيض ووضعه على رقبة الضحية حتى خروج دم و رغوة من فمها بعدها نزع من الضحية قطعة من جلد أصبعها لتخبر أمها وأختها أن الرغوة والدم هم إرجاع الشيء المسحور وأن الجن قد خرج من أختها وهي الآن في حالة غيبوبة وستسترجع روحها تدريجيا وهو ما صدقته الأم وأختها لمدة ثلاث أيام متتالية وهم يحتفظون بالجثة داخل الحجرة وتابعت المتهمة الرئيسة أنها كانت متيقنة أن أختها في حالة غيبوبة وأنها لم تصدق أبدا أنها ماتت حتى وهي تستجوب عند الضبطية القضائية بمقر الدرك الوطني بأولاد سي احمد وعندما سألتها القاضية من جديد كيف يخرج الدم والرغوة وتبقى الأخت بدون حراك و بدون تنفس وبدون طرح فضلات لمدة ثلاث أيام متتالية ورغم ذلك لم تصدق أنها ميتة أجهشت المتهمة مرة أخرى بالبكاء وأجابت أنها لم تكن تتحكم في أفعالها وأنها كانت في حالة غير طبيعية لا يعلمها إلا الله. وكيل الجمهورية ممثل الحق العام من جهته ركز على أسئلة محددة حيث سألها عن ردة الفعل التي قامت بها الضحية بسبب عملية الخنق حيث جاء في تقرير الطبيب الشرعي أن الوفاة كانت بسبب عملية خنق مزدوجة وأن الضحية خُنقت باليد ثم أداة أخرى ليوضح أن الأداة الأخرى هي التبان الداخلي وأنها كانت تستعمل يدها أيضا لتجيب المتهمة التي كانت جد متأثرة أن نية القتل لم تكن موجودة إطلاقا وأن البداية كانت دينية وهي الرقية الشرعية لإخراج السحر لأن أختها حسب أقوالها كانت مريضة بالصرع الذي كان أساسه المس. المتهمة تصرح أنها كانت متأكدة أن أختها في حالة غيبوبة وأن الروح سترجع لها تدريجيا. ليوضح ممثل الحق العام مرة أخرى بدقة قائلا للمتهمة أنت قمت بخنق أختك باليد والتبان والشد القوي بدليل رد فعل الضحية القوي وسألها (الخنق يؤدي إلى ماذا؟) فأجابت المتهمة يؤدي إلى الموت. ليجيب ممثل الحق يكفي هذا لكنها أضافت أنها لم تكن تعي ما تفعل وأنها كانت تمارس طقوس الرقية فقط وحتى عندما قام أخوها وأبوها بكسر باب الغرفة ومعرفتهم لما جرى وأن الفتاة قد فارقت الحياة وأن لحمها قد أصبح أزرقا لم تصدق وبقت مصرة أن الروح سترجع لها تدريجيا. الأم تتورط في جريمة القتل المتهمة الثانية بالمساعدة في جريمة القتل العمدي وهي والدة الضحية (ك-ح) وصفت لهيئة المحكمة كيف تم نزع ملابس ابنتها وكيف تم رقيتها وحاولت جاهدة إبعاد نية القتل العمدي عنها وعن ابنتيها وقالت أن عملية وضع التبان الملطخ بالدم دام حوالي ربع ساعة وأنه لم يمارسن عنف على الضحية ولكنها لم تستطع الإجابة عندما سألتها رئيسة المحكمة هل الرقية تتم على الشخص وهو عاري من الملابس وكيف تقبل أن توضع النجاسة (في إشارة للتبان الملطخ بدم الحيض) على وجه ابنتها وهل الرقية وقراءة القرآن تتم في وسط نجس وكيف لم تعرف أن ابنتها ماتت بعد خروج الرغوة والدم من الفم لتجيب المتهمة أنها لم تستطع فعل شيء وأنها كانت تستجيب لما كانت تطلبه منها ابنتها الأستاذة دون أي مقاومة أو محاولة لمنعها. تأثير قوة هستيرية قاهرة غير طبيعية المتهمة الثالثة بجريمة المساعدة في القتل العمدي هي الأخت الصغرى (ك-ن) وهي أيضا متخرجة من الجامعة بشهادة ليسانس وهو ما تم التركيز عليه من طرف رئيسة الجلسة وممثل الحق العام وبعد أسئلة لسرد وقائع الحادثة و التي لم تكن مختلفة كثيرا عن ما جاء في تصريح والدتها وعندما سُئلت حول كيف لامرأة متعلمة تحمل شهادة جامعية أن تشارك في هذه الجريمة الشنيعة وكيف لم تقم بمنع أختها الأستاذة من القيام بهذا العمل والأكثر من ذلك مساعدتها بمسك أختها أثناء عملية الرقية المزعومة التي أدت إلى الموت ولماذا لم تتساءل كيف لأختها التي تم رقيتها لا تتحرك ولا تتنفس ولا تتبول لمدة ثلاث أيام كاملة؟. لتجيب أنها لم تكن تدرك هي الأخرى حقيقة ما كان يجري وأنها كانت ترى ما كان يحدث هو رقية شرعية وأن أختها الكبرى لم تمت عندما خرج الدم من فمها بل كانت في حالة غيبوبة فقط وروحها سترجع لها تدريجيا كما أخبرتهم بذلك أختها الأستاذة لتضيف المتهمة أنها كانت هي الأخرى تحت قوة هسترية قاهرة غير طبيعية نسبتها الجن. الأب : لمست ابنتي فوجدت لحمها بارد من جهته أب الضحية قال أنه مكفوف منذ سنوات و صرح أمام هيئة المحكمة أن المرحومة ابنته لم تكن مريضة فهي أصيبت سابقا بالصرع وكانت تسقط أحيانا لكنها شفيت منذ أكثر من 6 سنوات وكانت تمارس عملها في المنزل بصورة طبيعية وأنها كانت منعزلة فقط وحول سبب عدم تدخله أثناء قيامهم بعملية الرقية المزعومة أكد أنه كفيف وحاول عدة مرات الدق على باب الغرفة عندما كان يسمع أصوات لكن لم يفتحن له الباب حتى قام رفقة ابنه (ك-ي) بكسره وعندما دخل الغرفة ولمس جسد ابنته وجده باردا فعرف أنها ماتت وبتأثر كبير قال أن ابنته الأستاذة هي من كانت تتكفل بمصاريف البيت وأنهم كانوا يعيشون في أمان ولا يعرف كيف أصيبوا بهذه الضربة كما سماها. شهادات متناقضة للإخوة الشهود أما إخوة الضحية (ك-ي) (ك-ب) (ك-ض) (ك-ع) و الأختين (ك-ر) (ك-ن) والذين تم استدعاؤهم كشهود فقدموا تصريحات مختلفة ومتناقضة في بعض الاحيان منها تصريح أحد الإخوة أنه كان يسمع قرآن وأرقام داخل الغرفة وتصريح أخ آخر بأنه لاحظ أن حالة البنات كانت غير طبيعية في الأيام الثلاث التي تمت فيها الحادثة و تصريح آخر لأحد الإخوة بأن أختهم المتهمة الرئيسة (ك-ح) لم تخرج من الغرفة طيلة الأيام التي تمت فيها الحادثة. شهادة الإخوة صبت في مجملها أنهم كانوا يشكون بوجود أمر غير طبيعي في المنزل والأخت (ك-ن) صرحت أنها كانت جد خائفة وعندما سألت القاضية الأخت (ك-ر) لماذا لم تسألي عن إخوتك عندما بقوا 03 أيام في الغرفة أجابت بأنهن قلن لها أنهن مصابات بالحمى أما أحد الإخوة فقد صرح أن أختهم المرحومة لم تكن مريضة وأختهم الأستاذة كانت قلقة كثيرا في الفترة الأخيرة. النيابة تُطالب بتسليط أقصى العقوبات ممثل الحق العام شكك في مداخلته في نتائج الخبرة الثالثة التي أجريت وقال انه يمكن أن يعرف الخبير وضعية المتهمة في الوقت الذي أجريت فيه الخبرة والتي جاء فيها أنها تتمتع حاليا بوضع سوي غير أنه لا يمكن أن يحكم على وضعيتها أثناء قيامها بالأفعال المنسوبة إليها كما ركز على شهادة الشهود المتناقضة في عدة نقاط و قال أن أركان الجريمة قائمة خاصة وأن المتهمة الرئيسة صرحت لدى الضبطية القضائية ولدى قاضي التحقيق أن الروح سترجع للأخت تدريجيا وهذا يعني أنها كانت تعرف أن الروح خرجت والتمس الحكم بالإعدام للمتهمة الرئيسة (ك-ح) وبالسجن المؤبد لشريكتيها في الجريمة الأم والأخت الصغرى. هيئة المحكمة وبعد المداولة نطقت بالحكم بالبراءة التامة للمتهمة الرئيسة الأستاذة (ك-ح) والحجز عليها في مصحة للأمراض العقلية إلى غاية شفائها وبعشر سنوات سجن نافذ للمتهمتين بالمساعدة في جريمة القتل العمدي و هما والدة الضحية (ك-ح) والأخت الصغرى (ك-ن). هي فعلا قصة أغرب من الخيال إلا أنها دقت ذات يوم باب من أبواب الأسر الجزائرية وهدمتها باسم الرقية الشرعية التي لحقتها الكثير من الشوائب وأدت الى قضايا غريبة مست الشرف بسبب التحرشات التي يطلقها بعض الرقاة على النسوة الوافدات الى محلات الرقية دون أن ننسى استعمال أساليب تخاطر بالصحة وهي لذوي الاختصاص على غرار الأمصال التي ادت الى تسجيل وفيات في كم من مرة ودون هذا وذاك استعمال الخنق والدماء والجرح وغيرها من الاساليب التي تبعد كل البعد عن الرقية الشرعية التي تحكمها ضوابط وتجرأت أيادي على تلطيخ الشفاء بكلام الله تعالى بتلك الشوائب وفي حال عدم ايقاف تلك الفضائح والمهازل ستتواصل تلك الجرائم الشنيعة في حق أبرياء دفعتهم أسقامهم الى بعض الانتهازيين اللاهثين الى الربح والتلاعب بآلام الناس.