لا شك أنك تختارين كل ما هو مناسب لطفلك وأنك حتى في كلماتك تحرصين على اختيار الأفضل وما سيصب في صالحه ويعزز ثقته بنفسه ويسهم في تطور شخصيته. لكن هناك بعض الكلمات التي تستخدمينها بغرض تشجيع طفلك وعلى عكس النتيجة المتوقعة لذلك فقد تتسبب هذه العبارات في إيذاء طفلك أكثر من إفادته ويكون لها وقع سلبي على شخصيته تعرفي على التفاصيل في السطور التالية: - لمَ قد تحمل بعض العبارات التشجيعية أثرًا سيئًا على طفلي؟ إنك بلا شك تعتمدين على العبارات التشجيعية كبديل عن الانتقادات أو العبارات التشكيكية التي كان يعتمد عليها الآباء والأمهات فيما مضى لتحفيز أولادهم لكن في المقابل اعتياد طفلك على سماع العبارات التشجيعية طوال الوقت أو سماع عبارات معينة دون غيرها قد يحوله إلى كائن نرجسي معتز بذاته أكثر من اللازم معتاد على سماع كلمات المدح والتشجيع حتى إن لم يفعل أي شيء يستحق ذلك. وهذا ما أكدته إحدى الدراسات بجامعة أوهايو حيث أشارت إلى أن تفشي ظاهرة النرجسية بين الأطفال والمراهقين في هذا الزمن يعود إلى مبالغة الأهالي في مدح أولادهم خصوصًا عند تحقيق إنجازات صغيرة أو لا تُذكر ومن المهم هنا التفرقة ما بين تقدير الذات الذي تسعى الأمهات لتحقيقه بالتشجيع المستحق وبين النرجسية التي تنشأ بفعل المبالغة في المدح وعبارات التشجيع فالأولى تعني أن طفلك لا يشعر بأنه أقل من الآخرين ولكنه جيد تمامًا بقدر الآخرين أما النرجسية فتعني أن طفلك يشعر بأنه أفضل من الآخرين وهذه صفة لا بد ألا تتطور عنده أبدًا. - ما هي عبارات التشجيع التي يتعين عليكِ تجنبها أو التقليل منها؟ من الضروري للغاية التفريق بين التشجيع والمدح طفلك يحتاج للتشجيع من وقت لآخر حتى لا يفقد ثقته بنفسه لكن احرصي على ألا يتحول هذا التشجيع إلى المبالغة في المدح وخصوصًا إذا لم يكن هذا المدح صادقًا. إنك لعبقري كم أنك رائع وما إلى ذلك إذا نجح في عمل أي شيء في المقابل يمكنك مدح الفعل ذاته على سبيل المثال يمكنك القول: كم أحببت أنك نجحت في... أو كنت فخورة للغاية لأنك قمت ب... . واحرصي على أن يكون المدح والتشجيع صادقًا ومرتبطًا بعمل ما قام به الطفل. إنك أجمل طفلة بالعائلة أو إنك أذكى طفل بالصف وغيرها من عبارات التشجيع والمدح التي تحمل مقارنة مع الآخرين بين طياتها. في واقع الأمر أحيانًا ما ستلاحظين أن مثل هذا المدح المبني على المقارنة محفز لطفلك لكن هذا لا يعني أنه يخلو من الجوانب السلبية. فهذا النوع من المدح يعود الطفل على التنافسية طوال الوقت ونجاحه سيكون مرتبطًا بكونه أفضل من الآخرين لا بتحقيق ما يريد. قد يكون محفزًا إذا كان الطفل هو بالفعل الأعلى من حيث التحصيل الدراسي بالصف فماذا إذا تراجع تحصيله الدراسي؟ هل تتخيلين كم ستتأثر صورته عن نفسه؟ هناك عبارات تشجيع قد تتسبب في أن يفقد الطفل ثقته بنفسه مثلًا إذا قلت لطفلك: كم أنت ذكي إذا فعل شيء ما سرعان ما سيتحول شعوره إلى العكس إذا فشل في تحقيق شيء ما لأنه سيشعر بأن ذكاءه مرتبط بالدرجة العلمية أو إنجاز المهمة المسندة إليه أيًّا كانت. التفوه بعبارات مثل ابني الرائع ينهي طبقه بالكامل أو ابني يأكل الكوسة في كل مرة يفعل الطفل ذلك خصوصًا أنه يفعلها بمفرده دون ضغط أو مجهود منك يجعله يفقد حماسه تجاه هذه الأشياء مع الوقت لأنه يحصل على مدح مبالغ فيه مقابل شيء يفعله بالأساس من تلقاء نفسه أو يحبه وبل وسيشعر أنه يفعل شيئًا زائدًا في حين أنه يفعل أشياء عادية لا تستحق كل هذا المدح. - كيف تتعاملين مع طفلك إذا لاحظت أنه يتصرف بنرجسية؟ - اجعليه يشعر بالآخرين ولا تقومي بذلك بالكلام النظري بل من خلال التجارب العملية وأولها عن طريق تصرفاتك أنت. مثلًا اسأليه عن أصدقائه وتعرفي على مشاعره ناحيتهم وحاولي تقويمها واحرصي أيضًا على أن يشاركك بعض الأنشطة الخيرية من فترة لفترة لتغرزي به أهمية التفكير في الآخرين كذلك. - علميه أهمية تحمل مسؤولية أفعاله وقراراته. ومن فترة لأخرى احرصي على أن يتخذ قرارًا ما في أمور بسيطة على أن يتحمل نتائج هذا القرار دون تدخل منك. - قوِّميه وفهميه ضرورة أن يتحمل مسؤولية أخطائه إذا لاحظت إنه قد أخطأ ويحاول التملص من هذا الخطأ بإلقاء اللوم على الآخرين. وفي النهاية لا تحملي طفلك فوق طاقته ولا تلقي عليه عبء تحقيق أحلامك التي لم تستطيعي تحقيقها بنفسك بل علّميه أن يتقبل ذاته كما هي وأن يصنع أحلامه ويرسم طريقه بنفسه. طفلك يحتاج إلى تشجيعك لكنه لا يحتاج المبالغة في التشجيع أو المدح غير الصادق الذي قد يؤذيه عوضًا عن ذلك.