** ولدت أنا وزميلي في حي شعبي ولما كبر زميلي انحرف عن طريق الجادة، ووالدي دائماً يزجرني عن معرفته ومصاحبته لأنه شر ولا يأتي من ورائه أي خير، فهل والدي على حق في هذا التوجيه؟ * يجيب الشيخ زكريا نور من علماء الأزهر الشريف: نعم يا بني إن والدك على حق في توجيهك والبعد عن صاحبك الذي يجلب الشر وصدق رسول الله "صلى الله عليه وسلم" إذ يقول "والرجل راع وهو مسؤول عن رعيته" ولتعلم يا بني أن والدك حريص على مصلحتك وهو أدرى بمن تصاحب وعليك أن تطيعه فيما فيه خيرك ونفعك· وقد حذر الشارع الحكيم من مصاحبة الأشرار لما فيها من الضرر الدنيوي والأخروي لأن مشاهدتهم تهون الشر على القلب وتبطل نفوره عنه· والطبع مجبول على التشبه والاقتداء بالمجالس والمصاحب· بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري ومن الشر: الحرص البالغ على الدنيا وجمعها وكيف لا وحبها رأس كل خطيئة، فمجالسه الحريص على الدنيا وصحبته أخطر من السم القاتل· وقد قال الله تعالى "ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً" 28 سورة الكهف· وقال أيضاً "واتبع سبيل من أناب إلي" 15 سورة لقمان· وعن النبي "صلى الله عليه وسلم" إذ يقول "تحببوا إليّ ببغض أهل المعاصي، وتقربوا إليّ الله بالبعد عنهم واطلبوا رضا الله بسخطهم"· وقال بعضهم "صحبة الأشرار تورِّث سوء الظن بالأخيار" وقال بعض العلماء "لا تصحب إلا أحد رجلين: رجل تتعلم منه شيئاً من دينك فينفعك، أو رجل تعلمه شيئاً من أمر دينه فيقبل منك، والثالث فأهرب منه"· وقال الإمام جعفر الصادق رحمه الله تعالى "لا تطلب خمسة: الكذاب فإنك منه على غرور، وهو مثل السراب يقرب منك البعيد، ويبعد منك القريب، والأحمق فإنك لست منه على شيء يريد أن ينفعك فيضرك، والبخيل فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه، والجبان فإنه يسلمك ويفر عند الشدائد، والفاسق فإنه يبيعك بأكلة وأقل منها· قيل: فما أقل منها؟ قال الطمع فيها"·