الصحة في الجزائر بين الواقع والمأمول: تحسين النشاط الشبه طبي رهان حتمي بقلم: الدكتورة سميرة بيطام 1-واقع الصحة في الجزائر: الحديث عن الصحة في الجزائر هو بالضرورة حديث عن القطاع الأكثر حساسية في البلاد لأن غالبية الشعب الجزائري يعاني من هذا الجانب وسط سوء التسيير وعلى وقع توالي الإضرابات حيث لا تمر أي فترة زمنية قصيرة الا وتتجدد موجة الاحتجاجات والاضرابات في هذا القطاع. وفي اليوم العالمي للصحة رغم استمرار أكبر مكسب والمتمثل في مجانية الصحة التي يكفلها الدستور الا أننا نلاحظ تدني الخدمات الصحية ما جعل الجزائر تتذيل قوائم المنظمات العالمية في التقييم رغم كل الامكانيات والموارد البشرية المتاحة. وعليه فقد مرت سياسة إصلاح المنظومة الصحية في الجزائر بعدة مراحل مختلفة منذ الإستقلال الى يومنا هذا كانعكاس للظروف التي سادت في كل مرحلة على حدى سواء الظروف السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية والبيئية ولكل سياسة عناصرها وأهدافها الا أن الهدف الرئيسي هو حماية صحة الأفراد بشكل عام فأهم عنصر فيها هو الفرد وأسمى هدف فيها هوصحته. و باعتبار أن المنظومة الصحية هي مجموعة من الهياكل والمؤسسات الإدارية والخدماتية يقوم على تسييرها أفراد ذوي مهارات وتخصصات مختلفة ويعتبرون المحرك الرئيسي لها أصبحت هذه المنظومة تواجه مشاكلو صعوبات في تحقيق الأهداف الرامية الى تحسين الخدمات الصحية التي يستفيد منها المواطن الجزائري وهذه الصعوبات تخص التنظيم الإداري والبيروقراطي من ناحية والتسيب الذي أصبح يميز معظم المنظمات الصحية فيو صعوبات في تحقيق المكونة لهذهالمؤسساتوالمحيطالخارجيلها الزبونبالمفهومالاقتصادي) وهذا ما وسع في الهوة بين المواطن (الذي يعتبر .و المؤسسات الصحية بكل أشكالها المكونة للمنظومة الصحية الخدمات الصحية في الجزائر:2- أما فيما يخص الخدمات الصحية فقد تمكنت الجزائر من تحقيق نتائج إيجابية ورائعة في تطوير الخدمات الصحية والقضاء على الموت الجماعي والتنقيص من عدد كما أن معدلات للرجال أو النساء وجاءالأعمار في الجزائر قد بلغت مستوى عال سواء كان ذلك بالنسبة مناجلتحسينالأوضاعالحصيةوذلككل هذا التحسن نتيجة الجهود التي بذلتها الجزائر من خلال وضع برنامج صحي سارت عليه وكانت نتائجه كما يلي: 1-التراجع في الأمراض المعدية 2-ظهور وارتفاع بعض الأمراض الغير معدية (المزمنة والمستعصية) 3-ارتفاع في الحوادث والصدمات الناتجة عن العنف أما فيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للخدمات الصحية فانه يعتبر التوزيع الأمثل للخدمات في مدن العالم الثالث بشكل خاص من الأمور التي يصعب تطبيقها وذلك لأن مثل هذه المدن لا تنمو أصلا ضمن ضوابط واضحة ومحددة لاستعمالات الأرض كما أن غالبية هذه المدن لا يوجد لديها تصاميم أساسية مسبقة توجه نمو المدينة بالشكل الذي يجب أن تنمو فيه 3-تقييم جودة الخدمات الصحية في المؤسسات الاستشفائية الجزائرية: إن تحليل السياسات الصحية يستدعي جملة من الاقترابات تنتمي إلى اختصاصات مختلفة حتى يمكن فهم طبيعة التفاعلات التي تحدث بين المؤسسات والمصالح والأفكار الخاصة بالفاعلين في هذه السياسات ونظار لأهمية الصحة لدى الشعوب فقد اضطلعت برسم وتنفيذ وتقويم السياسات الصحية العديد من المؤسسات الرسمية والغير رسمية الوطنية وحتى المؤسسات الدولية التي أصبحت تتدخل في الكثير من التفاصيل الخاصة بهذه السياسة فالمشاكل الصحية لم تعد شأنا داخليا بل شأنا عالميا تسيره العديد من المؤسسات الدولية وتتكاثف جهود الدول من أجل مواجهة الأوبئة والآفات العابرة للدول والقارات بفعل ازدياد حركة الأفراد وتطور وسائل النقل بل هناك ترتيبا دوريا للدول تصدره الهيئات الدولية حسب المخاطر التي تمثلها على الشعوب الأخرى ودرجة التقدم التي تحرزها في ميدان الصحة. المستخدمين الشبه طبيين في الجزائر وواقع النشاطات الشبه طبية:4- بوجود مراسيم مثل هذه تكفل التنظيم الجيد لمهام الشبه طبيين باختلاف رتبهم فان الجزائر كفلت احتواءا قانونيا لمستخدمي الصحة يمنح لهم مجالا لممارسة مهامهم وفق القانون وتنظيم المواد القانونية لكن يبقى الإشكال المطروح في تسيير المنظومة الصحية هو مدى صرامة تطبيق القانون ومنح المستخدمين حقوقهم ومحاسبتهم على الإخلال بالالتزامات الملقاة على عاتقهم إذ نجد خللا في التنسيق فيما بين مختلف شرائح موظفي الصحة من أجل ضمان تقديم خدمات صحية ذات جودة عالية وتحقيق رضاء كاف للمريض بعد تلقيه للعلاج خاصة بعد إتباع سياسات حكومية على مر حقبة من الزمن فالي أي مدى حقق النشاط الشبه طبي تنوعه في مجال تقديم الخدمة الجيدة وكذا الآداء الجيد لآداءات العلاج ؟ للإجابة على هذا التساؤل ننطلق من فراغ قانوني يعاني منه الشبه طبيون في معرفة حقوقهم المفصلة وكذا حدود مسؤولياتهم تجاه المريض ومرافقيه وتجاه الإدارة في حالة وجود نزاع ما والإشارة هنا حول قانون الأخلاق. (code de déontologie) فبمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 11-92 المؤرخ في 24 فبراير 2011 والذي حول مدارس التكوين الشبه الطبي إلى معاهد وطنية و بالإسقاط على واقع التعليم للمستويات العليا لطلبة الشبه الطبي فان مادة التشريع والمسؤولية وأخلاق المهنة تكون مرسخة للتدريس لأنه تحتوي وتتماشي مع النشاط الشبه الطبي الذي يمارسه المتخرجون بعد تعيينهم في المستشفيات. نفس الشيء بالنسبة للمرسوم رقم 11-93 المؤرخ في 24 فبراير 2011 الذي يحول المعهد التكنولوجي للصحة العمومية بالمرسى (الجزائر ) إلى معهد وطني للتكوين العالي شبه طبي فمن المفروض يوجد قانون أخلاق مهنة الشبه طبي ليوضح أهم الدروس التي ستلقن للطلبة خاصة ما يقوي الجانب الإنساني فيهم لأداء مهامهم مع المريض. و بناء على المرسوم التنفيذي 11/319 المؤرخ في 9 شوال 1432 ه الموافق ل 7 سبتمبر 2011 تم تحويل مدرسة التكوين شبه الطبي إلى معهد للتكوين شبه الطبي ويعمل المعهد حاليا على ضمان التكوين شبه الطبي المتخصص لاسيما مساعدي التمريض للصحة العمومية وأعوان رعاية الأطفال ومساعدي جراحي الأسنان للصحة العمومية كما يتكفل المعهد بضمان كل عمليات التكوين المتواصل ومتابعته وتجديد المعارف وتحسين المستوى لمستخدمي الصحة عموما بالإضافة إلى مساعدة مؤسسات الصحة في تنظيم وإعداد برامج التكوين المتواصل. أهم الأنشطة الشبه الطبية:* *تقديم العناية التمريضية حسب الأصول المعتمدة في المركز الصحي والمشاركة في تنفيذ خطة العناية تحت إشراف الممرض. *تأمين حاجات المرضى على الصعيدين الجسدي والنفسي والاجتماعي *تطبيق الأوامر الطبية للمريض حسب الأصول المعتمدة وتحت إشراف الممرض *حماية المريض وضمان سلامته *التواصل الفعّال مع المرضى عائلاتهم والفريق الصحي *توثيق المعلومات عن المريض بدقة وحسب القوانين المنصوصة على الإجراء *استخدام التقنيات الحديثة بدقة وفعالية في تقديم العناية وذلك تحت إشراف الممرض *المشاركة في مشاريع ضمان جودة العناية و تبقى تنوع النشاطات الشبه الطبية بحسب تخصص الدراسة والذي يشمله النظام الأساسي للشبه الطبيين وفق ما نصت المادة 241 بما يلي: يكلف الإطارات الشبه الطبية وكل في شعبته تحت سلطة الممارس الطبي ورئيس المصلحة لا سيما: تنظيم الخدمات العلاجية والسهر على استقبال وراحة المريض* *مراقبة عمل الفرق الشبه طبية *السهر على الاستعمال العقلاني للمواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية والعتاد الطبي وصيانته والحفاظ عليه. *المساهمة في تقييم الاحتياجات من المستخدمين الشبه طبيين تحرير تقرير نشاط المصلحة* أما المادة 242 من نفس القانون فهي تنص على: *يكلف منسقو النشاطات الشبه الطبية كل في شعبته وتحت سلطة المسؤول السلمي ولا سيما ما يأتي: تنظيم نشاطات المستخدمين الشبه الطبيين وتقييمها وتنسيقها* *السهر على استقبال المريض وراحته ونوعية الأعمال الشبه الطبية وترقيتها وتطوير النظافة الاستشفائية. *المشاركة في دراسة المسائل المتعلقة بتكييف التقنيات الجديدة بالتعاون مع إطارات الشبه الطبي *إعداد تقرير نشاط الهيكل و لكي يتم التجسيد الفعلي لكل هذه المهام توجد مديرية فرعية على مستوى المستشفيات الجزائرية مختصة بالنشاط الطبي والشبه الطبي ربما التسمية فقط تختلف بحسب طبيعة الترتيب الهيكلي للمستشفى ان كان من فئة أ أو ب أو ج وتعمل وفق نظام حدده القانون: فمثلا نجد في المستشفى الجامعي لبني مسوس وحسب النظام الداخلي المعمول به فان المديرية الفرعية للنشاطات الطبية تحتوي على ثلاث مكاتب هي: *مكتب التقييم والتنظيم *مكتب العلاجات *مكتب المتربصين و كل مكتب له مهامه ودوره ويصب في مجموع الأنشطة الشبه الطبية وما يعاب على هذه التنظيم هو عدم وجود قانون لأخلاقيات المهنة. و هذا النقص أو هذا الفراغ القانوني يجعل واقع النشاط الشبه الطبي يشوبه بعض العجز ويمكن استغلال الفراغات في غير اتجاه تحقيق المنفعة سواء الشخصية للشبه طبي من معرفة للحقوق وللواجبات أو مهنية من فهم حدود النشاط الشبه الطبي وكذا مردودية العمل من حيث المشاركة في التكوين والترقية للنهوض بالصحة الجزائرية إلى مصاف الرقي. و يمكن الإشارة كذلك إلى نقص المؤلفات في المجال التسيير الشبه الطبي وهو ملاحظ على مستوى المكاتب الجزائرية أو المعاهد وأركز تحديدا فيما يتعلق بتسيير وتنظيم النشاط الشبه طبي في الجزائر ما يجعل ترتيب أولوية اللحاق بالركب الحضاري في المجال الصحي له عراقيله وليس صعبا أن لا يجد حلولا خاصة أن هناك إرادة فاعلة تريد النهوض بالقطاع. النتائج: *إن واقع الصحة يحتاج الى تحسين في جوانب ما يترتب عنه ظهور الرغبة في حل مشاكل ونقائص من شأنها أن تعرقل السير الحسن للتنظيم الصحي ونقص الموارد البشرية في الشبه الطبيين من شأنه أن يترك فراغات لتخصصات لهذا النشاط في المستشفيات الجزائرية سواء العمومية أو الخاصة ولا يمكن تدارك هذه النقص إلا بفتح تكوين دوري وبأرقام مرتفعة في طلبات الطلبة الراغبين في الانتماء لهذا التخصص. *نقص العتاد واللوازم لممارسة الآداءات العلاجية على أكمل وجه يسبب تعثر في رسكلة تحقيق الجودة المطلوبة في النشاط الطبي خاصة في المصالح الاستعجالية وهو ما أضحى واضحا في واقع الصحة لدينا اليوم من عدم أداء العلاجات كاملة أو عدم آدائها كلية خلق ثغرات شبه طبية في العمل التمريضي وهو ما ينعكس سلبا على تحقيق الرضى للمريض وكذا الطاقم الساهر على سلامته وراحته. *نقص بعض برامج التكوين سواء فيما يتعلق ببرمجة مؤتمرات وطنية أو دولية من شأنه تأخير عجلة اللحاق بالتطور الحاصل لدى الدول الأخرى في جميع الأصعدة الصحية وليس حكرا فقط على النشاط الشبه الطبي. *نقص أساليب التحفيز والتشجيع للطاقم الشبه الطبي من شأنه أن يبعث على الملل وعدم الإقبال على العمل بهمة عالية وحب للمهنة وهو ما يفسره عزوف الكثيرين عن الإقبال على مهنة التمريض ما لم يتم تحسين ظروف العمل وتوفير اللوازم الضرورية. التوصيات والمقترحات: *وضع لجنة على مستوى وزارة الصحة مهمتها وضع مقترحات مشاريع قوانين أو تعديلها لطرحها على أعلى مستوى كالبرلمان مثلا بعد أن تكون هذه اللجنة قد استقبلت انشغالات فئة الشبه طبيين من الميدان وبعد أن تكون قد جست نبض هذا الواقع ميدانيا للوقوف على أهم المشاكل الحقيقية ومعرفة أسبابها وبالتالي وضع حلول تنظيمية من خلال تعليمات يصدرها وزير الصحة أو المشاركة في تفعيل الحراك القانوني فيما يتعلق بالنشاط الشبه طبي وسد ثغرات نقص القوانين. *إنشاء قانون أخلاقيات مهنة الشبه الطبي تحدد كيفية احترام المهنة في حدا ذاتها وكيفية التعامل مع المريض وأهله ومع إدارة المؤسسة الصحية وإن لزم الأمر حتى معرفة كيفية حل النزاعات التي قد تنشأ لسبب من الأسباب.. *إضفاء صفة تحسين الآداء العلاجي للممرضين بإدخال تقنيات علاجية جديدة ما يبعث على الرضى للمريض وكذا إضفاء رصيد تقدمي للصحة في الجزائر. *إعداد إستراتيجية إحصاءات واستراتيجيات للآداء الشبه الطبي من أجل تقييمه عبر مراحل أو فترات سواء بدراسات ثلاثية أو سداسية أو سنوية لمعرفة مستوى التحسين في الآداء انطلاقا من واقع مدروس الأبعاد ووصولا إلى تحقيق المأمول. يبقى النشاط الشبه الطبي من أرقى الأنشطة الصحية وأهمها ويحتاج إلى تطوير وتحسين تماشيا مع نمو الكثافة السكانية وظهور بعض الأمراض والفيروسات الجديدة المتأثرة بمناخ متقلب ومستويات معيشة مختلفة لها تأثيرها السلبي على صحة المواطن والمريض على السواء وشعار الصحة في ذلك: آداء شبه طبي جيد هو تحقيق لنوعية علاج رفيعة من أجل تحقيق واقع مأمول يتطلع إليه الكثيرون سواء من مستخدمي الصحة أو من مستفيديها وللبلد حصيلة في ذلك هو ترقية للقطاع الصحي وبالتالي دفع بعجلة التطور نحو الأمام.. الرقي بالآداء الشبه الطبي ضرورة حتمية للارتقاء بالصحة فبالعلم نتطور وبفهم المهنة نرتقي.