تمّر قرابة ست سنوات على أبشع جريمة قتل هزت الرأي العام بولاية سطيف، عندما قرّر شاب وبكل برودة أعصاب قتل والديه وشقيقته في مجزرة يتذكرها سكان حي دالاس إلى يومنا، ولكنهم لم يجدوا لها تبريرا . في حدود الساعة السادسة مساء من يوم ال 14 ديسمبر من سنة 2009 دخل شاب إلى منزله الكائن بحي دالاس، ليفاجأ بجثة والدته وأخته وفي الطابق العلوي وجد والده مقتولا كما عثر على أخيه يسبحان في بركة من دماء قبل أن يتعرض هو الآخر لضربة قوية من الجاني الذي كان لا يزال متواجدا في البيت، ولكنه الضحية تمكن من الفرار. بعد لحظات تلقت مصالح الحماية المدنية إخطارا بوجود مريضتين بحي دالاس وتنقلوا إلى عين المكان، قبل أن يتضّح الأمر يتعلق بجريمة قتل ليتم إخطار مصالح الشرطة الذين تنقلوا إلى مسرح الجريمة، وتبين أن الأخوين "س.وليد" و"س.سعدون"25 و27 سنة على التوالي لا يزالان على قيد الحياة وتم نقلهما إلى المؤسسة الإستشفائية في حالة حرجة، فيما حولّت جثث ثلاثة ضحايا من عائلة واحدة إلى مصلحة حفظ الجثث نحو مستشفى سعادنة عبد النور بسطيف، ويتعلق الأمر بالأب "س. الزايدي" 61 سنة ، الوالدة "ص .ليلى "51 سنة، وجد رأسها في بالوعة، الأخت المعاقة "س .آمال "31 سنة وجدت عليها آثار جروح بليغة خاصة بيدها التي كادت تفصل عن جسدها. الحادثة التي كانت الأولى من نوعها بحي دالاس الراقي، تطلبت حضور وكيل الجمهورية شخصيا الذي تنقل إلى مسرح الجريمة وأمر بفتح تحقيق معمق ما جعل مصالح الشرطة تستنفر قوتها لتوقيف الجاني. اهتز سكان ولاية سطيف على هول الجريمة وأحيطت القضية بإشاعات حول الأسباب الحقيقية لتلك المجزرة التي أعادت لهم ذكريات العشرية السوداء، خاصة أن العائلة بعيدة عن المشاكل، ولكن سرعان ما اتضحت الأمور فالجاني ما فهو سوى الابن الأصغر "س.سامي " 18 سنة. في حدود الساعة 12 ليلا من نفس اليوم تمكنت مصالح الشرطة من توقيف المتهم بحي فرماتو بالمدخل الشمالي لمدينة سطيف، وبعد رجوعه من مدينة بجاية أحيل المتهم على التحقيق ولم يتوان على الاعتراف بتفاصيل المجزرة التي ارتكبها في حق عائلته، حيث روى للمحققين كيف قتل والدته وأخته بواسطة قضيب حديدي على مستوى مرآب المنزل، ليصعد بعدها إلى الطابق العلوي ويقوم بتوجيه ضربات قاتلة على مستوى الرأس لوالده المريض، وأغلق عليه الباب تاركا إياه غارقا في بركة من الدماء، كما حاول استدراج شقيقه "س.سعدون" الذي كان متواجدا على مستوى حي 600 مسكن، مطالبا إياه بالحضور الفوري إلى المنزل، وبمجرد تخطيه عتبة البيت، انهال عليه بالضرب المبرح بقضيب على مستوى الرأس، حيث لم يستفق من غيبوبته إلا بعد 15 يوما، كما انتظر أخاه وليد ووجه له القاتل ضربات. الجاني طلب سيارة الإسعاف قبل الهروب كما طلب سيارة الإسعاف على أساس أن والدته وشقيقته مريضتان، ولم يبرح الموقع إلا بعد حضور أعوان الحماية المدنية ورافقهم إلى مسرح الجريمة قبل أن يختفي دون أن يشعر به أحد أين اتجه إلى المركز الصحي بحي 1006 مسكن للعلاج بعد تعرضه إلى إصابة على مستوى اليد. وفي نفس الليلة استقل الجاني سيارة العائلة من نوع فورد متجها إلى ولاية بجاية، ولكنه عاد نفس الليلة ، قبل أن يتم توقيفه. استمر التحقيق القضائي قرابة ثلاث سنوات، واستمع خلالها قاضي التحقيق لأقوال الجاني مرتين وتم عرضه على الخبير العقلي الذي أكد سلامته العقلية ما يجعله مؤهلا لتحمّل تبعات فعله. أحالت غرفة الاتهام بمجلس قضاء سطيف القضية على محكمة الجنايات، وبعد تكييف الوقائع على أساس جناية قتل الأصول لقتله والديه، القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد في حق أخته والترصد ومحاولة القتل العمدي في حق شقيقيه. وكشف التحقيق الاجتماعي أن الجاني لاعب في فريق اتحاد سطيف، هادئ ويعاني من اضطرابات نفسية. قاعة المحكمة تمتلئ وسامي يحدث المفاجأة عرفت جلسة المحاكمة، حضورا كبيرا للمقربين من العائلة، الجيران والفضوليين لمعرفة الأسباب الحقيقية التي جعلت شابا في مقتل العمر يرتكب مجزرة كالتي ارتكبها سامي، وتفاجأ الجميع بالجاني وهو ينكر تورطه في الجريمة، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما طعن في شرف والدته أمام الجميع وقال إن والدته سيئة السمع وأن والده كان يسيء معاملته ومنعه من الهجرة إلى ليبيا، وبرّر اعترافاته أمام الشرطة بالضغط عليه.
وبعد الاستماع إلى الشهود أغلبهم من الجيران طالب ممثل النيابة العامة بتسليط عقوبة الإعدام في حق المتهم، وبعد المداولات القانونية سلطت محكمة الجنايات عقوبة الإعدام في حق سامي المتواجد رهن المؤسسة العقابية.